![](https://i0.wp.com/tfa9eel.com/wp-content/uploads/2022/11/pexels-jamal-yahyayev-12861865-scaled.jpg?resize=780%2C470&ssl=1)
لن تعرفي قيمتي إلا إن خسرتيني الجزء الثالث
بدأَت حديثها قائلة : أوصاني إبني أن أقول لكِ جملة وعرض ، لكن قبل ذلك أريد أن أقول لكِ كلاماً مني وليس منه.
تفضلي.
إبنتي على الرغم من بخل إبني ، لكن الناس تشهد له بحسن أخلاقه ، فلم يُكَلِّم فتاة قط ،
ولم يحتسي ولو لمرة واحدة رشفة من المشروبات الكحولية ، بل حتى لا سيجارة له ، فلن تجدي رجلاً بهذه الأيام مثله.
ابتسمتُ لكلامها ثم قلت : أمي ، نحن نعلم جيداً أنه لو أراد أن يدخل بعلاقة مع أي فتاة عندما كان أعزباً أو حتى إن رغب أن يخونني بعد زواجنا ،
فإنَّ تلك المرأة ستطلب منه هدايا كثيرة وخروجات للمطاعم وفسحات ،
ولن تقبل إلا أن يشتري لها كلَّ ما لذَّ وطاب ، وللحفاظ على جيبه قرَّر أن يرتبط بعلاقة رسمية وجعلها لا تتعدى الستة أشهر ،
كي يضمن تلك الفتاة زوجة له ، وبالنسبة للمخدرات والمشروبات الكحولية ،
فنعلم أيضاً أنها تكلف نقوداً كثيرة وكونه رجلاً مثقفاً جامعياً فيعي أنَّ أضرارها ستقوده إلى الإدمان وبالتالي سيدفع نقوداً أكثر.
صمتْتُ لحظات والضيق يعتصر قلبي من كلامها ، ثم تابَعْت :
أمي ، لو أردنا أن نَصِفَ رجلاً بأنه ذا أخلاق حسنة ولا يفعل كل الأمور التي ذكرتيها ،
فيجب أن يكون كريماً ، يصرف بدون أن يفكر أين ستذهب نقوده ، لا أن يعارض زيادة المصروف لأمه ،
وأنا على ثقة بأنه لو حصلت معجزة واستقلَّينا بمنزل أنا وهو ، سيفعل نفس الشيء معي.
تنهَّدَت بحزن ثم قالت : ربما إن خلَّفتُما ولداً تتغير طباعه.
من شبَّ على شيء شاب عليه ، أمي.
إبنتي ، كأني فهمتُ من كلامكِ أنكِ مُصِرَّة على الطلاق.
نعم مُصِرَّة.
نظرت لي وجُفون عينيها كادت أن تتمزق ، ثمَّ تبدَّلَ حالها فجأة وقالت بغضب حاولت إلجامه :
إذاً لا داعي أن أُخبِرَكِ بالعرض والجملة التي قالها.
إقرأ أيضا: للحب الممنوع سبب الجزء الأول
وقبل أن أفتح فمي بكلمة ، انتَفَضَت من مكانها : أريد الذهاب ، ابتعدي عن طريقي.
هرولَت للباب، ومن دهشتي لم أقل لها كلمة واحدة ، وحمدت الله أنَّ لا أحد من أهلي كان بالمنزل ،
كي لا يضغطوا عليَّ بكلامهم وآرائهم.
دخلتُ لغرفتي وأنا أفكر بكلام حماتي ، وخشيتُ أن يكون به شيء من الصواب ،
ففعلاً زوجي ذا أخلاق عالية بشهادة الناس ، وحتى بشهادة أخيه وأمه وأبيه على الرغم من أنهم ليسوا على وفاق معه ،
خاصة أخيه ، فقد قال لي ذات مرة : لقد حاولتُ كثيراً مع زوجك أن أُعَلِّمه التدخين ،
كي أُقرِّبه مني وأحاول جعله رفيقي بالخروجات التي أخرجها مع الفتيات ،
كي يتعرَّف على واحدة تنسيه بخله وتجعله يصرف نقوده بكرم ، لكن دون جدوى.
تضاربَتْ الأفكار بداخلي ما بين كلام أمه وأخيه ، ورغبتي بالطلاق ، فقلتُ في قرارة نفسي :
ربما إن تزوجتُ رجلاً كريماً ، يكون عاشقاً لتكوين علاقات مع نساء حتى بعد زواجه ،
وأتعرض للخيانات المتكررة ،
وأمضي أيامي أراقبه وألاحقه ، وربما يكون مُدْ*مناً على المشروبات الكحولية والمخدرات.
وقبل أن أُقَرِّر أن أنتزع فكرة الطلاق من عقلي ، فجأة تذَكَّرت شتيمته لي عندما قال حمقاء ،
وصفعه لي ذلك الكف الذي شوَّهَ وجهي يومان ، فتغيَّرَ تفكيري بلحظة ثم قلت :
وما الذي يمنعه من ضربي مرة أخرى ، بل مرات؟!
إقرأ أيضا: لن تعرفي قيمتي إلا إن خسرتيني الجزء الأخير
من المؤكد أني بمواقف لن أحتمل بخله وسأتشاجر معه وبالتالي سيضربني ربما ضرباً يودي بحياتي أو يُسَبب عاهة مستديمة لي ،
فمن سوَّلَت له نفسه بضرب زوجته مرة وعادت له ، سيضربها مراراً ، غير الشتائم التي ربما تصبح علنية أمام الناس ،
وحينها ما نفع أني تزوجْتُ رجلاً مثقفاً جامعياً ، وهو لا يستمع إلا لآراءه أصلاً ، وحتى إن ناقشني أيضاً سيُنَفِّذُ كلامه.
حينها شعرْتُ أنَّ قراري بالطلاق أفضل قرار آخذه بحياتي ، وحتى لو قام أبي بِقَتْ*لي ، لن أُغَيّر رأيي.
عاد أبي وأخي وأمي مساءاً ، فرأيتُ الحماس والسعادة بدت واضحة على أبي ، عندما سألني ماذا جرى بيني وبين حماتي ،
وما إنْ أخبرته ما حصل وقلتُ قراري حتى تعالى صراخه ، وانقضَّ عليَّ لضربي ، وشعرتُ حينها أنه سيقتلني ،
لو لا وجود أخي الذي منعه ووقف أمامه كالجبل ، وهرولَت أمي تحتَضِنُني وتسحبني لغرفتي.
كانت أول مرة بحياتي أرى أبي يُعاملني بتلك الطريقة ، فقد كان ملجأ الأمان والحنان حتى أكثر من أمي ،
فتمَلَّكني الرعب أن تتحول حياتي مع عائلتي لهذا الشكل ، وأن يُعاملني أبي معاملة مُهينة كوني مُطَلَّقة ،
ويقوم بتعليم أخي ويقلبه ضدِّي ، فتتحول حياتي لجحيمٍ لا يطاق ، وشعرتُ تدريجياً بأني سأنهي خلافي مع زوجي وسأعود له ،
وبقيتُ بضعة أيام أنتظر خبراً منه ، فقد توقَّعْتُ أن يأتي ليصالحني شخصياً ، ومعه هاتف محمول من أحدث الأنواع ،
كونه كان يقول لي دوماً أنه يحبني لدرجة أني لو احتَجْتُ روحه سيعطيها لي.
غيرَ أني دُهِشْتُ من تبدِّل حال أبي في تلك الأيام ، فقد عادَتْ معاملته اللطيفة لي كما كانت قبل زواجي وكأنَّ شيئاً لم يكن ،
إلى أن عادت أمه مرة أخرى لتقول جملة ابنها وعَرْضَه ، الذي من غضبها لم ترغب بقوله.
يتبع ..