لما لم تخبريني أنك كنت تتألمين منذ الأمس؟! كيف تخفين ذلك عني حتى ازدادت حالتك سوءا؟
أنا بخير ، لا تحدث جلبة بسبب أمر بسيط كهذا.
أمر بسيط؟! أخبرني الطبيب أن النزيف كاد يودي بحياتك أنت والطفل وتقولين أنه بسيط!
أجل بسيط ، وهاقد مر بسلام.
ما هذا الهدوء الذي تتشحين به؟! ما بالك غدوت غير مبالية؟!
لقد أصبحت تخفين عني كل ما يلِّم بك فرحا كان أو حزنا ، وإذا ما اكتشفت ذلك صدفة تقولين أن الأمر بسيط.
أليس هذا ما كنت تقوله دوما؟! أن كل ما أعاني منه أمر بسيط وأنا من أحدث جلبة ،
أثناء حملي بطفلنا الأول كنت أعاني من آلام متكررة بسبب ضعف جسدي لكنك كنت تقول أن كل النساء تحمل وتنجب ،
ولا تثير الفوضى التي أثيرها أنا ببكائي وصراخي ،
كنت أحضر كل شيء قبل قدومه بحب وحماس فكنت تحبطني قائلا أني بتّ إمرأة ناضجة وعلى وشك أن أغدو أمًّا ،
لذا علي أن أتصرف بعقلانية أكثر.
عندما كنت أرسل لك صور الجنين بعد ذهابي للفحص الدوري الذي لم تتكبد عناء مرافقتي إليه ،
كنت تكتفي بكلمات جوفاء كأنه ليس ابنك وفرحتك الأولى ،
أدرك أنك لست من ذلك النوع العاطفي لكن كان عليك إظهار القليل من الإهتمام لأجلي.
أجل كل النساء تنجب ولكن ما لا تعلمه أن كل النساء التي تنجب تعاني من آلام وتعب وإجهاد لا يمكنك تخيله ،
لكن بعضهن يخفين ذلك لأن آباء أطفالهن رجال مثلك ،
وهناك من تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة الذي اعتبرته ضجيج أطفال أفتعله حتى أتدلل عليك ،
لقد حرمتني من كل ما كنت أحتاجه في حملي الأول لذلك تعلمت أن أتحمل بمفردي ،
إقرأ أيضا: يوشك أحدكم أن يتعثر هنا بقصته
لقد كسرت شيئا بداخلي لا يمكنك ترميمه بسهولة ، أنت ببساطة حرمتني من الأمان ومن ضعفي الذي من المفترض أن يعزز قوتك ،
تحمّلت إهمالك قبل الحمل وكنت ألتمس لك ألف عذر لكني لم أتخيل أن يتفاقم الأمر لتلك الدرجة المريعة.
أنا فقط..
عجبا! ظننت أنك ستكون سعيدا بهذا التغيير الجذري ، أليست هذه الشخصية التي كنت ترغب في تقمّصها؟!
ها أنا إمرأة قوية في جسد ضعيف ، دفنت تلك الطفلة التي تسبب لك الصداع ، لذلك عليك أن تكون سعيدا لأني أرضيتك.
لا ، لست سعيدا أبدا ، ربما لأني أصبحت أشعر أني لم أعد طفلك المدلل ،
تلك التفاصيل التي كنت أنتقدها بقسوة غدوت أشتاقها الآن بشدة ،
كلما سافرت انتظرت منك اتصالا طويلا تسألين فيه عن حالي ، وتوصيني بالأكل جيدا وارتداء ملابس ثقيلة في الشتاء ،
والقبعة والنظارات حتى لا تصيبني ضربة شمس ، أشتاق لمرحك وتجهيزات طفلنا ،
ملابسه المبهجة ، سريره الصغير ، طلاء جدران غرفته ، صوره في كل مراحل نموه في أحشائك.
عودي إلي ، اكتشفت في الشهور السابقة أني بهجتك والفوضى التي تعيثينها هي ما يضفي لحياتي رونقها الخاص.
لكنك تأخرت ، تأخرت كثيرا.
إذا فقدت الأنثى الأمان في حضرة رجلها ومحبوبها حينها ستنتقل من مرحلة الطفولة للنضوج المؤلم ،
أي أنها ستغدو رجلا في جسد أنثى ، ستغدو ذلك الرجل الذي افتقدته فيه.