مقالات منوعة

من أكثر الحقائق الغير مقبولة للعقل البشري

من أكثر الحقائق الغير مقبولة للعقل البشري

أن الإنسان مسؤول عن كل ما يحدث في حياته وهذه فعلا حقيقة صعبة الإستيعاب
فكيف أكون مسؤول عن الفقر ؟

وكيف أكون مسؤول عن أشخاص سلبية في حياتي ؟

وكيف أكون مسؤول عن مدير فظ يسرق مجهودي ؟

بالفعل يصعُب إستيعاب ذلك
وهذه الصعوبة هي ما تمنع التغيير ،

لأننا ببساطة نستبعد حقيقة ذلك فلا نتحرك بتغيير الداخل ولا نسعى لتغيير الداخل ،

لأن داخلنا بالكامل يرفض ذلك ويقتنع تماماً أن المشكلة في المُحيط وليست فينا.

وإذا تدبرنا الحياة جيدا بنظرة واعية ويقين بالله ، سوف نصل لحقيقة قوية ووجودية وهي أن الله لا يظلم أحد.

فلن يبتليك بالفقر أو مُحيط سلبي أو مدير ظالم بدون سبب ، فليس للإنسان إلا ما سعى.

وما يحدث في حياتك بالكامل إنعكاس لداخلك من أفكار ومعتقدات ومشاعر وأعمال ،

فلا يُغير الله ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم
وما نفعله طوال حياتنا هو صب كامل غضبنا على المُحيط.

فيتوجه كامل تركيز العقل على إلقاء اللوم
فنقتنع أكثر أن السبب في آلامنا ، هي الحياة الظالمة ونحن ضحايا ،

فلا نأخذ أي خطوة تجاه تغيير أنفسنا.

والحقيقة الصادمة أن كل من وجه مجهوده لتغيير الداخل تغيرت حياته بالكامل وأنا شخصياً أحد هؤلاء.

طوال حياتي كنت ألقي اللوم على أبي الذي تركني وأنا طفل ، وعلى الفقر الذي نشأت فيه
والتعليم المنخفض والشعب السلبي والجيران المحبطين والسيئين.

إقرأ أيضا: الأم

وسنوات طويلة من الألم والمعاناة لأنني كنت أرفض مجرد الإعتراف بفكرة أنني مسؤول عن أي شيء.

فكيف أكون مسؤول عن مصير وحياة ولدت ووجدت نفسي فيها ؟

ولكن عندما بدأت أغير أفكاري أول شيء لفت نظري هو أن هذا الفقر والمعاناة والتعليم المنخفض ،

ليس إلا تجارب تنحت شخصيتي التي تتأهل للقوة والمتانة والخبرة.

كم كنت أبكي وأنا صغير عندما كنت أذهب للعمل بعد المدرسة ،

1 3 4 10 1 3 4 10

وأنا طفل صغير أعمل في ورشة وأعود إلى منزلي وملابسي مليئة بالشحم والأوساخ.

وأعيش في رعب أن يراني أحد أصدقائي في المدرسة ، وكمية التنمر أنني بدون أب وأنه هجرني وسافر.

وكم كنت أكذب على أصدقائي فى الجامعة أننى لا أعمل وأن أبي يلبي لي جميع رغباتي خصوصاً أمام البنات.

لم أكن أُدرك أن كل هذا يصنع شخص صلب لا يخاف ولا يتقهقر.

وبعد بداية شباب مليئة بالمشاجرات والعصابات والإدمان والضياع بسبب إلقاء اللوم وعدم تحمل مسؤولية أفكاري.

قررت أن أتغير وسألت نفسي ،
هل سأبقى هكذا طول عمري فى هذا الفشل ؟

حتى إذا كانت ظروفي قاسية فهل من العقل أن أترك نفسي في الجحيم ؟

حسناً الحياة هي السبب وأنا ضحية وظروفي قهرية لم يواجهها أحد ولست أنا السبب في كل هذا ، ولكن أين دوري ؟

هل طورت من نفسي ومن قدراتي وأسعى جاهداً أم أنني منبطح للقدر ؟

إكتشفت أنني مُستسلم ويعجبني دور الضحية
ثم قررت قرار صارم وقوي أنني إذا لم أكن مسؤول عن الماضي ، فأنا مسؤول عن المستقبل.

وإذا لم أتغير من الداخل فلن يتغير شيء
وسأبقى طول حياتي إنسان فاشل يبحث عن مبررات لإلقاء اللوم وتبرير الفشل.

وما فعلته هو أنني قلبت صفحة الماضي بكل حب وتقبُل ، ثم نقطة ومن أول السطر.

تجاهلت المحيط بالكامل وقررت أنني المسؤول ، وبدأت تدبر القرآن بشدة حتى أفهم لماذا نحن متدينون ونُعاني ؟

لماذا نواجه هذا المصير المؤلم ؟

وإذا كنت أنا شاب فاسد ومدمن فلماذا تُعاني أمي التي لا تترك صلاة وترتدي النقاب ،

إقرأ أيضا: أهم الوصايا التي عليك إتباعها لتنعم بحياة سعيدة

وما ذنبها أن تتحمل مسؤولية أطفال وحيدة
وتتحمل مسؤولية أب يهرب من المسؤولية ؟

لماذا تُعاني أمتي المسلمة وهُم أهل الكتاب
والغرب ينعم بالثقافة والعلم والثراء والراحة النفسية ، أين الخلل ؟

وعندما قرأت القرآن بقلبي وبتصالح مع الذات وحيادية ، وجدت الكثير من الآيات تتكلم عن جهاد النفس ،

وعن مدى دقة الإستحقاق ومن يعمل مثقال ذرةٍ خيرً يره.

وأن الله يهدي من يشاء ولكن الشيخ قد علمنا أن الله يهدي من يشاء تعود على أن الله من يهدي من يشاء ،

ولكن إكتشفت أنها تعود على الإنسان أن الله يهديه إذا شاء وتحرك وغير.

وبدأت أتردد كثيراً على دروس المساجد لإستماع المشايخ ومناقشة ما تدبرته ووصلت إليه.

وفي يوم كان الدرس عن مدى جمال الفقر وأن الفقراء سوف يدخلون الجنة وأن الله إذا أحب عبداً إبتلاه.

وسألت الشيخ كيف هذا والله قال أن الشيطان يعدكم الفقر ؟

سَكَتَ قليلاً مع نظرة غريبة ثم قال لا تُناقش فهذا حرام ، ثم سألته ولكن الله قال أفلا يتدبرون !

أليس من حقي أن أتدبر وأفهم ؟

ولماذا قال سيدنا إبراهيم لربنا أرني كيف تُحيي الموتى وقد كان نبي ولا يصح أن يناقش.

ورد عليه ربنا وقال له أولم تؤمن ؟ قال بلى ولكن ليطمئن قلبي.

أي أن الله لم يقهر رأيه ولم يجبره على شيء ولكن تناقش معه ، أليس هذا دليل على الشك واليقين ؟

وما هو الإبتلاء الحقيقي ؟ هل هو النعمة أم النقمة ؟

وفي النهاية لم أجد أجوبة شافية وتوصلنا أنني أتكلم في أشياء أكبر من سني وأفكاري تذهب للإلحاد.

تعجبت كثيراً واكتشفت أن علماء الدين نفسهم تم تعليمهم بطريقة معينة وهم نفسهم لا يفهمون ولكنهم حافظون ، إلا من رحم ربي.

إقرأ أيضا: سجل يا تاريخ في سجل الشرف مآثر الرجال

فقررت أن أتواصل مع الله خالقي بدون وسيط
قررت التدبر والفهم ،

ووصلت أن كل الكون بداخلي ما يظهر ليس إلا نتيجة أفكاري وأفعالىي ،

وليس صواب أن أستسلم وأشكر على السراء والضراء بدون محاولة التغيير كما فهمنا
أنا يجب أن أشكر وأرضى ولكن أسعى للتحسين والإرتقاء.

” إن الله يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر “

يجب أن أسعى لتحسين جودة حياتي وزيادة رزقي.

” ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب “

الألم الذي يملأ حياتي أنا السبب فيه وأنا المسؤول عنه.

لا يُريد الله لنا أن نتألم ويُريد لنا اليُسر إذاً فإن العُسر غير صحيح ، وهذه المصائب بسببي وإذا تركتها سوف تستمر.

” وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ “
“مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ “

نعم نعم أنا السبب
أنا المسؤول
وأنا المتشائم وأنا الشاكي والباكي وأنا الخائف ،

أنا الفظ وأنا الكاذب والبخيل وأنا الجاهل وأنا الكسول.

أنا لا أتغير.

الإتصال ليس صلاة وصوم فقط
الإتصال إمتنان بدل الشكوى ليلاً نهارا ،

إقرأ أيضا: مصطفى كمال أتاتورك

فكيف لا أتوقف عن الشكوى من كل شيء وأرفض إستحقاقي وأريد أن يرزقني ربي ؟ ألم يُخبرني وإن شكرتم لأزيدنكم؟

الإتصال يقين بدل الخوف فكيف أخاف من الفقر ومن المستقبل ومن المجهول ومن المجتمع ، والله بجانبي ؟

الإتصال سعي وجهاد للنفس
فكيف أنتظر الفرج وأنا لا أسعى لتغيير ذاتي وألقي اللوم ليلاً نهارا.

الإتصال صدق وأمانة
فكيف أنتظر الفرج وأنا أفتقد الصدق مع أقرب الناس ومع الله ،

كيف وأنا لا أتوقف عن الغضب والصراعات والجدالات.

توصلت أن الإتصال والعبادة أفعال ليست أقوال ر

الدين هو تطبيق الدين وليس حفظه.

الدين الحقيقي هو كيف ترى الله بداخلك.

والجهاد الحقيقي هو جهاد نفسك الأمارة بالسوء والخوف والشكوى وإلقاء اللوم والغضب والكسل.

والإتصال الحقيقي هو تغيير الداخل وليس تغيير الخارج ، لأن الخارج هو ترجمة للداخل
فإذا إنصلح الداخل إنصلح الخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?