Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الحب في الحياة

للحب وجوه أخرى

للحب وجوه أخرى

ظل مستيقظا طوال ليلته ، يشعر بفرحة لم تطرق قلبه من قبل ،

تخطت مشاعر طفل ينتظر بزوغ فجر يوم العيد ليرتدي ملابسه الجديدة.

هاهو بعد الكثير من المحادثات الهاتفية بينهما والتي استمرت لقرابة العام ، تجرأ وأخبرها بما يحمله قلبه من حب لها.

تردد كثيرا في إخبارها بمشاعره ، خوفا من يقابل بالرفض خاصة أن علاقتهما مجرد صداقة عمل لا أكثر.

لكن حديثهما الدائم ليلا ، وابتسامتها البريئة الصافية التي تقابله بها كل صباح عند دخوله للعمل والتىي تجعله يشعر بأن الدنيا قد خلقت من أجله ،

عيناها التي تبعدهما خجلا كلما تلاقت عيونهما والتي يشعر أنها تتحدث بما لم يجرؤ لسانها على البوح به ،

حديثها إليه عن تفاصيل يومها بعد إنتهاء العمل ، شكواها له مما يزعجها واستماعها لنصائحه باهتمام ،

كل ذلك كان دافعا قويا أن يخبرها بحقيقة مشاعرة.

بمجرد أن أخبرها بأنه يحبها ، لم يأتيه جوابها ، خيم الصمت للحظات عليهما ، شعر بأن الدنيا تدور به ،

مرت تلك الثواني كالدهر ، شعر أنه تسرع فيما فعل ، وأنه قد يفقدها للأبد.

بعد لحظات خاطبته قائله :
ماذا قلت للتو؟
لم أقصد أن أتسبب في مضايقتك ، وأعتذر عما حدث.

واصلت حديثها وكأنها لم تستمع لما قال وهي تخاطبه قائلة : أخيرا تحدثت.
وأردفت قائله : وأنا أيضا أحبك.

بمجرد أن قالتها لم يشعر بنفسه إلا وهو يهب واقفا على قدميه فوق الفراش الذي كان مستلقيا عليه قبل لحظات ،

لم يصدق أذنيه شعر لوهلة أنه يحلم ، طلب منها أن تعيد قولها مجددا ، ففعلت.

امتد حديثهما لما بعد منتصف الليل بساعتان ، أغلقا الخط على وعد باللقاء في الغد بعد العمل لتناول الطعام سويا.

بالرغم من أنه لم يتذوق طعم النوم بسبب الفرحة التي تملأ قلبه ،

إلا أنه يشعر بنشاط وحيوية قلما يشعر بهما وكأنه كان نائما طوال الليل.

إقرأ أيضا: عندما أنجب بنتا سأوصي نفسي وأكرر الوصية

ارتدى أفضل ثيابه ، تأنق كما لم يفعل من قبل ، يشعر بأن قلبه يكاد يطير مما يشعر به من فرحة بداخله.

أخرج زجاجة العطر غالية الثمن والتي يحتفظ بها للمناسبات الهامة ، قام بوضع الكثير منها ، يريد أن تراه في أفضل حال.

ما أن وصل للعمل ، حتى وجدها في نفس المكان الذي اعتاد أن يقابلها به كل صباح ،

ما أن تلاقت عيونهما حتى ابتسمت بخجل وهي تحولهما بعيدا عنه كعادتها.

داعبت تلك الذكرى المحببة لنفسه ذاكرته أثناء جلوسه يشاهد مباراة لكرة القدم

، بينما كانت جالسة برفقة أبنائهما تساعدهما في استذكار دروسهما ،

وبين الحين والأخر يرتفع صوتها عاليا ملقية باللوم على أحد الأبناء الذي لم ينتبه لما قالته.

تعجب من ذلك التغيير الذي لحق بحياتهما ، كيف يمكن أن تتبدل من هام بها حبا في غضون أعوام قليلة لتصبح على ما هي عليه الآن ؟

من كان صوتها لا يسمع إلا همسا ، أصبحت الآن دائمة الصراخ ، عصبية باستمرار ،

لم تعد تهتم بنفسها ولا به كما كان يحدث في السابق.

كلما حاول أن يتحدث معها مذكرا إياها بمحادثتهم الليلة أثناء فترة خطبتهم ،

وجدها ترد بسخرية لتخبره بأن هذا كان في الماضي.

في كل مرة كان يقطع حديثه ويفضل الصمت ، لينعى حظه العاثر وما آل إليه ،

لكن في تلك الليلة قرر أن يخبرها بما يضيق به صدره ، لعلها تراجع تفكيرها وتعدل من نفسها.

بعدما انتهت من مراجعة دروس الصغار ، دخلت للمطبخ لطهو طعام الغد ، ليكون جاهزا عن عودتها من العمل.

ما أن انتهت ودخلت لغرفة النوم ، حتى وجدته مازال مستيقظا ، تسائلت عن سبب استيقاظه ،

فأخبرها بأنه يريد مناقشة أمر هام معها.

حاولت أن تؤجل المناقشة للغد فهي تشعر بتعب شديد ، لكن أمام إصراره لم تجد مفرا من الموافقة.

إقرأ أيضا: خرج من بيته مستاء بعد أسبوعين من الزواج

بدأ يحدثها عن ما يجول بخاطره ، وكيف أنه يشعر بأنها لم تعد تحبه كما كانا فى السابق ،

لم تعد تسمعه كلمات الغزل التي كان يقطر به لسانها ليل نهار ، لم تعد تشاركه السهر في يوم العطلة لمشاهدة التلفاز كما كانا يفعلا في بداية زواجهما ،

أخرجها صريحه بأنه أصبح يشعر بفتور ، وكأن هناك حاجزا يفصل بينهما ويزداد ارتفاعه يوما بعد يوم.

ظلت تنظر إليه صامتة ، حتى فرغ من حديثه ، كان يتوقع أن تقابله بعاصفة من الغضب ، ملقية باللوم عليه ،

لكنها للعجب لم تفعل ، ظلت صامتة للحظات بعدما إنتهى ، ثم بدأت تتحدث قائلة ،

إن ما يتحدث عنه تشعر هي أيضا به بل وأكثر ، فطبيعة الأنثى تميل للدلال وتحب بين الحين والآخر الإستماع لمعسول الحديث.

أن تشعر بأنها مرغوبة دوما من رجلها وأنها أفضل نساء الدنيا في عينيه ، ولكنه أيضا لم يعد يفعل ذلك.

هم بمقاطعتها ، لكنها أشارت إليه أن ينتظر حتى تنتهي من حديثها مثلما فعلت معه قبل قليل.

عادت تستكمل حديثها لتخبره ، بأن الحب قبل الزواج وفي بدايته يكون مجرد كلمات عشق يلقيها كل من الطرفين على مسامع الأخر ،

لكن بعد تقدمهم بالعمر وإنجاب الصغار ، يتبدل الحب ليأخذ شكلا أخر لم يعتادا عليه بعد.

فهي حين تعد له طعامه المفضل تخبره بحبها له ، حين تقوم بغسل ملابسه فهذا شكل من أشكال الحب ،

حين تراجع دروس الصغار متمنية أن يكونوا الأفضل حتى يصبح هو فخورا بهما ،

حين تقوم بتنظيف المنزل يكون لأجله حتى يجلس في مكان نظيف يعود عليه بالراحة النفسية.

حدثته عن رغبتها أن تخرج برفقته للذهاب للسينما أو التسكع في الشوارع كما كانا يفعلا في الماضي ،

ولكن من حبها له تحاول المحافظة على أمواله ، بعدما أصبح يمارس عمل إضافي بعد الظهيرة ليستطيع تلبية احتياجات البيت.

تدرك جيدا حجم الضغوط التي يتعرض لها ، ولا تريد أن ترهقه بما يثقل كاهله ،

تعلم أن حبه لها يتمثل في الكد ليل نهار حتى يستطيع تلبية احتياجاتهم.

للمرة الأولى يدرك أن للحب أشكال وأنماط أخرى غير ما لعتاد على مشاهدته في الأفلام وقرأته في القصص الرومانسية.

احتضنها بحنان وهو يمسح دمعة سألت على وجنتيها رغما عنها ، بعدما أدرك أن حبهما أصبح أقوى من ذي قبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?