قصص منوعة

مات طائر حمام كنت أربيه منذ ٦ سنوات

مات طائر حمام كنت أربيه منذ ٦ سنوات
من أول ما خرج من البيضة ورفضت أمه إطعامه.

فاضطررت أن أطعمه حتى شب وأصبح لا يعرف غير أنه واحد من البشر ، لا يتعامل كطائر.

صارت بيننا علاقة صداقة ومرافقة دائمة ،
يكون معي حيثما أذهب أو أجلس أو أتحرك ،
وعندما أخرج لا ينام حتى أرجع إلى المنزل.

أي طعام يشارك فيه ويأكل منه (عيش وفاكهة وخضروات).

كان يعتبر كل أثاث البيت ملكاً له ، يسمع الكلام ، مطيع ، يفرق بين أوقات اللعب والجد ،
عنده عزة نفس.

يرفض نهره أو زجره أو طرده من المكان ،
له خفة ظل ويحب اللعب ويحب من يلاعبه.

كان له شخصية وسمت خاص في الحركة والسير والمعاملة.

لو تأخرت عن موعد الإستيقاظ ، لازم يصحيني

ذكي ، يعرف اللاب توب ، وينقر بمنقاره على الموبايل ، ويعرف صوت نفسه وصورته في الفيديوهات.

أليف ، يطير على كتف من يجلس أو يقف على يده وما هو أكثر.

صاحب البيت وحارسه ، يظل واقفا مع أي فني يدخل الشقة (نجار أو كهربائي أو سباك أو كشاف النور أو غاز) حتى ينتهي من عمله.

إذا سمع جرس الباب ، ينبهني لفتح الباب ويجري بسرعة نحوه ، ولازم يقف عند الباب مودعا من كانوا في البيت عند إنصرافهم.

منظم غير عشوائي ، لا يطير ويقف على أطباق أو أكواب أو أوراق أو كتب.

نظيف ، رائحته طيبة ، ريشه لامع ، له مكان لقضاء حاجته ، وفوق شراسته عند الغضب أو المضايقة ،

كان حنون ، غيور ، لطيف ، يعرف كيف يجذبك إليه.

يحب أكل (اللب) من فمي ،
وكانت أمي تنادي علي “ما تحطش نَفَسك في نَفَسُه”.
ومكنتش أقدر.

(وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم)

وحاولت ألا أكتب ، وأقول أن هذا موضوع لا يهم الناس ،

لكن وددت أن أسجل المحبة والتواصل بين كائن ضعيف يحمل صادق الحب. ولديه القدرة على التعبير عنه.

إقرأ أيضا: قاتل البطة

كنت أميز صوته لما يكون جعان أو خايف أو فرحان وعاوز يلعب أو متنرفز وبيشتم أو متضايق ومتغاظ.

1 3 4 10 1 3 4 10

كنت أحتفظ بكل ريشة تسقط من تغيير جناحيه.

كان يطمئن فيقف على كتفي (برجل واحدة ويرفع الأخرى إلى صدره) في ثبات وأمان ،

أو يجلس على كتفي ويضم جناحيه ليدخل في نوم عميق.

أحببته حبا كبيرا ، وأظنه أحببني أكثر.

ووجدت أن أسجل هذا الشعور وفاء له ، فقد صارت بيننا صداقة ومحبة وعشرة لسنوات.

حتى أن إخوتي لما كانوا يزوروني في المنزل
يسمونه (أخونا في الله زتونة)

( زتونة ) ، إسمه فقد كان أسمر اللون ، وكان يعرف إسمه ، ويستجيب له.

كان يجلس مستمعا في مجالس العلم وكأنه فرد منهم ، ويسمعوا صوته أثناء البث المباشر.

كان يقلد حركات الركوع والسجود في الصلاة ، في هدوء وثبات وإستقرار.

قال تعالى: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ).

عند قراءتي للقرآن يقف على صفحة المصحف ويسير برأسه مع حركة الإصبع بين السطور.

قال تعالى : (وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ).

افتقدته ، وأتألم كثيراً لفقده ، وحزين عليه
فقد كانت بيننا لغة تفاهم وتواصل نادراً ما تتوافق مع البشر.

عند موته ، حاولت جاهدا إسعافه ، وإنعاش قلبه ، وأخذته إلى طبيب بيطري ،

ولكن إرادة الله بعدم الحب الشديد والتعلق بالشيء كانت سابقة.

إقرأ أيضا: كان هناك شاب ثري ثراءا عظيما

وكما تأثرت لموته ، تأثر أهل بيتي وإخوتي ، وكل من قابله ،

حتى معظم إخواننا كان حريص على إلتقاط الصور معه ،

وتسجيل مواقفه اللطيفة والطريفة معه ، ويذكرونها فيما بينهم.

مات ، ودفنته في حديقة المنزل ، وزرع إخواني بجواره الريحان والنعناع والفل.

وتذكرت حديث البخاري عن أسامة بن زيد : (أنَّ ابنةً لِرَسولِ اللَّهِ أرْسَلَتْ إلَيْهِ ومع رَسولِ اللَّهِ أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ ، وسَعْدٌ، وأُبَيٌّ ، أنَّ ابْنِي قَدِ احْتُضِرَ فَاشْهَدْنَا ،

فأرْسَلَ يَقْرَأُ السَّلَامَ ويقولُ :
إنَّ لِلَّهِ ما أخَذَ وما أعْطَى ، وكُلُّ شيءٍ عِنْدَهُ مُسَمًّى ، فَلْتَصْبِرْ وتَحْتَسِبْ فأرْسَلَتْ إلَيْهِ تُقْسِمُ عليه ،

فَقَامَ وقُمْنَا معهُ ، فَلَمَّا قَعَدَ رُفِعَ إلَيْهِ ، فأقْعَدَهُ في حَجْرِهِ ، ونَفْسُ الصَّبِيِّ تَقَعْقَعُ ،

فَفَاضَتْ عَيْنَا رَسولِ اللَّهِ ، فَقَالَ سَعْدٌ : ما هذا يا رَسولَ اللَّهِ؟!

قَالَ : هذِه رَحْمَةٌ يَضَعُهَا اللَّهُ في قُلُوبِ مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ ، وإنَّما يَرْحَمُ اللَّهُ مِن عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ).

ولعظم مثل هذا الموقف عند صاحبه ، واسى سيدنا رسول الله (الرحمة للعالمين) طفلاً مات عصفوره الصغير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?