إسلام

مر النبي صل الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر

مر النبي صل الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر ، فقال : اتَّقِي اللَّهَ واصْبِرِي قالَتْ :

إلَيْكَ عَنِّي ، فإنَّكَ لَمْ تُصَبْ بمُصِيبَتِي ، ولَمْ تعرفه ، فقِيلَ لَهَا : إنَّه النبيُّ صَل اللهُ عليه وسلم.

فأتَتْ بَابَ النبي صل الله عليه وسلم ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ ، فَقالَتْ : لَمْ أَعْرِفْكَ ، فقال :

( إنَّما الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى )

كتَبَ اللهُ سُبحانَه وتعالَى على عِبادِه البَلاءَ في أنفُسِهم وأموالِهم وأولادهم ، ووعَدَ الصَّابرينَ على هذا البلاء الأجر العظيم ؛

فقال تعالى : {إِنَّمَا يوُفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].

وفي هذا الحديث يُخبِرُ التابعيُّ ثابِتٌ البُنانيُّ أنَّه سمع أنَسَ بنَ مالك رَضِيَ اللهُ عنه يُكَلِّمُ امرأة مِن أهْلِهِ ، وسَأَلَها: تَعْرِفِينَ فُلَانَةَ؟

قالت : نعم ، فأخبرها أنَّه لَمَّا مرَّ النبي صل اللهُ عليه وسلَّم على هذه المرأةِ ووجَدَها تَبْكي على القَبرِ لِفقْدِ أحدِ أحبَّائِها ،

وفي روايةِ مسلم : «تبكي على صبيٍّ لها» ؛ قال لها ناصحً ا: «اتَّقِي اللهَ واصْبِري» ،

أي : لا تَجزَعِي الجَزَعَ الذي يُحبِطُ الأجر ، واسْتشعِري الصبر على المصيبة بما وعد الله على ذلك ؛

ليحصُلَ لك الثَّوابُ ، وخافي غَضَبَ اللهِ إن لم تَصْبري.

فقالتِ المرأةُ : ابتَعِدْ عنِّي ؛ فإنَّك لمْ تُصَبْ بما أُصِبْتُ به ، فَجاوزَها النَّبيُّ صل اللهُ عليه وسلَّم ومَضَى في طَريقِه ،

فعرَّفَها رجُلٌ بأنَّ مَن مَرَّ بها ونصحها بتقوى اللهِ والصَّبرِ على المصيبةِ هو النَّبيُّ صل اللهُ عليه وسلَّم!

فقالت : إنها لم تكُنْ تَعرِفُ أنَّه رسول اللهِ صل اللهُ عليه وسلَّم ؛ إذ لو عرفَتْه لم تكُنْ لتخاطِبَه بهذا الخِطاب.

ثُمَّ جاءتْ إلى بَيتِه صلّ الله عليه وسلم ، فلم تَجِدْ عليه بوَّابًا ، وكان صل الله عليه وسلَّم أكثرَ النَّاسِ تَواضعًا ؛

لا يَقِفُ على بابِه بوَّابٌ ، أو حارس ، أو حاجِبٌ يمنعُ النَّاسَ من الدُّخولِ عليه ،

إقرأ أيضا: فضل البكاء من خشية الله

وفائِدةُ هذه الجُملةِ أنَّ المرأةَ لَمَّا استشعرت خوْفًا وهيبةً في نفسِها ، تصَوَّرت أنَّ النَّبيَّ صل اللهُ عليه وسلَّم مِثلُ الملوكِ له حاجِبٌ أو بوَّابٌ يمنعُ النَّاسَ مِن الوصولِ إليه ،

فوجدت الأمرَ بخلافِ ما تصوَّرَتْه ، فلمَّا أتَتْهُ قالتْ له : واللهِ ما عرَفْتُك ، وكأنها تعتَذِرُ عن سوءِ قَولِها وسُوءِ رَدِّها عليه ،

فأخبرها النَّبيُّ صل الله عليه وسلم أنَّ الصَّبرَ المحمودَ الذي يُؤجَرُ عليه الإنسانُ يكونُ عندَ صَدمةِ المُصيبةِ الأُولَى وبِدايتِها ؛

لأنَّه هو الذي يَشُقُّ ويَعظُمُ تَحمُّلُه ومُجاهدةُ النَّفْسِ عليه ،

1 3 4 10 1 3 4 10

وأمَّا بعْدَ الصَّدمةِ الأُولى ومُرورِ الأيامِ فكلُّ أحدٍ يَصبِرُ ويَنسَى المُصيبةَ.

وفي الحديث : بَيانُ تَواضُعِ النَّبيِّ صل الله عليه وسلّم.

وفيه : مَوعظةُ المصابِ ونُصحُه عِندَ البكاء على الميت.

وفيه : رِفقُه صل اللهُ عليه وسلم وكريم خلقه ؛ حيثُ لم يَنتهِرِ المرأةَ لَمَّا ردَّتْ عليه قولَه ، بل عذَرَها بمُصيبتِها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?