ما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك
ما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك ، وما لا تحب أن يصنع بك فلا تصنعه بغيرك ، فإن في ذلك عدل ، وفي العدل رضا الله تعالى.
زعموا أن لبؤة كان لها شبلان ، وأنها خرجت ذات يوم تطلب الصيد وتركتهما ، فمر بهما صياد فرماهما بسهم حتى قتلهما ،
وسلخ جلودهما ومضى بهما إلى منزله.
ثم إن اللبؤة رجعت ، فرأت ما بشبليها من الأمر الفظيع فصرخت وصاحت ، وتقلبت ظهرا وبطنا ،
وكان إلى جانبها نمر جار لها ، فلما سمع بكاءها وصراخها خرج إليها ، فقال لها :
” ماهذا الذي أراه بك ؟ وما جرى عليك ؟ “
فأخبرته بما حدث ،
فقال لها : لا تحزني ولا تصرخي ، وانصفي من نفسك واعلمي أن هذا الصياد ، لم يات إليك شيئَا إلا وكنت ركبت من غيرك مثله ،
ولم تجدي من الأسف والحزن على شبليك شيئَا إلا و قد كان من كنت تفعلين بأحبابه ما تفعلين ،
فاصبري على نحو ما صبر عليه غيرك منك
فإنه قد قيل : ” كما تدين ، تدان “.
فقالت له اللبؤة : ” اشرح لي ما تقول وأوضحه؟ “
فقال النمر : ” كم لك من العمر ؟ “
قالت اللبؤة : ” مائة سنة “
قال : ” ما الذي كان يقوتك ويعيشك ؟ “
قالت اللبؤة : ” لحوم الوحش “
فقال لها : ” ومن كان يطعمك ذلك ؟ “
قالت له : ” نفسي” قال : ” أما كان لتلك الوحوش آباء وأمهات ؟ “
إقرأ أيضا: كونوا دعاة إلى الله وأنتم صامتون
قالت اللبؤة : ” بلى “
قال : ” فما لنا لا نسمع من تلك الآباء والأمهات من الضجة والجزع والصراخ ما نسمع منك !
أما أنه لم يصبك ذلك إلا لسوء نظرك في العواقب ، وقلة تفكرك فيها ، وجهالتك بما يرجع عليك من ضرها !
“فلما سمعت اللبؤة ذلك ، عرفت أنها هي ما اكتسبت ذلك على نفسها ، وجرته إليها ، وأنها هي الظالمة الجائرة ،
وأنه من عمل بغير الحق والعدل ، انتقم منه ، وغلب بعد أن كانت له الغلبة فتركت الصيد وانصرفت عن أكل اللحم إلى الثمار وأخذت في الزهد والنسك.