مسؤولية حفظ الأمانات

مسؤولية حفظ الأمانات

قال ابن سعدي رحمه الله : قال تعالى في ذكر صفات المفلحين : (وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)

أي : مراعون لها ، حافظون مجتهدون على أدائها ، والوفاء بها ، وهذا شامل لجميع الأمانات التي بين العبد وبين ربِّه ،

كالتَّكاليف السرية ، التي لا يطلع عليها إلّا الله ، وكذلك الأمانات التي بين العبد وبين الخلق ،

في الأموال والأسرار.” تيسير الكريم الرَّحمن 887.

عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال :

أربعٌ إذا كُنَّ فيكَ فلا عليكَ ما فَاتَكَ مِنَ الدنيا ، حِفْظُ أَمانَةٍ ، وصِدْقُ حَدِيثٍ ، وحُسْنُ خَلِيقَةٍ ، وعِفَّةٌ في طُعْمَةٍ.

المصدر : صحيح الأدب المفرد وذكره الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة ٥١٥٠.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : (ومِن الأمَانَة ، أمانة الولاية ، وهي أعظمها مسؤوليَّة ،

الولاية العامَّة والولايات الخاصَّة ، فالسُّلطان مثلًا ، الرَّئيس الأعلى في الدَّولة أمينٌ على الأمَّة كلِّها ،

على مصالحها الدِّينية ، ومصالحها الدُّنيويَّة ، على أموالها التي تكون في بيت المال ،

لا يبذِّرها ولا ينفقها في غير مصلحة المسلمين وما أشبه ذلك.

وهناك أمانات أخرى دونها ، كأمانة الوزير مثلًا في وزارته ، وأمانة الأمير في منطقته ،

وأمانة القاضي في عمله ، وأمانة الإنسان في أهله. شرح رياض الصالحين (2/463)

ومن مسؤوليّة الأمانة أيضا : مسؤوليّة الإشراف على المجموعات في وسائل التواصل الإجتماعي ،

وهذه المسؤوليّة توجب على المشرف عليها ما يلي :

تقوى الله تعالى ومراقبته في كلّ ما ينشرُ في مجموعته ، لأنّه صاحب السلطة فيها ، يضيف من يشاء بإذن الله ،

ويزيل من يشاء إذا شاء الله ، ويضع الشروط ، ويأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ويغيّره إن وُجد.

فهو مسؤول أمام الله تعالى عن كل ما ينشر.

ومن مسؤولياته : منع نشر المنكرات ، والمحرّمات ، والبدع ، والأحاديث الموضوعة والضعيفة ،

والشبهات ، والمفاسد من قبل الحضور والمشاركين في المجموعة ، والتحذير منها ومن أهلها.

إقرأ أيضا: محطات تربوية

ومن ذلك منع النشر والترويج في مجموعته لمن خالفوا الشرعَ والمنهج ، أو القوانين والأنظمة الّتي سنّها ولاة الأمر في بلده بالمعروف.

ومن مسؤولياته : الرفقُ بالأعضاء ، والنصيحة لهم ، وحفظ أسرارهم.

ومنها : الإشتراط على أعضاء مجموعته بعدم النشر إلا للعلماء الثقات المعروفين بحسن الإعتقاد والمنهج.

وكذلك عدم النشر لأحد دون ذكر السند والمصدر واضحا ، لأن الإسناد من الدّين.

وأخيرا : فإنّ المسؤولية عظيمة ، وثوابها عظيم إذا تحمّلها المشرفون على المجموعات ،

واتّقوا الله فيها ، وفِي أعضائها ، وأخلصوا النيّة واحتسبوا وصبروا ،

فلهم عند الله تعالى مثل أجر كلّ من نشر فيها علما نافعاً ، تبعه عمل صالح إلى يوم القيامة.

Exit mobile version