لا قاعدة للموت إطلاقا قصص مؤثرة جدا
لي صديق وهو أحد أقربائي ، هو مدرس لامع ، وإنسان ذكي جدا ، حياته منضبطة.
فكان جالس مع أصدقائه في سهرة ممتعة ، وهو إنسان ذو دعابة ،
فقال لأصدقائه : أنا لن أموت الآن وأنا شاب ، سوف أموت بعد حين طويل!
سألوه : لماذا ؟
وكانت إجابته منطقية جدا.
قال : أنا وزني خفيف ، وطعامي قليل وصحي ، أنا إنسان رياضي ، أسير على قدمي كثيرا ،
لا أدخن ، لا أحمل الأمور فوق طاقتها ، لا أحمل هموما في قلبي أبدا!
طبعا كلامه صحيح 100% وكلامه علمي ، هذه كلها أسباب الموت.
الشدة النفسية أحد أسباب الموت ، الوزن الزائد أحد أسباب الموت العاجل ، الصدمات ، التدخين ،
قلة الحركة ، الطعام الدسم
هذا الكلام الذي قاله لأصدقائه.
كان في السهرة يوم السبت في أحد أحياء مدينة دمشق ، ووالله الذي لا إله إلا هو ،
في السبت التالي كان هذا الإنسان هو نفسه تحت التراب ميت وبلا أي سبب!
( لا قاعدة للموت إطلاقاً ) .
أحد إخواننا الكرام قال لي : أنا ولدت في أحد أحياء دمشق المتواضعة ونحن فقراء ، وكل أسرة منا لها غرفة واحدة.
قال : أنا وأهلي في غرفة ، والغرفة الثانية لبيت عمي ، بيننا حائط.
زوجة عمي أصيبت بمرض عضال ، جاء الطبيب وأخبرها ، وقال لنا : أكتبوا النعوة ، واستعدوا للموت!
ثم تحسنت تحسنا طفيفا شيئا فشيئا ، ثم شفاها الله عز وجل.
إقرأ أيضا: لا تكسروا الخواطر قصة حقيقية
قال لي هذا الأخ : يوم قال الطبيب أكتبوا النعوة ، أنا ولدت في الغرفة المجاورة ،
( ولادته كانت في الساعة التي قال فيها الطبيب أكتبوا النعوة )!
قال : ثم كبرت صار عمري سبع سنوات ، ودخلت المدرسة ، وتخرجت من المدرسة ،
وحللت مكان والدي في العمل التجاري ، ثم إشترينا بيتاً آخر في أحد أحياء دمشق الراقية ،
وجاءت إمرأة عمي التي قال الطبيب أكتبوا نعوتها ، جاءت بعد خمسة وأربعين عاما وزارتني في البيت!
( لا قاعدة للموت إطلاقا )
لي صديق أصيب بمرض عضال ، وقال الطبيب : غادروا به المستشفى لقد إنتهى ، لا أمل في شفاءه.
وكتب أخوه نعوته إستعداداً لموته مساء.
كان عندي درس الفجر في الجامع ، فقلت لنفسي : وأنا في الطريق صباحاً سوف أقرأ النعوة على الجدران ،
كنت أبحث عن النعوة في طريقي ، لأني قبل أن أنام قالوا لي أنه إنتهى ،
وغادروا المستشفى والطبيب قال لهم : إنتهى ، وأحد أخوته كتب النعوة.
لم أر النعوة صباحا ، قالوا لي : تحسن تحسنا طفيفا.
وعاش هذا الأخ بعد ذلك سبع سنوات ، وأخوه الذي كتب نعوته مات قبله.
( لا قاعدة للموت إطلاقاً )
حدثني أخ وقال لي : لنا والدة نربطها من يديها ومن رجليها على السرير!
قلت له : لماذا ؟
قال : لو أطلقنا يديها لأكلت غائطها ، وخلعت كل ثيابها!
وبقينا إثنتي عشرة سنة نربطها ، وهي مضّجعة على ديوان ، يداها مربوطتان على هذه الحالة.
فالموت رحمة لهذه المرأة ، كانوا يتمنون موتها رحمةً بها ، ولكنها لحكمة الله لم تمت إلا بعد إثنتي عشرة سنة.
( لا قاعدة للموت إطلاقاً )
إقرأ أيضا: أشهر صفعة في التاريخ في القرن السادس عشر
كنت مدرسا في مدرسة ثانوية ، وعندي ساعة فراغ ، فدخلت إلى غرفة مدير الثانوية ،
وجرى بيني وبينه حديث ودي ، كان يشكو من أشياء كثيرة.
فقال لي : قررت أن أسافر إلى الجزائر ، وكان معمولا بنظام إعارة المدرسين للدول العربية الشقيقة.
قال لي : قررت أن أغيب خمس سنوات ، ولن آتي إلى الشام في الصيفيات الأربع ،
فأقضي صيفية في فرنسا ، والثانية في إيطاليا ، والثالثة في بريطانيا ، والرابعة في إسبانيا ،
وخلال هذه الأشهر أتملى من متاحف كل دولة ، وبيئتها الريفية ، ومن معالمها ، ومن حضارتها ،
وأختلط بأهلها ، أريد أن أطلع على هؤلاء القوم كيف يعيشون؟
ثم أعود إلى الشام بعد خمس سنوات ، وأشتري محلا تجاريا أبيع فيه تحفاً شرقية ،
وهذه التحف ليس لها إشكاليات ، لا تفسد ، وليس لها تسعيرة مع التموين ،
وأجعل من المحل منتدىً فكرياً لأصدقائي ، وأترك أولادي يديرون هذا المحل.
وتابع ولا أذكر ماذا قال ، مشروع لعشرين سنة قادمة ، ثم ضيّفني كأساً من الشاي ، وانصرفت من عنده إلى صفي ،
ثم ذهبت إلى بيتي ظهرا ، وخرجت مساءً لعمل آخر.
وأنا في طريقي عائدا إلى البيت مساء ، والله الذي لا إله إلا هو ، رأيت نعوته على الجدران في اليوم نفسه!
أقسم لكم بالله : في اليوم نفسه !
لقائي معه الساعة الحادية عشرة ظهرا ، الساعة السابعة مساء رأيت نعوته على الجدران.
(لا قاعدة للموت إطلاقاً).
الموت يأتي فجأة والقبر صندوق العمل.
العبرة :
قد يكون الإنسان في أوج تألقه ويأتيه ملك الموت فجأة ،
فعلى الإنسان أن يستعد ، عليه إذا أصبح أن يقول : قد لا أمسي ، وإذا أمسى قد لا أصبح.
وإذا خرج أن يقول قد لا أعود ، وإذا دخل أن يقول قد لا أخرج ، وإذا إشترى بيتاً أن يقول قد لا أسكنه.
فيجب أن يستعد الإنسان ، يستعد بالعمل الصالح ، بالإستقامة التامَّة ،
بتحرير الذمة ، بإعطاء الناس حقوقها وإلا يكون حسابه عندئذ عسير.