مات بسببها ثلث سكان مصر ماذا تعرف عن الشدة المستنصرية؟
مات بسببها ثلث سكان مصر ماذا تعرف عن الشدة المستنصرية؟
شهدت مصر في العهد الفاطمي أحد أقسى المجاعات التي تعرضت إليها إن لم تكن الأقسى على الإطلاق والتي عرفت في التاريخ باسم الشدة المستنصرية.
حدثت المجاعة في عهد الحاكم الفاطمي المستنصر بالله الذي حكم مصر لمدة 60 عام كاملة.
تولى المستنصر بالله حكم مصر في العهد الفاطمي عام 1036م وعمره 7 أعوام فقط ،
وبدأ عهده والدولة في حالة رخاء وإزدهار.
إستمرت فترة الرخاء الإقتصادي في عهد المستنصر سنوات طويلة ،
لدرجة أن أبواب القصر كانت مفتوحة للعوام وتوزع عليهم المؤن والطعام والأدوية مجانًا.
لكن بعد 17 عام من حكمه إنخفض فجأة منسوب مياه النيل لأدنى مستوى له منذ عقود طويلة للغاية ،
ما تسبب في دمار المحاصيل الزراعية.
إستغل التجار الجشعين هذا الأمر فقاموا بتخزين البضائع ورفع أسعارها ،
معتقدين أنها فترة قصيرة وستمضي وعليهم إستغلالها لكن تفاقمت الأمور تباعًا.
إرتفعت الأسعار بشكل جنوني لم تشهده مصر في تاريخها ،
حيث أصبح ثمن البيضة من الدجاج يساوي ثمن قراريط من الأرض.
أصابت المجاعة المصريين بالجنون فشاعت في البداية حوادث السرقة بينهم ،
حيث دأب كل شخص أن يسرق أي طعام يجده عند أي شخص آخر وتم نهب قصور الأغنياء.
وصلت المجاعة لأشد صورها جنونًا ، حيث أصبح وجود الطعام في مصر شيئا نادرًا ،
فبدأ الناس أولًا بأكل دوابهم من الخيول والحمير.
مع زيادة شدة المجاعة وفناء الدواب لجأ المصريون إلى إصطياد القطط والكلاب وتناولها ،
حتى إختفت تمامًا من الشوارع ، ثم لجأوا إلى أكل الجيف وجثث الحيوانات الميتة.
إقرأ أيضا: من العجيب أن هموم الدنيا ممكن أن تختفي
تعاظم جنون المجاعة دفع الناس لأكل بعضهم ، فقاموا باصطياد المارة بالشوارع وأكلهم ،
حتى أخذ المصريون يصنعون الخطاطيف لاصطياد الناس المارين بجانب منازلهم.
لزم الناس بيوتهم حتى لا يتعرضون للقنص والصيد من قبل الآخرين ،
لكن شدة المجاعة وصلت لمستويات قياسية حتى أصبح أهل البيت يأكلون من يموت منهم من شدة الجوع.
في خضم هذه الشدة العظيمة كان الناس يموتون كل يوم بأعداد كبيرة ،
وكان الناس ينتهزون وجود أي جثة لشخص في أي مكان ليأكلوها.
إستمرت الشدة المستنصرية لمدة 7 أعوام ، سميت بالسبع العجاف على غرار سنين نبي الله يوسف.
تناقص عدد سكان مصر لأقل معدل في تاريخها ،
ومات ثلث السكان في أكبر عدد من الوفيات التي أصابت مصر عبر تاريخها الطويل وتفشت الأوبئة والأمراض الفتاكة بين الناس.
ذكر بعض المؤرخين أن المصريين في تلك الفترة كان اللحم يلامس عظامهم من شدة الجوع.
بعد سبع سنوات من المجاعة المميتة قام والي عكا في ذلك الوقت ،
بدر إبن عبد الله الجمالي بتقديم يد المساعدة فقدم إلى مصر مع 100 سفينة محملة بالغذاء.
قام بفرض الأمن أولا على مصر بعد أن أصبحت فوضى بصورة كبيرة وشاع النهب والسلب والسرقة والقتل بها دون رقيب أو حسيب.
تزامن في هذا الوقت حدوث الشيء الذي إنتظره المصريون 7 أعوام كاملة ،
حيث إرتفع منسوب النيل من جديد وفاض الفيضان على البلاد لتبدأ مصر في تنفس الصعداء
قام الجمالي بتنظيم قنوات الري المهملة منذ سنوات ،
وقام بتقديم يد العون للفلاحين من أجل تنظيم زراعة المحاصيل للخلاص من المجاعة الضاربة ، وقام بتخفيف الأعباء عنهم.
نجحت سياسة الجمالي في تنظيم شئون الزراعة في مصر ،
وقامت مصر بحصاد محصولها الزراعي لتبدأ المجاعة في الإختفاء.
إقرأ أيضا: الطبع يغلب التطبع
فرض الجمالي نظاما قضى بأن تكون المحاصيل للفلاحين لمدة 3 أعوام ،
حتى لا يترك أي فرصة للتجار لشراء المحاصيل وتخزينها أو إستغلالها ،
ونجح في ذلك الأمر وكان ذلك من الأمور التي ساعدت على إنهاء المجاعة في فترة قصيرة بعد فيضان النيل.
إنقشعت الشدة المستنصرية تمامًا بعد 7 أعوام من أعظم مجاعة ضربت مصر في تاريخها ولتنطوي تلك الصفحة السوداء.
حفظ المصريون معروف بدر الدين الجمالي الذي أنقذهم من المجاعة فأطلقوا إسمه على أحد أكبر أحياء القاهرة آنذاك
” حي الجمالية ” وهو من أشهر الأحياء كذلك في الوقت الحالي.
ظل الخليفة المستنصر على رأس حكم مصر وحكمها لمدة 36 عام أخرى حتى وفاته ،
لتصبح فترته الأطول في تاريخ مصر منذ الفتح الإسلامي لها عام 641م.