من فنون الأدب إختيار اللفظ المناسب
حتى قالوا : لكل مقام مقال.
فيقال للمريض معافى ، وللأعمى بصير ،
وللأعور كريم العين.
وكان هارون الرشيد قد رأى في بيته ذات مرة حزمة من الخيزران ، فسأل وزيره الفضل بن الربيع : ما هذه؟
فأجابه الوزير : عروق الرماح يا أمير المؤمنين.
أتدرون لماذا لم يقل له: إنها الخيزران؟
لأن أم هارون الرشيد كان إسمها الخيزران ،
فالوزير يعرف من يخاطب ؛ فلذلك تحلى بالأدب فى الإجابة.
أحد الخلفاء سأل إبنه من باب الإختبار : ما جمع مسواك ؟
فأجابه ولده بالأدب الرفيع : (ضد محاسنك يا أمير المؤمنين).
فلم يقل الولد : (مساويك) لأن الأدب هذّب لسانه ، وحلّى طباعه.
وخرج عمر رضي الله عنه يتفقد المدينة ليلًا ، فرأى نارا موقدة ، فوقف ، وقال : يا أهل الضَّوء ، وكره أن يقول : يا أهل النَّار.
ولما سُئِل العباس رضي الله عنه ، وعن الصحابة أجمعين : أنت أكبر أم رسول الله صل الله عليه وسلم ؟
فأجاب العباس قائلًا : (هو أكبر مني ، ولكن أنا ولدت قبله).
ما أجملها من إجابة في قمة الأدب لمقام رسول الله عليه الصلاة والسلام!
إختيار الألفاظ قيمة ضاعت للأسف في مجتمعاتنا ،
يجب أن نعي جيدًا أن بين كسر القلوب وكسبها خيطا رفيعا إسمه الأسلوب.