لماذا لم تذكر أم سيدنا يوسف عليه السلام في القرآن الكريم؟
عند قراءة القرآن الكريم تتبادر إلى الذهن أسئلة كثيرة ومنها :
لماذا لم يأت ذكر أم سيدنا يوسف في سياق أحداث السورة إلا في قوله ورفع أبويه على العرش ، وفي سجودها له في رؤياه.
لكن في غير هذين الموضعين لا نجد لها أي ذكر مع أن المعهود ،
أن يكون حزنها كأم على سيدنا يوسف أضعاف حزن سيدنا يعقوب الذي ابيضت عيناه وفقد بصره من شدة الحزن.
الإجابة ببساطة : أن أم سيدنا يوسف ماتت وهي تلد أخاه الصغير بنيامين ،
وبالتالي الأم التي رأها يوسف في الرؤيا هي زوج أبيه التي ربته وأم أخوته الذين تآمروا عليه ،
ولذلك فطول الأحداث كان التركيز على سيدنا يعقوب ،
لأنه مهما كانت زوج الأب متعاطفة مع سيدنا يوسف لكن قلبها سيحنو أيضا على أبنائها هي ؛
لذا فلن يُقارن حزنُها بحزن سيدنا يعقوب.
لذلك تجد الروعة والبلاغة والدقة القرآنية المدهشة حين قال سيدنا يوسف في النهاية :
ورفع أبويه على العرش ، ولم يقل ورفع والديه على العرش ،
لأن كلمة والديه ستعني أمه المباشرة من النسب أما أبويه فتعني الأب والأم ،
لكن أمه التي ربته أو زوج أبيه وليست بالضرورة أمه المباشرة.
كما أن إستخدام كلمة الأبوين تشير إلى الأب والأم مع تغليب جانب الأب ،
فيما تشير كلمة الوالدين إلى الأب والأم أيضا لكن مع تغليب جانب الأم لأن الولادة صفة الأنثى ،
ولذلك نفهم من هنا لماذا قال الله عز وجل : “وبالوالدين إحسانا”
ولم يقل : (بالأبوين إحسانا) لتزكية الأم على الأب في الرعاية والإحسان والبر.
ولماذا قال في الميراث : لأبويه لكل واحد منهما السدس ، ولم يقل : (لوالديه)
لأن في حال موت الإبن تزكية الأب أولى ؛ لأنه يرث فرضا مثل أمه وتعصيبا بأخذ الباقي فالتغليب له ،
وهو كذلك من ينسب إليه الإبن وينادى به كما أنه عائل الأسرة من بعده.