Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
قصص منوعة

منذ أن وطأت قدماه المكتبة في مدرسته الإبتدائية

منذ أن وطأت قدماه المكتبة في مدرسته الإبتدائية شعر بأنه قد أصابه مس وأنه أصبح سجينا بإرادته داخل تلك الجدران الرائعة التي تتزين بأجمل زهور العقل.

كان لرائحة الكتب سحرا عجيبا داخل روحه ،

عندما يلمس إحداها يشعر كأن به قوة عجيبة كالأبطال الخارقين الذين يطالع قصصهم.

بمجرد أن يبدأ في القراءة يذوب بجسده وعقله فيما يمسك بين يديه ،

لا يشعر بالمحيطين به ، يمر الوقت سريعا كأنه طرفة عين.

كان الكتاب صديقه الدائم الذي كلما إستدعاه ، أتى مهرولا لندائه ، ليكون بين يديه ، ليغرقه بداخله ،

يجعله يسبح بين أفكاره ، حتى يصل لشاطئ الخاتمة ، ليشعر بعدها بالنشوة تسري في جسده.

مع تقدمه بالعمر ، إزداد تعلقه بالقراءة ، عندما كان يشعر بالملل من إستذكار دروسه.

لم يكن يفعل كأقرانه ، يخرج للتسكع في الشوارع ، والنظر للفتيات.

كان يلجأ للقراءة ، وكما قرأ لأحد الكتاب المعروفين في أحد رواياته ،

بأن القراءة نوعا من المخدرات النافعة التي تجعله يغيب عن الوعي بداخل عوالم ساحرة.

بعد إنتهائه من المرحلة الثانوية ، وجد نفسه لا شعوريا يمسك بالقلم ، ويخط فكرة لاحت في ذهنه ، لم يكن يتخيل أنه يمكنه الكتابة.

بعدما فرغ مما كتبه ، أعاد قرائته ، شعر بسذاجة ما خطته يده ، هم بتمزيق الأوراق وإلقائها في القمامة.

لكن يداه لم تقوى على ما يريده عقله ، أعاد القراءة مجددا ، وجد أن ماكتبه ليس بهذا السوء الذي تصوره في المرة الأولى.

قام بإخفاء الأوراق التي كتبها ، خوفا من أن يراها أحد ويسخر منه ، وقرر عدم الكتابة مجددا.

بعد مرور أسبوع ، تفاجأ بأنه يمسك بالقلم مجددا ويقوم بكتابة قصة قصيرة لمعت في ذهنه.

إقرأ أيضا: أصيبت إبنة رجل فقير يدعى توماس بضمور في عضلاتها

شعر بأن ذلك الجن الذي كان يتلبس الشعراء في البادية قديما ويجعلهم يهيمون على وجوههم في الصحراء ،

ليكتبوا أروع القصائد قد تلبسه هو أيضا.

شعر بأن بداخله بركان من الأفكار ، تتصارع للخروج للعلن ، بعدما ظلت حبيسة بداخله ، إلى أن جاء وقت الإنفجار.

أخذ يكتب بغزارة ، ويحتفظ بما يكتبه ولم يطلع عليه أحدا.

بعدما أنهى دراسته الجامعية ، أخذته الحياة بكل صخبها مما يحب ويهوى.

لابد من الحصول على عمل ، يؤمن مستقبله ويؤهله للزواج وتكوين أسرة.

إلتحق بالكثير من الوظائف ، بعيدا عن تخصص دراسته ، لم يكن يملك خيار أخر.

لم يجد نفسه في أي وظيفة مما إلتحق بها.

طفل وعدته الحياة بأن تعطيه الحلوى عندما ينهي دراستة ويكبر ، لكنه تفاجأ بأنها كاذبة ،

أدارت ظهرها له وسحبت يدها من كفه وتركته وحيدا وسط الطريق يواجه مصيره.

أثناء ترتيبه لأحد الأدراج القديمة في خزانته ، وجد تلك الكراسة القديمة التي كان يحتفظ فيها بكتاباته.

لم يصدق عينيه عندما رآها ، مد يديه إليها ببطئ ، نفض الغبار الذي يعلوها ، فتحها تذكر حلمه القديم.

إستعاد ذكرى كل قصة وكل حرف خطه بداخلها.

أعاد قراءة ما كتبه منذ زمن ، راق له بشدة ، تعجب من نفسه ، كيف كان يكتب بتلك المهارة وهو في تلك السن الصغيرة.

قام بإختيار واحدة من تلك القصص القصيرة المتواجدة بالكراسة ،

قام بتعديل بعض الأشياء الصغيرة بها ، ونشرها على صفحته على مواقع التواصل الإجتماعي.

لا يعلم لما فعل ذلك ، ولا كيف أتي بتلك الشجاعة ؟

واستطاع أن يخرج ما ظل حبيسا بداخل عقله وخزانته طوال تلك السنوات للنور.

إقرأ أيضا: قصة الخليفة والوالي الفقير

يبدو أن الجن الذي تلبسه قديما عاد مرة أخرى إليه ،

شعر للمرة الأولى منذ سنين أنه وجد نفسه ، وكأن تلك الكراسة القديمة الأتية من الماضي البعيد ،

طوق النجاة لتأخذ بيده مرة أخرى لترشده للطريق الصحيح ، وتنتشله من المستنقع الذي ألقت به الحياة فيه وتركته وفرت هاربة.

في الصباح كعادته ، قام بفتح حسابه الإلكتروني ، هالة ما رأى ،

كان هناك الكثيرين من أصدقائه يمدحون ما كتب بالأمس ، ويشجعونه على الإستمرار لأنه حقا يمتلك موهبة رائعة.

لم يصدق عينيه ، إنتابته سعادة غامرة ، شعر بروحه ترتفع محلقة بعيدة في سماء الحلم.

أخيرا وجد نفسه مرة أخرى ، وسط صخب الحياة وضجيجها المزعج ، كفارس كان يواجه جيش كامل بمفرده ولا يحمل سلاح.

عندما عثر على كراسته القديمة ، شعر كأنه وجد درعا وسيف ،

وأصبح قادرا على مواجهة أصعب الظروف بكل صلابة ، وقادرا على هزيمتها.

إنسابت من عينيه دمعة فرح ، لإنسان وجد ضالته في الحياة بعد عناء طويل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?