مائدة من الجنة نزلت على قوم معينين
مائدة من الجنة نزلت على قوم معينين فيها ألذ طعام شهدته البشرية وكل ما لذ وطاب من أكل الجنة ،
وكل من أكل منها وفيه مرض تشافى وكل فقير اغتنى ، هذه المائدة من عظمتها سمى الله سوره كاملة بالقرآن باسمها.
في يوم من الأيام أمر سيدنا عيسى بن مريم أنصاره وأصحابه الحواريون أن يصوموا ثلاثين يومًا لله ،
والحواريون هم أناس أخلصوا لله وللنبي عيسى عليه السلام وهم كانوا أنصاره على هذه الأرض ،
فنفذوا ما أمرهم به سيدنا عيسى وصاموا الثلاثين يوما كاملة ، لكن بعدها طلبوا أمرًا عظيمًا ومهيبًا.
هذا الأمر لم يتجرأ أن يطلبه أحد من العالمين منذ بداية البشرية حتى يومنا هذا إلا الحواريون.
فطلبوا من نبي الله عيسى إنزال مائدة من السماء عليهم ليأكلوا منها وتطمئن بذلك قلوبهم أن الله تعالى قد قبل صيامهم ،
وتكون لهم عيدًا يفطرون عليها يوم فطرهم.
وأيضا كانوا يرغبون أن تطمئن قلوبهم أكثر بصدق عيسى عليه السلام ،
فقالوا نريد أن نأكل منها فنحن محتاجون إلى الأكل وستطمئن قلوبنا إذا شاهدنا نزولها رزقا لنا من السماء ،
ونعلم أنك قد صدقتنا ونزداد إيمانا بك وعلما برسالتك ونشهد أنها آية من عند الله ، ودلالة وحجة على نبوتك وصدق ما جئت به.
ولكن عيسى عليه السلام وعظهم في ذلك وخاف عليهم ألا يقوموا بشكرها وتعظيمها بعد أن ينزلها الله عليهم ،
فأبوا عليه إلا أن يسأل لهم ذلك وألحوا عليه.
فلما ألحوا عليه أخذ يتضرع إلى الله تعالى في الدعاء والسؤال أن يجابوا إلى ما طلبوا وأن ينزل الله عليهم المائدة التي طلبوها.
فاستجاب الله سبحانه وتعالى ، فأنزل سبحانه المائدة من السماء والناس ينظرون إليها تنحدر بين غمامتين في منظرٍ عظيم ،
وكانت كبيرة الحجم كل من نظر إليها لم يستطع أن يصرف بصره عنها من جمالها ،
وجعلت تدنو قليلا قليلا وكلما دنت منهم يسأل الله عيسى عليه السلام أن يجعلها رحمة عليهم لا نقمة.
إقرأ أيضا: أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين
فلم تزل تدنو حتى استقرت بين يدي عيسى عليه السلام وهي مغطاة بمنديل كبير من حرير الجنة ،
وسط ذهول وانبهار من كل الحاضرين الذين يشهدون مائدة من جنات النعيم تنزل عليهم.
فقام عيسى عليه السلام يكشف عنها وهو يقول : بسم الله خير الرازقين.
فإذا عليها من الطعام سبعة من الحيتان وسبعة أرغفة وقيل :
كان عليها خل ورمان وثمار من الجنة لا توجد مثلها بالأرض أبدًا ولها رائحة عظيمة جدًا ،
وقيل أن بها طعامٌ حلو ومالح من الجنة مذاقها لا يوصف ولذتها عظيمه للغاية ،
وبها ماء ولبن وعسل من الجنة من ذاقه زالت همومه وأحزانه.
ثم أمرهم عيسى عليه السلام بالأكل منها أمر عليه السلام الفقراء والمحاويج والمرضى وأصحاب العاهات ،
وكانوا قريبًا من الألف وثلاثمائة أن يأكلوا من هذه المائدة.
فأكلوا منها فبرأ كل من به عاهة أو آفة أو مرض مزمن ،
واستغنى الفقراء وصاروا أغنياء فندم المنافقين والمكذبين بنبي الله عيسى الذين لم يأكلوا منها لما رأوا من إصلاح حال أولئك الذين أكلوا.
ثم بعد أن أكلوا منها وشبعوا رفع الله المائدة وصعدت وهم ينظرون إليها حتى توارت عن أعينهم ،
وقيل : إن هذه المائدة كانت تنزل كل يوم مرة فيأكل الناس منها ،
فيأكل آخرهم كما ياكل أولهم وكان يأكل منها كل يوم سبعة آلاف شخص.
ثم أمر الله تعالى نبيه عيسى أن يقصرها على الفقراء دون الأغنياء وعندها لم يصمت المنافقون الذين تحدثوا ،
وحاولوا أن يشككوا في عقيدة النبي عيسى فرفعها الله إلى الابد ومُسخ الذين تكلموا في ذلك من المنافقين إلى خنازير ،
فكان هذا جزاءهم بعد أن شككوا في الله ونبيه.
الله تعالى أمرهم بأن لا يدخروا من المائدة ولا يأخذون منها شيء لبيوتهم أو يحفظونها بمخازنهم ،
لكن البعض منهم عصى أمر الله وادخروا منها فكان جزائهم مثل جزاء المنافقين ومسخهم الله خنازير أيضا.
قال كعب الأحبار عن النبي صل الله عليه وسلم قال :
«نزلت المائدة من السماء عليها خبز ولحم ، وأمروا أن لا يخونوا ، ولا يرفعوا لغد ، فخانوا وادخروا ورفعوا فمسخوا قردة وخنازير».
هذه قصة المائدة العظيمة وإليها تنسب سورة المائدة في القرآن الكريم وهي مما امتن الله به على عبده ورسوله عيسى ،
لما أجاب دعاءه بنزولها وقصتها ليست مذكورة في الإنجيل ولا يعرفها النصارى.
المصادر :
كتاب تفسير الطبري للقرآن.
البداية والنهايه لابن كثير.