قصص منوعة

قطتي صغيرة

قطتي صغيرة

لا أعرف كيف بلغت كل تلك السنوات ومازلت أخاف من القطط؟

إنه ذلك الخوف الذي مازال يلازمني منذ كنت طفل وحتى الآن ، بالطبع هناك خلفيات أثرت في تكوين ذلك الخوف ،

ولكن مالا أستطيع فهمه في شخصيتي حتى الأن ، كيف أنني أقترب من الأربعين ومازلت أتصرف كطفل لم يتجاوز ال١٠ سنوات في رهبته ورعبه من القطط؟

في حين أن أغلب الفتيات والأطفال يجدون القطط كائنات لطيفة ، ويلعبون معها طوال الوقت باستمتاع.

أقول في قرارة نفسي يالك من رقيق ، كيف تخاف مما يلهوا به الأطفال.

طبعا لا داعي لأن أقص عليك الكثير من المواقف المخجلة التي تعرضت لها في أماكن عامة أثناء تناول الأكل.

فأنت تستطيع أن تخمن رد فعل رجلا في العقد الرابع من العمر وهو ينتفض بمجرد أن قطه قد مرت بجانب إحدى قدمية ،

وأيضا لا يخفى على مسامعي الضحكات التي أسمعها دائما بسبب الأفعال التي لقوم بها عندما تقترب قطة مني ،

أو أن تاتي لتجلس تحت الطاولة التي أتناول طعامي عليها.

مع كلمة من طفل صغير لأمه (ماما عمو خايف من القطة) ويعقبها ضحكة ساخرة ، أحاول تجاهلها بالطبع ؛

لأني لو أخذتها على محمل الجد سوف أقلل من كبريائي أكثر مما حدث أثناء مرور القطة بجانبي ،

ويجتمع الناس للفصل بيننا متسائلين عن سبب المشكلة ، لأخبرهم أن الطفل قد سخر مني لأني أخاف من القطط ،

بالطبع أتوقع ردة فعل على غرار (يالك من رجل تافه) أو (لقد بدء الشيب يظهر في راسك وتخاف القطط).

وسوف أصبح مادة خصبة للسخرية كلما جلس أحد الحاضرين مع أصدقائه وقص ما حدث مني ،

وربما تطور الأمر ووجدت صورتي على مواقع التواصل الإجتماعي ،

وقد كتب بجانبها رجل أربعيني يتشاجر مع طفل بسبب خوفه من قطة ، لأجل كل ذلك فضلت السكوت وابتلاع الإهانة.

إقرأ أيضا: قصة الوصايا الثلاث

أتعجب من حب النساء للقطط ، وأتذكر جيدا ما حدث منذ عام حينما كنت نائما وفوجئت بقطة بجانبي على الفراش ،

وأنني قد انتفضت من مكاني ، مع صرخة هائلة جعلت زوجتي وأولادي يأتوا مسرعين ، متسائلين عن سبب صراخي ،

بالطبع منعني الحياء من إخبارهم أن القطة هي السبب ، واكتفيت بأن أخبرهم أنه كابوسا.

1 3 4 10 1 3 4 10

طبعا لم أخبر زوجتي عندما تقدمت لخطبتها بخوفي الشديد من القطط ؛

وإلا كنت قد سقطت من نظرها ورفضت على الفور الإرتباط بي ، متسائلة كيف لرجل يخاف من قطة أن يقوم بحمايتها ويكون سندا لها.

ولكن خوفي مرتبط بالقطط فقط ، ولك أن تتخيل مثلا أني لا أخشى الأفاعي أبدا وأنني قمت بقتل العديد منها من قبل.

أتذكر أنني تساءلت متظاهرا بعدم الإهتمام (من أتى بتلك القطه للبيت؟)

أجابتني ابنتي ( إنها هدية من إحدى صديقاتها).

ولتسألني بكل براءة (ما رأيك بها يا أبي أليست جميلة؟)

أجبتها والنار تغلي بداخلي (بالطبع إنها جميلة إنني أحب القطط جدا) يالني من كاذب!

أعددت خطة للتخلص من ذلك الوحش الذي يعيش معي في بيت واحد ، فأخذت أحذرهم من الأمراض التي يمكن أن تنقلها القطط ،

لأتفاجأ بأن القطة لديها شهادة صحية وأنها حاصلة على الكثير من التطعيمات ،

وقارنت بين الرعاية التى تتلقاها القطة وبين جدي الذى مات بالبلهارسيا ، فوجدت أن القطة أفضل حظا.

أخذت القطة ذات ليلة والصندوق الخاص بها ، وقمت بإلقائها فى الشارع وعدت مرتاحا إلى البيت أخيرا ،

سأتمكن من النوم في البيت بعد أسبوع كامل من القلق ، كنت أعيشه بسبب وجود تلك القطة.

إقرأ أيضا: قصة انتقام ثم حب قصة زواج بالإكراه الجزء الثاني

أتعجب من حب المصريين القدماء للقطط ، وأنهم كانوا يحبونها جدا لدرجة أن من يقوم بقتل قطة كانت عقوبتة تصل للإعدام.

تخيلت نفسي كاهنا فرعونيا ، أجلس في معبد
أقوم بتعليم الصبيان الكتابة الهيروغليفية ،

وقد مرت بجانبي قطة وحالة الذعر التي كانت ستنتابني ، ربما اتهمت بالخيانة ،

أو أني أتأمر مع الهكسوس ضد المصريين لكرهي للقطط التي يعشقها كل الشعب.

وربما يقومون بنحت صورتي على معبد (حتشبسوت) وأنا أركض والقطط تركض خلفي مع نقش عبارة فرعونية تقول :

(هكذا هزمنا أعدائنا بمساعدة القطط )

وبعد كل تلك التجارب والتخيلات التي مررت بها وتلك الحرب الشرسة بيني وبين القطط ،

فطنت أخيرا لحقيقة كنت أتجاهل مواجهة نفسي بها ، أنني بالفعل رجل طفل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?