كل إنسان حولك مزيج نفسي وراثي وثقافي لا يتكرر بين فردين
فأنا وأنت وأي شخص تعرفه محصلة لعناصر وظروف ومؤثرات لا تتشابه ، حتى بين التوائم.
نتحول بمرور العمر وتنوع الخبرات إلى حقيبة بأرقام سرية ، لا نعرف حتى نحن كيف نفتحها ونرى محتوياتها.
غير أن المشكلة لا تكمن في تنوع شخصيات البشر ؛
بل في فشل كل إنسان في إكتشاف نقاط تفرده وأسباب إختلافه عن الآخرين.
في إعتقاد كل شخص أنه فريد عصره ووحيد زمانه والمرجع الوحيد فيها يختلف عليه الناس ويخفى عليهم أمره.
في قناعته بأن ما توصل إليه (بعد ما يظنه تفكيرا واعيا عميقا)
هو الصحيح والسليم بلا شك وبلا نقاش
وما لم يسبقه إليه أحد من العالمين.
وأيا كانت آرائنا ونتائج تفكيرنا فهي في النهاية محصلة لمؤثرات عميقة ولا واعية نسيها معظمنا.
محصلة لدوافع وخلفيات توجهنا لتبني آراء وأفكار نعتقد أن على الجميع الإلتزام بها.
لهذا السبب أعتقد أن أول متطلبات الخروج بالرأي النزيه والقرار الصائب ،
هو الإعتراف بتعرضنا المسبق لكافة أنواع المؤثرات.
الخروج أولا من قوقعة الماضي والمعتاد والمسلم به ،
والإعتراف بأننا محصلة نهائية لظروف إجتماعية وثقافية ونفسية أعقد مما تتصور.
أن رأيي صحيح يحتمل الخطأ ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.
فقط حين نعترف بهذه الحقيقة ، يصبح همنا الأول ليس الدفاع عن أرائنا الخاصة ،
بل التأكد من أننا لم لن نخدع أنفسنا ونتبنى أراء تم تشكيلها مسبقا.
نصبح مهيأين للإنتقال من مرحلة
لماذا نفعل ذلك ؟
لماذا إنحدر المجتمع لهذا الوضع
إلى كيف نطور أنفسنا
ونصبح أفضل من ذلك.