Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
قصص منوعة

لقد ابتلاني الله بزوج بليد الجزء الثاني

لقد ابتلاني الله بزوج بليد الجزء الثاني

بعد الترتيب والتنظيف وطبخ الطعام الذي يحبه زوجها ، نامت عند حلول منتصف الليل ، كي تستيقظ عند قدومه وتأخذَ النقود لشراء أكثر من احتياجاتها اليومية.

استيقظت فجراً على صوت مفاتيحه فهرولت إليه ضاحكة : لقد أتيت.

ثم عانَقَتْه : أين النقود؟!

مع أنَّ عناقها له كان بداعي المصلحة ، لكنه سُعِدَ به كثيراً ، وأخرج رزمة نقود من جيبه وأعطاها إياها كلها.

كادت عيناها أن تخرجا من مكانهما من رؤية المبلغ الذي لم تحلم قط أن تمسكه بيديها ، فقالت له : هل ستعطيني كل هذا؟

بالطبع ، فأنت إمرأة لا تعرفين التبذير ، كنت تأخذين بضع ورقات نقدية تحضرين بها كل ما نحتاجه.

هرولت لتسخين الطعام ثم أعدّت له الماء الساخن للإستحمام ، وما إن عانق الوسادة حتى خرجت من المنزل تهرول إلى السوق ،

فأحضرت اللحم والأرز والخضار والفاكهة والحلويات.

عند عودة ابنها كادت جفونه أن تتمزّق برؤية اللحم والفاكهة والحلويات ،

فقد كان ذلك المنظر لا يراه إلا عندما يقف خلف زجاج المطاعم ، فأقبل على أمه وسألها :

هل هذا الطعام ، قد طلبت منك إمرأة غنية إعداده لعائلتها؟

ضَحِكَت ثم قالت : لا يا عزيزي ، أنا تلك المرأة الغنية ، وهذا الطعام لنا.

كانت تلك الجملة كصاعقة أصابَته ، فجلس على الكرسي الخشبي ، يحاول الخروج من الصدمة ،

فجلست جانبه ووضعت يدها على كتفه ، وبدأت بسرد ما حصل له ، وحاولت أن تجعل تلك البضائع ، كالقذارة بعينيه عندما قالت :

لأنّ الأغنياء يعيشوا حياتهم بترف ورخاء ، يفيض منهم نقود ، ومن بخلهم وحماقتهم بدل أن يتصدّقوا بها للفقراء ،

يدفعوها على تلك المواد الضارة بلا أي نفع يعود عليهم.

إقرأ أيضا: خادمة تدخل الحمام لتفرغ حليب صدرها وكفيلتها ماذا فعلت؟

إذاً ، لمَ يشتروها إن كان لا نفع لها؟!

يرون السعادة بها ، ولا يعلمون أن الطعام اللذيذ يعطي السعادة فهم لديهم الكثير ،

غير أنهم لا يشعرون بسعادة الفقير إن أعطَوها له ، كونهم أغنياء.

شعر الصبي بكره نحو الأغنياء ، فقال لأمه وكأنه يعلم ما يجول بخاطرها : أخبري أبي أنّ يجعلني أعمل معه.

احتَضَنَتْه من شدة الفرح ، وقبّلَت جبينه ثم قالت :

ابني البطل ، أخبره أنت عندما يصحو وإن لم يقبل فأنا سأُقنِعُه.

ما إن استيقظ الزوج حتى هرول ابنه إليه وعانقه :

أبي أشكرك كثيراً ، لقد تناولنا طعام الأغنياء اليوم بفضلك.

احتَضَنَهُ أبيه وكادت أن تتساقط دموعه ثم أمسك بيده وجلسا على الطعام ،

كَوْنَ زوجته قد أحضَرَت كمية طعام تكفي لتناول غدائَين.

نظر زوجها بسعادة لكمية الطعام الكثيرة ولم يعترض البتة أو يطلب منها التوفير ،

فهو على يقين أنها في اليوم التالي سَتُخفِضُ كمية المشتريات وكانت هذه المرة الأولى كاحتفال.

التزم الصبي الصمت لحين شَبِعَ أبيه فقال له :
أبي ، أريد العمل معك.

نظرَ له بصدمة ، ونظرَتْ بسعادة لكليهما وهي تنتظرُ ردّ زوجها بالموافقة ، لكنه أجاب : بالطبع لا ، فأنت لا تعلم طبيعة عملي.

وقبل أن ينطِقَ الإبن بكلمة ، أشارت له بأن يصمت ثم طلبت من زوجها أن يأتي معها لغرفتهما كي تحادثه بأمر ما ،

ذهب معها وهو يتساءل عما تريده لكنه صُعِقَ عندما قالت له :

اطلب من مديرك بالعمل أن يُوَظّفَ ابنك معك
هل جننتي ؟! وما الذي سيعمله طفل صغير؟

إقرأ أيضا: حرمت في أول زواجي من رزق الأولاد زمنا

كيف سيقوى على حمل كل تلك الصناديق؟ ثمّ هل نسيتي أنه عمل خطر ،

غير ذلك فهو يتعَلّم مهنة النجارة واستيعابه جيد في التعليم بحسب شهادة معلمه.

ردَّت بضيق : أيّ شهادة وأيّ تعليم وأي نجارة ، ما الذي ستعوده عليه تلك المهنة التي تساوي مهنة العتالة بمردودها ،

نحن في حيّ شعبي ، ما الذي سيجنيه النجار من تصليح قفل باب أو دقّ بضعة مسامير لخزانة مكسورة أو تقويم نافذة مخلوعة ،

ضع عقلك برأسك يا رجل ، واردك مع وارد ابنك سيعود علينا بالخيرات ،

اطلب من مديرك أن يُؤَمّن له عمل وانتظر رده ، إن لم يقبل حينها سيستمر بالنجارة كما كان ،

ولا تنسى إن كان هنالك أي خطر على ابنك ، لن يقبل صاحب العمل به كي لا يُسَبّبَ له الأذى.

صمت بضع دقائق يفكر بكلامها ، ثم قال : معك حق ، سأطلب من زوج أخت صديقي أن يجمعني بمدير العمل ،

كون لا أحد يستطيع الوصول له إلا عن طريقه ، وسأخبرك عند عودتي الفجر بما قال.

خرج إلى العمل وابنه جالسٌ يترقّبه بعينين متوسّلتَين أن يكون قد وافق على كلام أمه ، فنظر له مبتسماً ثم قال : أمك ستخبرك.

نظر إلى أمه ، فابتسمت له وأومأت رأسها بالموافقة ، ثم حلّق فرحاً بأرجاء المنزل.

بعدما قصّت له ما حدث بينها وبين أبيه ، وبعد بضعة ساعات نامت وهي ترجو أن يمضي الليل سريعاً ،

كي يأتي زوجها بالنقود وبالخبر اليقين بعمل ابنها.

في تلك الليلة استيقظت فجراً قبل موعد قدوم زوجها ، فلم تستطع النوم جيداً من تَوقِها لمعرفة ردّ مديره.

جلست على الكرسي الخشبي تنتظره أمام الباب وقبل أن يضع المفتاح ققزَت وفتحَت الباب بنفسها ،

وقبل أن يلتقط أنفاسه قالت له : أروي لي ما حصل.

جلس وعلامات الحزن بادية على وجهه ثم أخرج من جيبه رزمة النقود وفوقها رزمة أصغر ،

فكادَت أن تتمزّق جفونها وهي تمدّ يديها بابتسامة أخذت عرض وجهها ، ثم بدأ بسرد ما حصل.

إقرأ أيضا: مر المجرم من أمام باب المنزل الذي كان مفتوحا بشكل بسيط

أخبرني المدير أنّ عمل صبي بسن العاشرة في حمل الصناديق ليلاً هو أمر ملفت للنظر ، وبوجوده ستتفتّح العيون علينا ،

لكن كان بباله عمل له ، وهو أنْ يقوم بإيصال الحبوب المخدّرة عالية التأثير وباهظة الثمن ، وكافة أنواع المواد المخدرة الأخرى.

قاطعته بدهشة : وكيف سيوصِلُ ولد بعمره تلك المواد؟

سيلبسُ ثياباً كالباعة المتجولين الذي يبيعون المناديل ، ثم يرافقه شخص بالغ يتَّفق بوقت مُسبق مع المشتري للقاءه بمكان ما ،

ثم يتبعه الطّفل الصغير ، وعندما يشير مرافقه إلى الزبون ، يذهب الطفل نحوه ويرجوه أن يشتري منه ،

وبعد توسّلات يأخذ الزبون علبة المناديل وبداخلها المواد المخدرة ،

ثم يعطيه قطعة بسكويت بداخلها ثمن المخدرات ومعها ثمن المناديل ،

فيمضي الولد بطريقه ومرافقه خلفه وعندما يصلان إلى نقطة آمنة يعطيه ثمن المخدرات.

صمتَت لحظات وهي تنظر له كمن لم تصدق ما سمعَت ثم قالت له : لكن لماذا هذه الرزمة الأخرى؟!

هذه لابنك ، فعندما سمع المدير عن رغبته في العمل شعر بسعادة عارمة ، فالجهات المختصة تراقب المشهورين بتعاطيهم ،

لعلها تستطيع القبض على الموزعين ، ولن يجد أفضل من الباعة الأطفال المتجولين كي يؤدّوا تلك المهمة بنجاح ،

غير أنَّ ابننا محل ثقة كَوني أنا أعمل معهم ومن طرف زوج أخت صديقي وهو مقرّب للمدير.

لقد فهمْتُ ، حركة بغاية الذكاء ، فمن المؤكد أنّ الأمن لن يشكّوا بأطفال صغار ، إذاً متى سيباشر بالعمل؟!

رد محتدا : أنا لم أوافق على عمله ، ألا ترين أنّ هذا الأمر في غاية الخطورة.

ردّت بحدّية أكبر : أرجوك ارحمني من جُبنك ، ومن أين ستأتي الخطورة إنها فكرة لا تخطر ببال إبليس.

رزمة نقود مكافأة بسبب رغبته بالعمل ، وما أدراك بعد العمل كم سيعطيه؟

سأعيد النقود.
لِمَ أخذتَها من الأساس؟

إقرأ أيضا: الفتاة الطائشة وكمين الأنذال

خشيتُ بعد أن رأيتُ سعادته ، أن أرفض فيقوم بطردي.

إذاً حتى لو رفضْتَ وأعدْتَ النقود سيطردك.

صمت قليلاً ثم قال : معك حق ، سأنام بضع ساعات وأنتِ جهزّيه ظهراً كي آخذه للعمل ، فعمله سيكون نهاراً ،

وأخبريه أنه أخذ نقوداً مكافأة على شجاعته ، واشتري له الأشياء التي طالما حلم بها ،

ولا تنسي أن تضعي ثياباً إضافية مع نعل إضافي بشنطة زبالة كي يجعلانها تلائم شكل الباعة المتجولين.

لا يوجد نعل إضافي.

إذاً اشتري له حال استيقاظه .

عندما استيقظَ ابنها في الوقت المعتاد ، هرولت إليه وأخبرته بما قال أبيه ، وأعطَته رزمة النقود ،

فكاد أن يقفز من الفرح ، فلم تتوقّف رغبَته بالعمل على النقود وحسب ،

بل أصبحت رغبَته بمساعدة الأغنياء على إيذاء أنفسهم تجتاحُهُ بشدة ،

تناولا الإفطار ثمَّ نزلا إلى السوق كي يشتريا الحذاء والملابس والألعاب التي طالما حلم بها ، لحين موعد ذهابه إلى العمل.

ما إن أصبحت الساعة الثانية عشرة ظهراً ، قامت بإيقاظ زوجها ، فَقَفَزَ من مكانه خشية أن يتأخر ،

ثم تناول بضع لقيمات وأخذَ ابنه وسار به إلى عمله الجديد ، عندما وصلا وقابلا مدير العمل ، فَرِحَ برؤية صبي شكله شجاع لا يهاب الصعاب ،

فملامح وجهه كانت توحي بالقوة ، فطلب منه ألا ينزع النظرة المتوسلة التي يستخدمها الباعة المتجولين لكسب استعطاف الزبائن ،

ثم قاموا بتمزيق أجزاء صغيرة من ملابسه الإضافية ، وتوسيخ وجهه بشكل خفيف ،

وقطع جزء صغير من نَعلِه ، كي يأخذ الشكل النهائي استعداداً للعمل.

إقرأ أيضا: لقد ابتلاني الله بزوج بليد الجزء الأخير

توقّع الأب أن ينتظر ابنه لحين عودته ، لكنهم أمروه بالعودة إلى المنزل والنوم كي يرتاح عندما يحين وقت عمله مساءاً ،

وألا يقلق على ابنه فهم سيعيدوه عند اقتراب مغيب الشمس ، بأجرة عمله بعد ارتداء ملابسه الغير ممزّقة ، كي لا يلاحظ أحد من الجيران.

عاد إلى المنزل وقلبه يرتعش خوفاً على ابنه ، وعلى الورطة التي أوقَعَهُ بها ، وعندما دخل وسرَدَ ما حصل ، قالت له :

لا يجب أن تقلق فهو سيذهبُ ويعود وحده بشكل يومي ، وبذلك لن يشكَّ أحد بأمره ،

ويجب ألا ننسى أن نخترع أمام الناس وخاصة معلّمه النجار ، أن ابننا قد وجد عملاً مردوده أعلى بتصليح السيارات خارج الحي ،

وأنّكَ قد تركتَ العتالة وتعمل الآن مرافقاً لرجل أعمال مهم بمردود أعلى.

أومأ رأسه بالموافقة بدون أن ينطق بكلمة ، ثم عاد إلى النوم ، وهي حلَّقت من الفرح بعد تأمين عمل لابنها ،

وأيقنَت أنَّ النقود من الآن فصاعداً ستأتيها كالينبوع.

يتبع ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?