إسلام

من الأدب والتواضع

من الأدب والتواضع

بعد وفاة السيدة فاطمة بنت محمد عليه الصلاة والسلام ، تزوج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بخولة بنت جعفر بن قيس الحنفية

من بني حنيفة فولدت له ولداً سماه محمداً ، فهو محمد بن علي بن أبي طالب

غير أن الناس أرادوا التفريق بينه وبين ذرية فاطمة رضي الله عنها فسموه ( محمد بن الحنفية )

واشتُهر بها أبدا رضي الله عنه ، ولم يكن يكبُرُه أخواه الحسن والحسين عليهما السلام بأكثر من عشرة أعوام.

ونشأ محمد بن الحنفية نشأة أبيه فروسيةً وبطولة وشدةً ، فكان أبوه يُقحِمه في الشدائد والمعارك.

فقال له بعضهم يوما : لِمَ يُقحمك أبوك في مواطن لا يقحم فيها أخويك الحسن والحسين ؟

فكان جوابه عجبا من الفصاحة الهاشمية ، قال :

لأن أخَوَيَّ هما عينا أبي وأنا يده ، فهو يقي عينيه بيديه.

فتأمل كيف تجاوز حظ نفسه ، وكيف فضل أخويه ، وكيف إلتمس العذر لأبيه ،

وكيف لم يسقط في فخ النميمة ، وتأمل عبارته وإيجازها وإعجازها ووقع بينه وبين أخيه الحسن خلاف ،

فكتب إليه : أما بعد ، فإنّ اللهَ تعالى فضّلك عليّ ، فأمك فاطمة بنت رسول الله صل الله عليه وآله وسلَّم ،

وأمي إمرأة من بني حنيفة ، وجدك لأمك رسول الله ، وصفوة خلقه ، وجدي لأمي جعفر بن قيس ،

فإذا جاءك كتابي هذا فتعال إلي وصالحني حتى يكون لك الفضل علي في كل شيء.

فلما بلغ كتابه أخاه الحسنَ رضي الله عنه بادر إلى بيته وصالحه ، سبحان الله ، ذرية بعضها من بعض ،

وعجبٌ في التربية ، فقد كان فَطِناً إلى درجة أن جعل الفضلَ كلَّه لأخيه ،

ولم يبادر هو إلى مصالحة أخيه حتى لا يكون له الفضلُ عليه ، وأعطاه فرصةً لذلك ، ونبّههُ على فضل السبق ،

وأدبه هذا ليس مجرد أدب الأخ مع أخيه الأكبر ، بل كان أدباً مع حفيد رسول الله صل الله عليه وآله وسلَّم.

إقرأ أيضا: من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه

1 3 4 10 1 3 4 10

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?