منذ صغري وأنا أحفظ سورة قريش ولما عرفت تفسيرها في الآونة الأخيرة ، خفت الله أكثر.
السورة مكونة من أربع آيات ” لإيلاف قريش ” هذه أول آية من سورة قريش ، تناقش مشكلة حياتية وهي إلفُ النعمة.
أول مرة أسمع عتابا من إيلافِ النعم.
كان أهل قريش معتادين على الفقر والجوع والحياة البدائية البسيطة ،
لدرجة أن عندما يصل أحدهم لشدة الفقر ، كان يأخذ أهل بيته لمكان يسمى بالخباء ،
يبقون فيه حتى يموتوا كلهم من الجوع ، وهذه العادة في الجاهلية كان إسمها “الإعتفار”.
كان هناك عائلة كبيرة إسمها بني مخزوم ، كانوا سيموتوا من الجوع الشديد ،
وعندما وصل خبرهم إلى هاشم بن عبد مناف أحد كبار التجار ، استاء من وجود هذا الجهل والفقر في أهل البيت الحرام.
فجاء هاشم بن عبد مناف وغير هذه العادة ، وقال لهم أنتم أحدثتم عادة تُذَلون بها بين العرب وأنتم أهل بيت الله والناس لكم تبعا.
فقسم القبيلة لعشائر ، وأمر كل غني منهم بتقسيم ماله مع الفقراء من عشيرته حتى بقى الفقير مثل الغني ،
وعلمهم أصول التجارة ، ونظم لهم رحلتين في العام رحلة الشتاء والصيف.
رحلة للشام ، علمهم تجارة الفواكه في الصيف ، ورحلة لليمن ، علمهم تجارة المحصولات الزراعية في الشتاء.
حتى جاء خير الشام واليمن إلى مكة وأصبح سكانها في حال أفضل ، وانتهت ظاهرة الإعتفار.
بدأ أهل قريش يكفرون بالنعمة ، بعدم شكر الله عليها ، (كفران النعم هو أن تألفها فلا تراها نعمة).
فلما ألفت قريش وأهل مكة النعم التي أنزلها الله عليهم ، أنزل الله فيهم الأمر الإلهي بأن يعبدوا رب هذا البيت ،
{فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}.
نِعمُ الله على الناس عموما لا تحصى ، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لهذه النعمة الواحدة الظاهرة وهي (دوام النعمة).
إقرأ أيضا: الرجال الخمسة الذين قتلهم جبريل بنفسه
واطعامهم بعد الجوع ، وتأمينهم بعد اعتيادهم العيش في رعب وخوف من الموت.
{{أطعمهم من جوع * وآمنهم من خوف}}.
لا تألف فتجحد ، لكن اشكر الله تألفك نِعمته.
افرح بنعمة الله عليك واشكرها حتى لو متكررة للمرة الألف ،
لأن مجرد دوام النعمة “نعمة” ، وإلفُ النعمة وعدم شكرها جحود وظلم.
إجعل دائما كلمة “الحمد لله” على لسانك في كل وقت.
قلها بقلبك عن رضا وإقتناعٍ لما فيها من أجر عظيم.