ما عندكم ينفد وما عند الله باق
إمرأة ضاقت أحوال زوجها ، فذهبت إلى رجل ميسور الحال ، وطرقت الباب ، فخرج أحد الخدم وقال لها : ماذا تريدين؟
فقالت : أريد أن أقابل سيدك؟
فقال : من أنت؟
قالت : أخبره أنني أخته!
الخادم يعلم أن سيده ليس عنده أخت
فدخل وقال لسيده : إمرأة على الباب تدعي أنها أختك!
فقال : أدخلها.
فدخلت ، فقابلها بوجه هاش باش ، وسألها : من أي إخوتي أنت يرحمك الله؟
فقالت : أختك من آدم.
فقال الرجل الميسور في نفسه : إنها إمرأة مقطوعة ، والله سأكون أوّل مَن يصلها.
فقالت : يا أخي ، ربما يخفى على مثلك أن الفقر مُرُّ المذاق ،
ومن أجله وقفت مع زوجي على باب الطلاق ، فهل عندكم شيئا ليوم التَّلاق ؟ فما عندكم ينفد ، وما عند الله باق.
فقال لها : أعيدي ؟
فقالت : يا أخي ، ربما يخفى على مثلك أنّ الفقر مُرُّ المذاق ، ومن أجله وقفت مع زوجي على باب الطلاق ،
فهل عندكم شيئاً ليوم التلاق ؟ فما عندكم ينفد ، وما عند الله باق.
فقال لها : أعيدي ؟
فأعادت الثّالثة
ثم قال في الرابعة : أعيدي ؟
إقرأ أيضا: قصة صلاة الفجر
فقالت : لا أظنك قد فهمتني ، وإن الإعادة مذلة لي ، وما اعتدت أن أذل نفسي لغير الله.
وأرادت أن تمشي ، فقال : إنتظري ، والله ما أعجبني إلّا حسن حديثك ، ولو أعدت ألف مرَّة لأعطيتك عن كل مرة ألف درهم.
ثمّ قال لخدمه : أعطوها من الجِمال عشرة ، ومن النوق عشرة ، ومن الغنم ما تشاء ،
ومن الأموال فوق ما تشاء ، لنعمل شيئا ليوم التّلاق ، فما عندنا ينفد وما عند الله باق.
العبرة :
رسالة إلى كل الميسورين من أصحاب الأموال
لا تنسوا الفقراء ، تفقّدوا إخوانكم وجيرانكم وأقربائكم وأصدقائكم يرحمكم الله ،
فلعلّ فيهم من يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفُّف.