قصص منوعة

قطة الرماد الجزء الثالث

قطة الرماد الجزء الثالث

فتحت الغولة الباب ودخل زوجها وهو يحمل على ظهره ظبيا سمينا ألقاه على الأرض ثم جلس ومسح جبينه من العرق ،

وقال : الصيد اليوم كان جيدا لقد كان هناك أيضا صبي من أبناء الإنس في الحفر التي أقوم بها للحيوانات ،

وهو هناك منذ أيام الخبيث كلما سمع صوتي غطى نفسه بأوراق الأشجار لكي لا أراه ،

لكن إشتد به الجوع فحاول الخروج وهنا رأيته لقد هزل بدنه سأحضره غدا وأطعمه حتى يسمن ثم نأكله ،

فمن مدّة طويلة لم أذق طعم الإنس.

قالت الغولة بسعادة : لقد قبضت على بنت وسأقتلها غدا بيدي وأقدد لحمها وشحمها للشتاء.

رد الغول عظيم لابد أن نحتفل بهذا الصيد الوفير غدا لي برميل من الخمر المعتق سأخرجه وأشرب حتى الصباح.

كانت قطة الرماد تسمع بانتباه وارتاحت كثيرا ، فإبن المحتال لا يزال حيا ، وستتبع الغول لمعرفة مكانه.

لكنها كانت جائعة جدا فأكلت هي وأختها الدّيدان و الأعشاب وقالت في نفسها :

لقد تعودنا بالطعام السيء وهذا ليس أسوأ منه.

عندما حلّ الصباح خرج الغول مبكرا فتبعته قطة الرماد وأختها من بعيد ، وأثناء سيرهما مرتا على حفرة وكان فيها ثعلب.

قالت قطة الرماد لأختها عندي فكرة تغطين هذه الحفرة بالأغصان وأوراق الشجر ،

وتجعلين علامة حمراء عليها ، قالت أختها هل ينفع رباط شعري؟

أجابتها نعم هذا رائع جدا عندما تنتهين عليك بالصعود على شجرة والإختفاء ،

لا أعرف ما يمكن أن يحصل أومأت لها أختها بالإيجاب.

كان الغول يتنقل ببطء ومن السهل إتباعه دون أن يحس بذلك ، وبعد فترة قصيرة وصل أمام أحد الحفر ثم إنحنى ومد ذراعه الطويلة وسحب صبيا ،

وعندما رأته البنت شهقت فقد كان ابن المحتال.

أخذ الغول حبلا وأوثقه جيدا ثم هم بوضعه على كتفه والرّجوع به.

إقرأ أيضا: أحيانا الحاسد يصنع لك مجدا

فجأة أحس بحجر أصاب مؤخرة رأسه فالتفت غاضبا وراءه وصرخ من يجرأ على ذلك من الإنس والجن.

1 3 4 10 1 3 4 10

أشارت له قطة الرماد وقالت له أنا أيها الوغد لم تعد تخيف أحدا في هذه الغابة.

إلتقطت حجرا آخر ورمته به فأصاب جبينه ،
فاحمرت عيناه وترك الصبي وجرى ورائها.

كانت الأرض تهتز لجريه ، فزعت الحيوانات وطارت الطيور في السماء وهربت الفراشات.

كانت قطة الرماد سريعة العدو وكانت تقفز مثل الظباء ، لكن الغول كان قويا ولحق بها كان ورائها تماما ،

في هذه اللحظة رأت رباط أختها الأحمر مد الغول يديه ليقبض عليه لكنّها أفلتت وقفزت بكل قوتها ،

وسمعت ورائها صوت سقوط شيء ثقيل تبعه صرخة عظيمة رددتها الجبال والوديان.

إقتربت بحذر وجدت الغول مكوما في الحفرة وقد كسرت أضلاعه ، فلم يعد قادرا على الحركة.

نزلت أختها من الشجرة وقد عمّتها الفرحة ،
قالت لها قطة الرماد بسرعة يجب مساعدة الصبي ،

فإنه في حالة يرثى لها.

عندما وصلتا إليه كان ممددا على الأرض ، وهو يتمتم : ماء ، ماء.

نظرت قطة الرماد حولها كان هناك أزهار مليئة بالندى ، أخذتها وعصرتها في فمه وبللت شفتيه ،

وبعد لحظات فتح عينيه ، لما رآها أمامه إندهش وقال لها : هل أنت حقيقة أم خيال؟

أجابته بل حقيقة.

قال لها هل عندك شيء آكله أجابته : مع الأسف لا لقد أكلنا الديدان والأعشاب.

قال لها : أنظري هل تجدين بعض الفطر؟

عندما وقعت في الحفرة كانت معي سلة جمعتها لأمي ، وبفضلها بقيت على قيد الحياة.

مشت قليلا ثمّ صاحت : وجدت ثلاثة وصاحت أختها من الجهة الأخرى : وجدت خمسة هنا إقتسموا ما وجدوه ،

قالت قطة الرماد : إنها فعلا لذيذة سآكل منها دائما.

سألت البنت الوسطى أختها : ماذا سنفعل الآن.

إقرأ أيضا: يحكي رجل أنه تزوج من فتاة لا يحبها ولا يكن لها أي مشاعر

أجابتها : سنذهب إلى قصر الغولة وننقذ أختنا ثم نقتلها ، هي من بدأت المشاكل كنا فقط نريد بعض الطعام.

في الطريق إلى القصر سمعوا خطوات متسارعة لحذاء ضخم ، رفعت قطة الرماد رأسها لاحظت هروب الطيور.

قالت : دون شك هي الغولة.

سألتها أختها أين تذهب في هذا الصّباح إنها تبدو مستعجلة؟

قالت قطة الرماد أعتقد أنها سمعت صرخة زوجها ، لقد سمعتها كل الغابة وهي تذهب الآن لترى إن حلّ به مكروه.

قالت أختها : القصر فارغ علينا أن نذهب لإنقاذ أختنا الكبرى.
ردت قطة الرّماد : أمامنا فرصة لا تعوض للتّخلص من الغولة وهي لن تتكرر.

سألتها بفضول : ماذا ستفعلين؟

أجابتها : سترين في الوقت المناسب ، والآن علينا أن نسرع ، يجب الوصول قبلها إلى مكان الحفرة والإختفاء وراء أقرب الأشجار.

جروا بأقصى سرعتهم ، واختاروا شجرة ضخمة قريبة من الحفرة وقطعوا بعض الأعشاب ،

وأخذوا عصارتها ومسحوا بها وجوههم ، لكي لا تشم الغولة رائحتهم وكمنوا لها.

بعد لحظات سمعوها تصيح أين أنت يا رجل.

أجابها صوت ضعيف : أنا هنا ، إني بحاجة للمساعدة.

في اللحظة التي إنحنت فيها لتشاهد زوجها ، خرج الأطفال كالسهم ودفعوها بكل قوّة في ظهرها.

ترنّحت قليلا ثم سقطت فوق زوجها الذي تحطمت عظامه تماما.

عندما حاولت النهوض أخذ الأطفال حجرا ثقيلا وألقوه على رأسها.

صاحت قطة الرماد : لا تتوقفوا عن إلقاء الحجارة فإنها لا تزال قوية.

واصلوا إلقاء الأحجار حتى هدأت حركتها ،
وقالت : بسرعة إلى القصر ما دامت حية هي وزوجها فنحن في خطر.

لم يكن القصر بعيدا جروا وهم يلتفتون ورائهم وعندما وصلوا إلى القصر بعد هروبهم من الغول والغولة ،

لم يكن بعيدا وجدوا باب الدهليز مغلقا فأحسو بالتوتر.

إقرأ أيضا: قصة نرجس الجزء الأول

قالت قطة الرّماد : إبحثوا في المطبخ ازداد التوثر وهم يبحثون ثم قالت : لقد وجدته إنّه معلق أمامنا مع الملاعق الخشبية.

كان الدّهليز عميقا ومظلما أشعلوا شمعة ثم نزلوا وصلوا إلى بهو فسيح فوجدوا مشاعل في الحائط ،

أشعلوها وتقدموا قليلا فرأوا أختهم مختفية بجانب جرة كبيرة وقد بدا عليها الرعب.

قالت قطة الرّماد لها : لا تخافي سننقذك.

فكوا رباطها كانت ترتعد من البرد والجوع ،
ذهلت قطة الرماد لكثرة الجرار ،

نظرت داخلها كانت ممتلئة بالزيت والدقيق والزبيب والقديد والعسل وكل ما تشتهيه النفس ،

وفي آخر الدهليز كان هناك عدد من الصناديق الحديدية.

وعندما فتحت أحدها وجدته مليئا بالذهب والفضة والأحجار الكريمة قالت : لنذهب الآن ونرجع بعد ذلك إلى هنا.

خرج الأطفال من الدهليز وجدوا أنفسهم في المطبخ.

كانوا يحسون بالجوع الشديد ونظروا إلى القدر الكبيرة فوق الموقد وقد فاحت منها رائحة شهية.

قالت قطة الرماد : أشمّ رائح المرق واللحم دون شك طبخت الغولة الظبي الذي أحضره زوجها أمس.

أخذت صحن كبير وصعدت فوق كرسي وملأتها ثم سلمتها إلى إخوتها وملأت ثلاثة صحون أخرى.

أخذوا خبزا ساخنا من الفرن وأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا إلى الغابة وأشعلوا نارا
وأخذوا يرقصون وقد فرحوا بنجاتهم ،

وحمدوا الله لكن مضى الوقت ولم يحضر أحد وبدأوا يشعرون بالقلق.

قالت الأخت الكبرى : أنا لا أثق في المحتال ولا في وعوده وعلينا أن نتصرف وحدنا.

أجابت قطة الرّماد : علينا أن ننتظر الوقت الكافي لأن كل ما نحتاج من أكل وشرب وإن لم يأت أحد خلال يومين سنحاول الخروج من الغابة وحدنا.

إقرأ أيضا: ذهبت إحدى الفتيات لتصفف شعرها وتهتم ببشرتها

بدأ الظلام ينزل وفجأة أحسوا بحركة حولهم ، وعندما نظروا شاهدوا الغولة وقد ربطت رأسها بخرقة وبرفقتها ثلاثة أغوال صغار ،

وكانوا يحملون مع أمهم الحجارة والعصي الضخمة.

صاح الصّبي : لقد وقعنا في الفخ ، إنهم يحيطون بنا ولا يمكننا الهرب.

قالت الغولة : لقد أخطأتم في كل شيء : زوجي لم يمت وسيشفى ، أنا لا أزال قادرة على الحركة ،

ولم تكونوا تعلمون أن لي صغارا لقد كانوا يصيدون السّمك في البحيرة القريبة ،

ولهم كوخ صغير هناك سنقتلكم جميعا ونشويكم على هذه النّار.

لكن قطة الرّماد صرخت : أهربوا بسرعة ، تمكّنت هي لحجمها الصغير من الفرار لكن قبض الأغوال على الباقين وقالوا لهم :

قبل أن نقتلكم ، سنعلقكم في الأشجار ونقوم بضربكم حتى تظهر عظامكم.

جرت قطة الرماد بكل قوة لكن لاحقها أحد الأغوال الصغيرة ، وفجأة أبصرت مئات المشاعل تتلألأ في الليل فاتجهت نحوها ،

وعندما إقتربت شاهدت أهل القرية وفي مقدّمتهم أباها ، صرخت أبي ، أبي ،

توقف القوم وشاهدوا قطة الرّماد ووراءها الغول الصغير الذي أشرف على الإمساك بها.

جرى أبوها وآخرون وارتموا عليه وقيدوه بالحبال.

قالت قطة الرماد أطفئوا مشاعلكم وتقدّموا في الظلام أنا أدلّكم على مكان إخوتي.

كانت النار التي أشعلتها ظاهرة من بعيد ، وعندما إقتربوا رأوا الأطفال معلقين في الأشجار وقد علا بكائهم ،

والأغوال تضحك وتستمتع بذلك.

قالت الغولة : لقد تأخر أخوكم لا يمكن أن أنتظر أكثر سأنتقم من هؤلاء أولا ،

أما الصغرى فسأرميها حية في النار عندما تقع في يدي.

فكرت قطة الرماد قليلا ثم قالت : كمموا الغول الصغير وأوثقوه وأرسلوه إلى أمه ،

أعدوا أقواسكم ومقاليعكم وحرابكم ، وعندما يأتون لإنقاذه إرموهم ولا تخطئوهم.

إقرأ أيضا: الصياد وبناته الثلاثة قصة قصيرة

أما أنا سأتسلل وأصعد فوق الشجرة التي فيها الأطفال وأفك وثاقهم.

قال الأب : هذا خطر عليك.

أجابت : أنا خائفة على أخواتي والصبي ، لكن مالي لا أرى المحتال معكم.

تسللت قطة الرماد بخفة وتسلقت أحد الأشجار ثم قفزت إلى التي قربها ،

كانت أختاها مربوطتين وكذلك الصّبي ، همست لأختها الكبرى : سأفك وثاقك وعليك أن تمدي يدك.

نظرت من بعيد فرأت الغول الصغير يمشي ناحيتهم ثم توقّف قالت في نفسها :

لقد فهم الخبيث الخطة ثم رأت حجرا يطير ، ويصيبه في رأسه وسمعت أنينا حادا.

وهنا نظرت الغولة وأبنائها إلى مصدر الصوت ورأوا أخاهم جريحا ، قالت الأمّ لأحدهم : إبق هنا وأنت تعال معي.

أمسكت قطة الرماد يد أختها الوسطى وجذبتها فوق الشّجرة ، ومعا جذبا أختهما الكبرى.

كان الغول الصغير الذي يحرسهم منشغلا بأمه وأخاه اللذان ذهبا لينظرا ما يحدث في الغابة.

عندما إقتربت الغولة من إبنها ورأت جراحه وهيئته صاحت : لقد أوقعت بنا مرة أخرى.

وهنا رفعت قطة الرّماد المشعل وصاح الأب : إضربوا وانطلق وابل من السّهام الملتهبة والحجارة والحراب بإتجاه الأغوال ،

صرخت الأم : إنّه فخ تراجعوا ، لكن قتل ولداها الصغيران ولم تصب هي إلا بجروح وحروق وقالت في نفسها :

سآخذ الأطفال رهائن وإلا سيقتلوني عددهم يبدو كبيرا.

لكن في نفس اللحظة التي أرسلت فيها قطة الرماد الإشارة رفع الغول الصغير المكلف بالحراسة رأسه وشاهد أنها أنقذت إثنين من الأسرى ،

لكن ما زال الثالث ولا بد أن يبقى في قبضتهم.

أسرع إليه لكن قطة الرّماد ألقت المشعل عليه
فالتهبت ثيابه وقفزت البنت الكبرى والتقطت قضيبا حديديا رمته به ،

فدخل في عينه ثم دفعته وسط النار المشتعلة.

إقرأ أيضا: السمكة والخاتم حكاية من التراث الشعبي في إنجلترا

نظرت إلى الشجرة فوجدت أن أختاها قد أنقذتا الصبي.

عندما رجعت الغولة إكتشفت أن الأطفال قد إختفوا وإن إبنها الثالث إحترق.

حاوت الهرب فأهل القرية يلاحقونها وقد علت صيحاتهم الغاضبة ،

لكن قطة الرماد قالت لها : نجوت مرة لكن الآن إقتربت نهايتك.

أخذت الحبل الذي أوثقوا به أختها وجعلت فيه عقدة ، ثم ألقته على الغولة فوقع في رقبتها ،

ثم جذبته وربطته في الأغصان.

وصل أهل القرية فشدوا وثاقها إلى الشجرة وجمعوا حطبا كثيرا وأضرموا فيها النّار حتى لم يبق منها شيء.

هنأ القوم الأب عل شجاعة بناته ، ثم ذهبوا إلى القصر ونهبوه ثم أحرقوه ورجعوا إلى القرية ،

لكن بقيت مشكلة الأم الشريرة عندما رأى المحتال النار في الجبل.

قرّر الإعتراف أمام مجلس القرية ، لكن لم يصدقوه لأنّه كان سكيرا.

أحست الأم بالخطر ، وحاولت الهرب قبل أن يرجع زوجها ، لكن تفطن لها أهل القرية ولم تجد بدا من قول الحقيقة.

وقالت بأن ذلك يريح ضميرها وحبسوها.

ولما عاد الأب أعلموه بما حصل ، فقرر الجميع الخروج هذه الليلة لإنقاذ المفقودين.

عندما رجع أهل القرية أرسلوا في طلب الأم الشريرة ، إكتشفوا أنها هربت تحت جنح الظلام.

فكّت تلك اللئيمة قيودها وأرادت الذهاب إلى القرية المجاورة ،

هناك يوجد لها بعض الأصدقاء الذين بإمكانهم تدبير سفرها إلى المدينة لتختفي هناك حتى ينسى الناس جريمتها.

لكنها في الظلام ظلت طريقها ووجدت نفسها دون أن تشعر تتجه إلى الجبل ،

وبينما هي نمشي سقطت في حفرة وأحست بشيء طري بجانبها ، وعندما نظرت إليه في ضوء القمر ،

صرخت بقوة كان الغول يرمقها بعينيه الحمراوان.

أصبح أبو قطة الرّماد من أغنياء القرية وبنى مكان الكوخ قصرا عظيما واشترى أرضا كبيرة
وأصبح له عمال وحيوانات كثيرة ،

ولم ينس أن يبني لزوجته ضريحا رائعا.

أما المحتال فقد تاب الله عليه وأصبح إمام مسجد القرية وعاش الجميع في سعادة وهناء.

والآن بعد مئات السّنين لا تزال العجائز يحكين لأطفالهن عن شجاعة بنت صغيرة واجهت أغوال الجبل ،

وجعلت أباها من أغنى الناس إسمها قطة الرماد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?