لما سمع عكاشة أن سبعين ألفا سيدخلون الجنة بغير حساب
لما سمع عكاشة أن سبعين ألفا سيدخلون الجنة بغير حساب ، أسرع فقال :
يا رسول الله ، ادع الله أن أكون منهم ، قال : أنت منهم.
فقال آخر : ادع الله أن أكون منهم ، قال : سبقك بها عكاشة.
بين دخول الجنة بغير حساب ، وبين التعرض للحساب والمساءلة ثانية واحدة ، هي التي كانت بين سؤال عكاشة وصاحبه.
وهكذا الأمور مع الله ، تفرق فيها اللحظة ، وثؤثر فيها التسبيحة ، وتقدم المرء أو تؤخره دعوة أو دمعة!
فكيف بالمتأخرين دهورا ، والغافلين شهورا؟!
أشد الناس ندما في الآخرة هم المهدرون لأعمارهم حتى وإن دخلوا الجنة!
بين الدرجة والدرجة في الجنة قراءة آية ، وبينهما كذلك خمسمائة عام!
رأيت صديقا لا يوقف تحريك شفتيه ونحن جلوس نتكلم ،
لا يكاد يوقفهما عن التسبيح حتى انفض المجلس ، فقمت وبي من الحسرة على نفسي ما الله به عليم.
الأنفاس الذاكرة تورث الغرف العاطرة ، ومهمل الحسنات يحرم عالي الدرجات.
الأعمار تحسب بالأنفاس ، والجنة غراسها ذكر لا يتعدى طرفة عين.
أيها المتأخرون ، أفيقوا ، فوقفة ساعة يوم القيامة تذيب الجسم من حرها ، فكيف بمن سيقف يوم القيامة كله؟!
بينما عكاشة وأصحابه المبادرون يعيشون في الجنة قبل هؤلاء الواقفين بخمسين ألف سنة!
أستحلفكم بالله ، أوقفوا نزيف الأعمار ،
فلستم أكرم على الله من جعفر وابن رواحة.