قصص منوعة

قصص نجاح

قصص نجاح

كنت أود أن أضيف لعبارة قصة نجاح عبارة أخرى وهي عبرة ، لأن القارئ عموما والقارئة خصوصا ،

عليها أن تتعلم من أخطاء الآخرين كي لا تقع في المحظور ولا تخسر الوقت والجهد في الطريق الذي لا يوصلها لمبتغاها.

أنا شابة في أواسط الثلاثينات ، عازبة ، يتيمة الأب ، والأخت الصغرى لبقية الإخوة.

حصلت على الباكالوريا سنة 2004 شعبة الآداب العصرية التي تم تقسيمها لشعبتين في المقرر الجديد.

إلتحقت بالجامعة شعبة اللغة الإنجليزية ، كنت عاشقة للشعر بالعربية ومغرمة بأغاني المغنية الكندية سيلين ديون.

وخلال دراستي الجامعية تعرفت على شاب يدرس في سنته الثانية شعبة الرياضيات ،

كان شابا طويلا ووسيما زاده الخجل وسامة.

كنا صديقين في البداية وبعد ذلك خضنا غمار علاقة دامت 5 سنوات ،

منها سنة عن قرب والبقية كنت أراه فيها مرتين في السنة فقط.

كنا نتواصل عبر الهاتف الذي أدفع أنا فاتورته ، ولأنه من وسط فقير و أنا من عائلة لها مدخول محترم

( تقاعد أبي المتوفى + مداخيل إخوتي الذكور).

فقد كنت أبعث إليه المال كلما طلب مني ذلك ، هذا لكونه يحس بالدونية في مدرسة الهندسة التي إلتحق بها في السنة الثالثة.

و عندما تزوج إخوتي الذكور ورحلوا عن المنزل ، إضطررت لبيع منتجات نسوية للجارات والمقربات ،

وفي صفوف الطالبات كذلك كي أبعث له المال ، ما دفعني لإهمال دراستي بالكامل.

فكان كل وقتي يهدر بين أعمال المنزل وتجارتي البسيطة تلك.

وبحلول سنة 2008 تخرج كمهندس دولة وبدأت سلسلة البحث عن العمل ،

إستعنت بكل معارفي من زوجات الأغنياء لأحصل له على فترة تدريب في مدينة الدار البيضاء.

فكنت أبعث إليه النقود وتعبئات الهاتف وبقينا على إتصال بدأ ينقطع شيئا فشيئا دون أن أعي أنها بداية النهاية.

إقرأ أيضا: إنتماء

كنت ألتمس له ألف عذر دون أن أفكر ولو للحظة أنه ينسحب من حياتي.

1 3 4 10 1 3 4 10

وجائت لحظة الحسم ذات يوم عندما كنت في فترة الحيض وكنت شبه منهكة ومنهارة نفسيا ،

إتصلت به لأوبخه فإذا به يخبرني أن علاقتنا لا جدوى منها ،

وأن الأفضل لكلينا هو أن يشق كل منا طريقه بعيدا عن الآخر ،

ثم بدأ بسرد عيوبي ونسي كل الوقت والجهد والمال الذي خصصته له.

إنتهت علاقتنا وعشت فترة إكتئاب دامت شهرين لم أرى فيهما الشمس ولا القمر.

لازمت المنزل وأقفلت الهاتف ، حتى أمي لم تعي السبب رغم أنها كانت تشك ،

إلى أن جائت اللحظة التي قررت فيها تغيير حياتي فعليا ولكن جذريا ،

فالتغيير يأتي بالتدريج لا دفعة واحدة ، وقد قرأت كتب إبراهيم الفقي وطومي ويليامز وغيرها لكنها لم تجدي نفعا معي.

ما نفعني حقا هو رؤيتي للأمور من زاوية مختلفة ،

لقد عرفت أنني أنا المخطئة حينما إستثمرت في البشر ولم أستثمر في نفسي ،

ورغم ضياع نصف عقد من حياتي إلا أنني تعلمت فيه أمورا جيدة جدا وهي كالتالي :

مستقبل الإنسان مرتبط بنفسه لا بغيره.

علي أن أكون أكثر أنانية حتى أصل لأهدافي ، وبعد ذلك يمكنني العودة للإنسانية.

التجارة هي خير وسيلة للحصول على المال ، عكس الوظيفة العمومية والأجرة عند الخواص

تعلمت كذلك مهارات البيع والإقناع خلال ممارستي لتجارة مواد التجميل.

كل ما ذكرته سابقا دفعني للتفكير في عمل مستقل وأكثر جدية ، خاصة بعدما بدأت مطالب إخوتي بالإرث ،

ما جعلني أحس بضغط أكبر وألغي عودتي لأقسام الدراسة ثم أكرس وقتي للعمل.

تمكنت بفضل الله وأمي ، من فتح محل صغير لمواد التجميل سنة 2011 بعد بيع أمي لمجوهراتها.

إقرأ أيضا: صديقتي منذ سنوات طويلة درسنا من الإبتدائية وحتى تخرجنا معا

ثم إنطلقت في مسيرتي التجارية التي توجتها بمقاولة ذات نشاط تجاري سنة 2014 لأبدأ الإستيراد أولا قبل أن أتوجه للتصدير ،

بالمشاركة مع تعاونيات نسوية ما حقق لي أرباحا جدا محترمة.

تقدم لخطبتي الكثيرون خلال مسيرتي تلك ، لكنني عزفت عن فكرة الإرتباط خاصة أن معظمهم يغريه منظر شابة ،

تملك سيارة ومستقلة ماديا.

لا أخفيكم سرا أنني أتلذذ برفض مقترحاتهم ، لكنني لا أعمم حتى لا أقع في الخطأ.

وبعد مرور سنوات عدت لإكمال إجازتي في الأدب الإنجليزي ، وتفرغت للعمل نهارا ودراسة شعبة ” تسيير المقاولات ” ليلا ،

لأحصل بعدها على ديبلوم ثم إجازة مهنية ، وحاليا أستعد للترشح لمباريات الدراسات المعمقة (ماستر).

كل هذا كان بفضل الله أولا وأمي وعزيمتي القوية ،

خاصة بعدما عرفت أن ذاك الشخص الذي أسميه الصفعة التي أيقظتني من وهم حلم إسمه الحب.

تركني لأنني لا أليق بمستواه ، كونه مهندس دفعه للبحث عن فتاة تحمل نفس صفاته ،

وأنا بالنسبة له مجرد طالبة أدبية لا تسمن ولا تغني من جوع ،

ولكن الطالبة تحولت لمالكة مقاولة ، ولا زال هو يتخبط بين الشركات بحثا عن وظيفة مناسبة ،

ولا ألومه عن ما فعله بي ، لأن الجميع يتم خداعهم في فترة من فترات حياتهم ،

لكن الغبي هو يبقى مخدوعا طيلة حياته.

وقبل الختام أريد الإشارة أنني لا زلت أحتفظ بكل الأشعار التي كتبتها من أجله ،

ولا زلت عاشقة للشعر ولأغاني سيلين ديون ، لكن الفرق هو أنني أتذوقها بطعم آخر وبلساني الخاص لا بلسان مشترك ،

لذا لا تكرهوأ أشياء تحبونها بسبب ما تحمله من ذكريات مع أشخاص سيئيين مروا من حياتك.

وكي لا أنسى نقطة أخيرة وهي أنكم ستتخيلون أنني أكرهه ،

لكني سأخبركم أنني لا أكرهه ولا أحبه.

وما أعشقه هو نفسي وأمي والعمل.

وآخر الكلام هي رسالة أوجهها لكل شخص بغض النظر عن جنسه ، و هي كالتالي :

في رحلتك نحو المستقبل ، لا تضع الماضي أمامك فيكون عائقا نحو تقدمك ،

بل ضعه في الخلف كي يكون حافزا لك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?