قصة سيدنا شعيب
قصة سيدنا شعيب
في أطراف الشام من البحر الميت ومن خليج العقبة ، كانت هناك قرية تسمى قرية مدين ،
وكان أهل مدين من العرب ،
وكانوا أشد الناس كفرا بالله ويعبدون شجرة من دون الواحد القهار ،
الله رب السموات والأرض وكانوا يسمون الشجرة ، شجرة الأيكة.
كانت أخلاق هؤلاء القوم من العرب في غاية السوء والشر الكبير ،
يعملون بالتجارة فإذا أراد أحد أن يشتري منهم شيئا غالوا في الأسعار ، وانقصوا الميزان ،
أما إذا أرادوا أن يشتروا خفضوا الأسعار ، واستوقفوا الميزان.
أرسل الله عز وجل إليهم رجلا منهم ، عرف بحسن الخلق وسماحة النفس ، كان هذا الرجل عذب الحديث قوي الحجة ،
أتاه الله الفصاحة والبلاغة في الكلام ، حتى سمي ” خطيب الأنبياء ” وهو سيدنا شعيب عليه السلام.
إستخدم سيدنا شعيب عليه السلام مع قومه كل ما أوتي من فصاحة وبلاغة وأخذ يدعوهم إلى عبادة الله عز وجل ،
وترك عبادة الشجرة التي يعبدونها ، وأن يعطوا الناس حقوقهم ولا يغشوا في الميزان ويتقوا الله ،
ولكن هؤلاء الكفار لم يسمعوا كلام شعيب عليه السلام ، ولم يستجيبوا له ،
وتشاور كبراؤهم في أمره فقالوا ، لابد أن شعيبا يحتاج إلى بعض المال ، هيا نجمع له الأموال ونعطيها له.
لكن سيدنا شعيب عليه السلام ، رد عليهم قائلا ، وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ،
ولما لم تفلح هذه الحيلة مع شعيب عليه السلام ،
بدأ قومه يسخرون منه ومن كثرة عبادته فقالوا له ساخرين أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد
إقرأ أيضا: عكرمة بن عمرو بن هشام والده الملقب بأبي جهل
فأخبرهم أنه لا يأمرهم بشيء إلا ويفعل مثله.
لم ييأس شعيب عليه السلام من دعوة قومه ، وأخذ يذكرهم بنعم الله عليهم حيث بارك لهم في أولادهم وأرزاقهم ،
وحذرهم من نقمة الله وعذابه للمفسدين والكافرين وقال لهم :
واذكروا إذا كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين.
ثم حذرهم شعيب عليه السلام من كفرهم ، ومخالفتهم لما جاء به ،
لأن ذلك يعرضهم لسخط الله وغضبه كما حدث مع الأقوام السابقين فقال لهم ،
ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد.
وسلك شعيب طريقا آخر غير طريق التهديد والتخويف من عذاب الله وهو طريق النصح والترغيب في ثواب الله عز وجل ،
وأنه سوف يغفر لهم ، فقال لهم ” واستغفروا ربكم ثم توبوا اليه إن ربي رحيم ودود ”
لم يؤمن مع شعيب عليه السلام ، إلا نفر قليل من قومه وكان المشركون يمنعون الناس من الوصول إلى شعيب عليه السلام ،
ليمنعوا الناس ويهددونهم بالأذى إذا ذهبوا إلى شعيب فقال لهم شعيب علية السلام ،
ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا.
وفي أحد الأيام ذهب شعيب إلى قومه وظل يدعوهم إلى عبادة الله ولكنهم قالوا له يا شعيب نحن لا نفهم ما تقول ،
وما أنت إلا رجل ضعيف ولولا قومك لرجمناك بالحجارة فقال لهم وهل قومي وقرابتي أعز عليكم من الله ومما أدعوكم إليه ،
إن الله عليم بما تفعلون وسوف يعاقبكم على أفعالكم.
وهنا تجمع المشركون وقالوا لشعيب والذين آمنوا معه لنخرجنكم من قريتنا أو تعودون إلى ديننا ودين آبائنا ،
فرد عليهم المؤمنون لن نرجع إلى دينكم بعد أن نجانا الله منه ،
ثم توجه شعيب عليه السلام والذين آمنوا معه ، إلى الله عز وجل بالدعاء أن ينصرهم على القوم الكافرين وقالوا :
ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين.
إقرأ أيضا: 20 معلومة رائعة عن الرسول صل الله عليه وسلم
ولما إستمر أهل مدين في كفرهم وعنادهم الشديد ، أرسل الله عليهم حرا شديد ، وأسكن الله الريح والهواء عنهم ،
فلم يفلح مع هذا الحر ظل ولا ماء ، فإذا إختبؤوا في البيوت وجدوها أشد حرا من الخارج ،
وإذا دخلوا في السراديب ليحتموا من الحر ، وجدوها أشد حر وظل ذلك سبع أيام كاملة.
فلما يئسوا من الحر هربوا إلى خارج القرية في الصحراء فجاءت سحابة عظيمة ، فتجمعوا تحتها وشعروا بالنسيم البارد ،
فلما تجمعوا كلهم تحتها إنفجرت بالبرق والرعد وزلزلت الأرض من تحت أقدامهم فأهلكهم الله عز وجل ، ونجى الله شعيبا والذين آمنوا معه.