لا أدري لمَ أحب سيدنا لوط كل هذا الحب

لا أدري لمَ أحب سيدنا لوط كل هذا الحب ولا لم أقف كثيرا مع قصته متأمل كل حرف فيها.

يقال أن سيدنا لوط كان إبن أخو سيدنا إبراهيم النبي الحليم الرحيم ،

الذي عندما دعى لنفسه بأن يجعله الله مقيما للصلاة لم ينسى ذريته الذين سيأتون من بعده فقال :

“ربِّ اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي”.

ويقال أيضا أن سيدنا لوط هو الرجل الوحيد الذي آمن بسيدنا إبراهيم من قومه

“فآمن له لوط” [العنكبوت].

جاءت الملائكة إلى سيدنا إبراهيم وأخبروه بإرادة الله في التنكيل بقوم لوط ،

لكن النبي الرحيم حاول منعهم لعل أهل القرية يرجعون عن غيهم وفسادهم فأجابته الملائكة :

“يَا إبْراهِيمُ أعرِض عَن هذا إنّهُ قَدْ جَاءَ أمْرُ رَبِك” [هود].

أتعجب من رحمة سيدنا إبراهيم بقوم فاسقين يعلم جيدا أن الله غضب عليهم ولعنهم وأعد لهم عذاب عظيم!

كانت إبنة سيدنا لوط تأخذ الماء من النهر على أطراف المدينة فجاءتها الملائكة على صورة بشر فسألها أحد الملائكة :

يا جارية هل من منزل نبيت فيه؟! فتذكرت الفتاة الطيبة قوم أبيها وماذا سيصنعون بضيوفهم ،

فأسرعت إلى أبيها تخبره أنها رأت شبابا لم تر أجمل منهم قط.

فهرع “لوط” فَزِعًا نحو الغرباء فلم يكد يراهم حتى “سِيء بهم وضَاَقَ بِهمْ ذرعًا وقالَ هذا يومٌ عَصِيبُ”. [هود]

وقال لهم ليصرفهم عن المبيت عنده لا أعلم على وجه الأرض أخبث من هذا البلد!

قال كلمته ليصرفهم عن المبيت في القرية لينهي هذا الموقف الصعب الذي فرضَ عليه لكنهم لم ينتبهوا لقوله.

فحار في أمره هل يخذل ضيوفه بعد أن أمره الله بإكرام الضيف أم يستضيفهم وليقضي الله أمرا كان مفعولا؟

وفي محاولة أخيرة حاول إفامهم والتلميح إليهم بأن قومه أخبث الناس وأفسدهم ،

وأنهم يخزون ضيوفهم ويفسدون في الأرض لكنه عبثا حاول إفهام الملائكة!

إقرأ أيضا: أسود اليرموك

لم تكد زوجته ترى الضيوف حتى ذهبت إلى قومها تخبرهم.

وقف القوم على باب البيت فخرج إليهم “لوط” قائلًا “هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطهَرُ لَكُمْ”![هود] ،

تزوجوا بناتي لكن لا تفضحوني أمام ضيوفي!

“ولاَ تُخزُونِ فِي ضَيفِي”!

محاولة يائسة منه لمس رجولتهم ونخوتهم!

أقف كثيرًا عند هذا اللفظ ، لا تخذلوني أمام ضيوفي أو لا تسودوا وجهي!

“أليسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ”؟

ومع ذلك لم تمس كلماته فطرتهم المنحرفة وتصرفاتهم الغريبة.

فأحس بضعفه وبغربته بين قومه فلا عشيرة لتحميه ولا ولد ليرد عنه الأذى فأغلق عليه بابه قائلًا” لَوْ أنَّ لِي بِكُم قُوَّة أو آوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ”! [هود]

تمنى لو كان له ركن شديد يلجأ إليه ليهون عليه سوء قومه ، تمنى لو كان له قوة أو ولد ليصدهم عن ضيفه!

عندما بلغ ضيقه ذروته أفهمته الملائكة أنه بالفعل يأوي إلى ركن شديد ألا وهو ركن الله ،

وطمأنوه بأن هؤلاء القوم لن يصلوا إليهم أبدا ،

وأنهم ليسوا مجرد ضيوف ، ولكنهم ملائكة أرسِلوا خصيصا إلى قومه.

ونهض جبريل وأشار بيده على أعين الناس فعموا جميعا وذهبت أبصارهم!

وأصدرت الملائكة أمرهم بأن يصحب أهله ليلا ويغادر القرية ، وأوصاهم بعدم الإلتفات إلى القرية أبدا مهما سمعوا أصوتا مروعة تزلزل الجبال كي لا يصيبهم ما يصيب القوم.

أي عذاب هذا يارب؟! عذاب من نوع غريب يصيب المرء بمجرد النظر إليه!

فتساءل النبي الكريم أستهلكونهم الآن؟! فقالوا “إنَّ مَوُعِدهم الصُبح ألَيْسَ الصُبْحُ بِقَرِيِب”؟![هود]

إقرأ أيضا: من هو ذبيح الله .. قصة سيدنا اسماعيل عليه السلام

يقال أن جبريل إقتلع القرية بجناحه حتى وصل بها إلى عنان السماء فأصاب أهلها من الفزع ما أصابهم بالرغم من عماهم ،

لدرجة أن سيدنا لوط وبناته كانوا يسمعون صياح ديوك القرية ونباح كلابها قبل أن يلقيها جبريل من عنان السماء!

أثناء السقوط كانت السماء تمطر عليهم حجارة قوية صلبة.

عمى وسقوط من السماء وحجارة كأنهم الجحيم تصب على رؤوسهم!

إلتفتت زوجة سيدنا لوط لترى سبب الصراخ الصادر من قريتها فهلكت معهم واهترأ جسدها وكأنه ذرات من الملح.

إنتهى قوم لوط وما إنتهت أفعالهم بل البعض يدافع عنها!

نُكِست المدينة على رأسها وما إتعظت باقي المدن!

فعل قوم” لوط” معصية واحدة فأخذهم الله بها ،

وفي زماننا إجتمعت أنواع شتى من الخبائث لكن الله صبر علينا وما من متعظ!

Exit mobile version