كان لعبد الله بن الزبير رضي الله عنه مزرعة في المدينة مجاورة لمزرعة يملكها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ، خليفة المسلمين في دمشق.
وفي ذات يوم دخل عمال مزرعة معاوية إلى مزرعة ابن الزبير ، وقد تكرر منهم ذلك في أيام سابقة ؛
فغضب ابن الزبير وكتب لمعاوية في دمشق وقد كان بينهما عداوة قائلا في كتابه :
من عبدالله ابن الزبير إلى معاوية
( ابن هند آكلة الأكباد ) أما بعد ..
فإن عمالك دخلوا إلى مزرعتي ، فمرهم بالخروج منها ، أو فوالذي لا إله إلا هو
ليكونن لي معك شأن!
فوصلت الرسالة لمعاوية ، وكان من أحلم الناس ، فقرأها ،
ثم قال لابنه يزيد : ما رأيك في ابن الزبير أرسل لي يهددني؟
فقال له ابنه يزيد : أرسل له جيشاً أوله عنده وآخره عندك يأتيك برأسه.
فقال معاوية :”بل خيرٌ من ذلك زكاةً وأقربَ رُحماً “.
فكتب رسالة إلى عبدالله بن الزبير يقول فيها :
من معاوية بن أبي سفيان إلى عبد الله بن الزبير ( ابن أسماء ذات النطاقين ) أما بعد ..
فوالله لو كانت الدنيا بيني وبينك لسلّمتها إليك ، ولو كانت مزرعتي من المدينة إلى دمشق لدفعتها إليك ،
فإذا وصلك كتابي هذا فخذ مزرعتي إلى مزرعتك وعمّالي إلى عمّالك ؛ فإن جنّة الله عرضها السموات والأرض!
فلمّا قرأ ابن الزبير الرسالة بكى حتى بلّ لحيته بالدموع ، وسافر إلى معاوية في دمشق وقبّل رأسه ،
وقال له : لا أعدمك الله حُلماً أحلّك في قريش هذا المحل.
دائماً تستطيع إمتلاك القلوب بحسن تعاملك وحبك للغير.
وتذكر دوما بأن : من ابتغى صديقاً بلا عيب ، عاش وحيداً
إقرأ أيضا: كان سيدنا عمر ينادي زوجته يا بنت الأكرمين
ومن ابتغى زوجةً بلا نقص ، عاش أعزبا ، ومن ابتغى قريباً كاملا ، عاش قاطعاً لرحمه!
فلنتحمل وخزات الآخرين حتى نعيد التوازن إلى حياتنا.
إذا أردت أن تعيش سعيدا : فلا تفسر كل شيء ، ولا تدقق بكل شيء ، ولا تحلل كل شيء ،
فإن الذين حللوا الألماس وجدوه فحما.
لا تحرص على إكتشاف الآخرين أكثر من اللازم ، الأفضل أن تكتفي بالخير الذي يظهرونه في وجهك دائما ،
واترك الخفايا لرب العباد.
(لو اطّلَعَ الناس على ما في قلوب بعضهم البعض لما تصافحوا إلا بالسيوف).
صافح وسامح ، ودع الخلق للخالق.