قصة من أشهر عشرة قصص حب عند العرب جميل وبثينة
حدثت قصة حب جميل وبثينة في العهد الأموي ، حيث يحكى أن جميل رأى بثينة وهو يرعى إبل أهله ،
وجاءت بثينة بإبل لها لترد بها الماء ، فنفرت إبل جميل ، فسبها ، ولم تسكت بثينة وإنما ردت عليه وسبته هي أيضا!
وبدلاً من أن يغضب أعجب بها ، واستملح سبابها فأحبها وأحبته ،
وكانت هذه قصة لقائهما أول مرة ، ويقول جميل في ذلك الموقف :
وأول ما قاد المودة بيننا
بوادي بغيض يا بثين سباب
فقلنا لها قولاً فجاءت بمثله
لكل كلام يا بثين جواب
ويحكى أن جميل كان حلو القسمات ، حسن الخلقة ، طويل القامة ، كريم النفس ، باسلاً وشاعراً من عشاق العرب ،
افتتن “ببثينة” وهي من فتيات قومه ، حتى أصبح يُلقب بـ “جميل بثينة” وخطبها ،
ولكن أهلها منعوه عنها ، وزوجوها من فتى آخر ، فانطلق ينظم الشعر فيها ، ومن شعره عنها :
أُصلي فأبكي في الصَّلاةِ لذكرها
ليَ الوَيْلُ مما يكتُب الملِكانِ
ضَمنت لها ألَّا أهيمُ بغيْرها
وثِقت مِني بغيرِ ضِمانِ
وأخذا يلتقيا سراً حتى بعد زواجها ، فجمع له قومها جمعاً ليأخذوه إذا أتاها خفية ، فحذَّرته بثينة فاستخفى ، وقال :
فلو أن الغادون بثينة كلهم
غياري وكل حارب مزمع قتلي
لحاولتها إما نهاراً مجاهراً
وإما سرى ليلٍ ولو قطعت رجلي
إقرأ أيضا: أنا سعود وهذه قصتي مع السفر والمرض
وأخذ جميل يهجو قوم بثينة في شعره ، فاشتكوا عليه “مروان بن الحكم” وهو يومئذ “عامل المدينة” ،
فنذر ليقطعن لسانه.
فخرج جميل من البلاد هائماً ، ثم نزل إلى مصر وافداً على “عبد العزيز بن مروان” والذي أكرمه وأمر له بمنزل ،
ويحكي لنا “سهل بن سعد الساعدي” عن جميل قبل وفاته قائلاً :
“دخلنا على جميل أنا ورجل من أصحابي ، وما يخيل لي إلا أن الموت يشتد عليه ، فقال لي جميل :
“يا بن سعد ، ما تقول في رجل لم يزنِ قط ، ولم يشرب الخمر قط ، ولم يقتل نفساً حراماً قط ،
ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله؟
فقلت : أظنه والله قد نجا ، ولكن من هذا الرجل؟
قال جميل : “أنا هو”.
قلت : “والله ما سلمت يا جميل وأنت منذ عشرين سنة تتغزل ببثينة!
فقال لي : “إني في آخر يوم من أيام الدنيا ، وأول يوم من أيام الآخرة ،
فلا نالتني شفاعة محمد “صل الله عليه وسلم” يوم القيامة إن كنت “وضعت يدي عليها لريبة” قط” .
أي أنه لم يمسها ولم يضع يده عليها طوال تلك السنين!
فما قمنا حتى مات ، وجاءت وفاة جميل -رحمه الله- عام ٨٢ هـ – ٧٠١ م.
ومما قاله في حبه لبثينة :
يَموتُ الهَوى مِنّي إِذا ما لقيتُها
وَيَحيا إِذا فارَقتُها فيعودُ
يَقولونَ جاهِد يا جَميلُ بغزوةٍ
وَأَيَّ جِهادٍ غَيرُهُنَّ أُريدُ
لِكُلِّ حَديثٍ بَينَهُنَّ بشاشةٍ
وَكُلُّ قَتيلٍ عِندَهُنَّ شهيدُ