لاحظت وفاء طالبة الجامعة صديقتها التي تسكن معها في السكن الجامعي أنها تبكي بحرقة كل ليلة لوحدها أحيانا وأحيانا أخرى ،
تأتي إليها صديقتها المقربة تواسيها ، إلى أن سألت وفاء صديقتيها عن سبب البكاء المتكرر فجاوباها أنه مجرد مرض عابر وسيمر.
لكن وفاء لم تصدقهما واكتفت بذلك ولم تعد تسألهما شيئا من باب عدم التدخل في خصوصياتهما ،
ففي النهاية هن مجرد زميلات في السكن الجامعي لا ٱكثر.
مرت بضعة أيام الى أن قررت وفاء العودة للمنزل لقضاء يومي العطلة لدى أخيها الذي لم يبق في العائلة سواه بعد رحيل أبيها وأمها إلى ألمانيا.
وحينها أخبرت صديقتيها إن كان يلزمهما شيء ما أم لا ، فقالتا لا شكرا لك ولكن هل تسمحين لنا بالإتصال بك إن إحتجنا لك في أمر ما؟!
وافقت وفاء على ذلك وقالت: بكل سرور وهذا رقمي تفضلاه.
غادرت وفاء وعادت إلى بيتها الى أخيها الكبير والوحيد ، الذي رحب بها واطمأن عليها خير إطمئنان ،
ولم يكن يدعها تحتاج شيئا ويلبي لها كل طلباتها ومصاريفها الدراسية والشخصية كافة.
مرّ أول يوم بشكل طبيعي ولكن في اليوم التالي رنّ هاتف وفاء ، فقالت على الهاتف وهي ترد : حسنا حسنا ، لا عليكِ ، سأقوم بذلك وسأحضر المال!
سألها أخيها :من كان على الهاتف وماذا يريد؟
ردت وفاء : إنها صديقتي وطلبت مبلغا من المال دينا على أن تردّه لي بعد عودتها من بيت أهلها فوافقت ،
آمل أنك ستعطيني المال أليس كذلك؟
رد أخيها : طبعا يا أختاه وهل أرد لك طلبا!
شكرت وفاء أخيها وفعلا في اليوم التالي عادت إلى الجامعة وسلمت المال لصديقتيها.
فرحت الصديقتين لذلك وبعد الإستلام غابتا عن السكن ولم تعودا ، حتى أن باب السكن الجامعي قد أغلق ليلا ولم تعودا بعد.
قلقت وفاء على ذلك ، هل يعقل أنهما قد هربتا بالمال؟!
إقرأ أيضا: ذهب شاب في يوم من الأيام إلى أستراليا للدراسة
ليت كان ذلك ولكن للأسف كان الموضوع أكبر من ذلك بكثير.
فقد توفيت إحدى صديقتيها تلك التي كانت تبكي بحرقة في المشفى وهي تحاول إجهاض الجنين ،
الذي حملت منه بالحرام من شاب لا أحد يعرفه سوى المرحومة.
عادت صديقتها المقربة إلى السكن الجامعي وهي مرتعبه وبعد أن حل الليل دخلت في نوبة بكاء شديدة ،
كانت ترغب بالذهاب إلى بيتها ولكنها تعيش في محافظة بعيدة ، حاولت وفاء مواساتها مستفسرة عن ما حدث.
فقصت عليها تلك الفتاة قصة المرحومة مخبرة لوفاء إن المرحومة كانت تحب ذلك الشاب الذي وعدها بالزواج ،
ولكن بعد حدوث ما قد حدث قطع علاقته بها نهائيا بل وحتى رفض إعطاء المبلغ اللازم للتخلص من الجنين على الأقل!
ذلك المبلغ نفسه الذي إستدانته المرحومة من وفاء ، وتم صرفه على عملية الإجهاض عند طبيب فاشل الى أن حدث نزيف أودى بحياة المرحومة.
صُدمت وفاء من هول الخبر وسألت عن مصير الشاب بغضب ؟!
وأنه يستحق الموت على هذا الفعل الشنيع وأن بنات الناس ليسوا لعبة بيدهم ،
ولكن الصديقة المقربة أخبرت وفاء بأن جزء من الحق يقع على المرحومة فما كان عليها أن تثق أبدا.
وها قد دفعت ثمن ذلك حياتها وحياة الجنين أيضا الذي لا ذنب له في كل هذا.
وأما عن الشاب فقد أخبرت وفاء بأن المرحومة قد ذكرت إسمه لإخوتها ، الذين رفضوا إستلام الجثة من المشفى قائلين إحرقوها لا بنت لنا عندكم.
فردت وفاء كم أتمنى أن أسمع خبر قتل ذلك الشاب ، والآن!
فجأة رن هاتف وفاء ، وقد سقط الهاتف من يديها وهي تصرخ… : ماذا قد قُتل أخي؟! قد قُتل أخي!