للنساء اللآتي إختار الله لهن أن يعيشن بمفردهن
كل إمرأة سافر زوجها ، وكل إمرأة توفى عنها زوجها أو إنفصلت عنه ،
وكل إمرأة لم تجد شريكاً مناسبا تتقاسم معه الحياة فعاشت وحدها.
كل الإحترام والتقدير لهؤلاء اللآتي تقوم قيامتهن ولا يشعر بهن أحدٌ إلا الله.
هؤلاء العاجزات عن البوح بأعباء نفوسهن في مجالس الثرثرة والأحاديث النسائية فمن سيتفهَّم شعورهن؟!
هذا الكم الهائل من التفاصيل التي تعترض طريقهن يوميا وهن وحدهن ، ولا يملكن القدرة عن وصف ما يشعرن به في كل موقف.
كل الإحترام لهؤلاء اللآتي يتحملن أعباء ومتطلبات الحياة وحدهن ويؤدينها على أكملِ وجه.
يحسبهم الجاهل أغنياء من تعففهن عن وصف ما يشعرن به.
هؤلاء هن اللآتي يُجدن إخفاء الشعور.
هؤلاء هن المُحدِّثات الله كثيرا ، يخبرونه عن كل يوم مرضن فيه وعالجن أنفسهن ولم يعلم بهن أحد غيره.
وكل يوم مرض أحد أبنائهن وطرقن أبواب الأطباء ليلاً وحدهن.
عن كل يوم أغلقن فيه باب المنزل ليلا وهن يتظاهرن بالشجاعة.
عن كل يوم طمأنَ فيه صغارهن ، وهن في أشد الحاجة إلى من يطمئنهن ويحتضن مشاعرهن.
وعن كل يوم شعرن فيه بتآكل أرواحهن من الداخل.
هؤلاء هن من يفرحن وحدهن ويحزن وحدهن ، يأكلن وحدهن ويضحكن وحدهن.
هؤلاء هن من يطرق الحزن بابهن مرات ومرات عديدة ويصارعنه كثيرا ويتغلبن عليه كثيرا بجمال أرواحهن.
وهؤلاء هن الذين تمر عليهن مناسبات العام كلها وحدهن فيتأقلمن معها راضيين.
تمضي لحظات كثيرة من أعمارهن تحمل مشاعر مختلفة فلا يجدن من يخبرنه فيتفهَّم شعورهن في هذه اللحظات.
إقرأ أيضا: المراقبة والحضور هي الفاصل بين يقظة الوعي وبين اللاوعي
هؤلاء هن الذين أبتُلُوا بهذا الكم الهائل من الإدراك رغم حداثة سِنهن.
فلا شيء يجعل المرء ينضج مُبكرا مثل الوحدة ،
أكاد أجزم أنه في هذا العالم كله لا يوجد إمرأة شعرت بهذا الشعور الذى أحسته تلك التي تُغلِق بابها ليلاً وهي وحدها.
فهي المؤنِسة التى فُطِرت على الونس تعيش عكس فطرتها ،
يتغير إدراكها تتغير درجة شعورها عن باقي النساء.
هؤلاء هن الذين إبتلاهن الله بالتفكير المفرط في كل شيء بالمسؤلية التي يعجز عنها بعض الرجال.
وهؤلاء هن الذين تم إستهلاك مشاعرهن إلى أقصى حد.
الله وحده من يرى هذا الكم الهائل من التفاصيل التي أنهكت أرواحهن وهن يمررن بها بمفردهن.
الله وحده من عَلِمَ بهذه الغصة التي تُحيطُ بقلوبهم في كل مرة إضطروا أن يواجهوا أقدار ومصاعب الحياة وحدهن ،
فلن يبذلوا مجهوداً معه للشّرح.
كل الإحترام كل المجد لهؤلاء الصامتات عن حالهن فى الأرض مُحدِّثات رب السماء ،
المكتفيات بذكر النعم يخبرن الله فقط بما يؤلمهن وكفى به عليما.