كانت حبيبتي الراحلة بكل رمضان تنافسني في ختم القرآن
كانت حبيبتي الراحلة بكل رمضان تنافسني في ختم القرآن ، تتلو أثناء غيابي عن البيت ،
وحين أعود من العمل أتجسس على مصحفها ؛فأجدها قد سبقتني ؛
أستغل بدوري إنشغالها في المطبخ قبل الإفطار لنتعادل مجددا في الجزء والصفحة!
كانت تقول لي دوما : حبيبي أريد أن نتنافس كي ندخل معا إلى الجنة!
أجيبها بعناق صامت :”لن تحلو لي جنة دونك حبيبتي”!
لا تزال كلماتها ترن بأذني ؛ وإلى هذا اليوم ، أحتفظ بمصحفها المزين بدانتيل أحمر ؛
أقرأ منه ومن مصحفي الخاص ؛ كأنها لا تزال معي!
قيل لي أن حبيبتي سارة قد توفيت وهي تضع مولودتنا الأولى عايدة!
ورغم مرور تسع سنوات ، إلا أني أراها حاضرة معي كأنها طيف يحوم حولي ؛ يوصيني دوما بصغيرتي.
علمتني كيف أعتني بها رضيعة لم تسلم من أسلاك الأنبوب ووحشة المستشفى ؛
وفهمت من غيابها كيف أجهز لها رضاعة الحليب ، وصولا إلى ظفر شعراتها ، ثم ذهابها إلى المدرسة!
كانت معي طوال الوقت ، لم تتركني كما أوهموني ، ولم تنتهي قصة حبنا بنهاية موت ،
لأن هناك فصلا محذوفا من ذاكرة هذا العالم ؛أعوم فيه إيمانا مع زوجتي ؛ أتفقدها بدعائي ؛
فتجيبني بنجمة تغمز أو حنحنة رجل مسن ذاهب إلى المسجد فجرا ،
هي في كل شيء أراه ويراني ؛ لكنه لا يملك منطقا ليواجه الواقع!
لذلك كلما حملت مصحفها بين يدي ؛ إهتاجت نسمة من النافذة ؛ لتقلب الورقة في محاولة تغشيش كي تسبقني ؛
إقرأ أيضا: كانت جالسة كعادتها حتى أتاها وقال لها تفضلي القهوة آنستي
ولأني مدرك أني كسيدنا إبراهيم أطلب من الله أن يحييها جسدا كي يطمئن قلبي ؛
أقرأ من مصحفها ؛ لأن هذا الشيء الوحيد الذي يجعلني أراها دون حاجة لرؤيا أو حلم!
في الحقيقة يا سادة ، لا يموت من نحبهم لمجرد الوفاة ، الوثيقة التي تؤكد ذلك مزورة ؛
لأن الله أحياهم بقلوبنا وهنا تكمن معجزة الحب الخالدة!