من ملطفات الوجع
في عالم الغيب جنازات وحفلات استقبال أكثر من عالم الشهادة ، ففيه ملائكة تغسل وتشيع وتحمل النعوش ،
وتستقبل وتزف وتبشر أهل السماوات بمقدم ذلك الوافد الجديد!
ألم يأتك نبأ سعد بن معاذ؟
شيعه سبعون ألف ملك ، وحملت الملائكة نعشه ، واهتز لموته عرش الرحمن!
وحنظلة بن أبي عامر الذي قال عنه صل الله عليه وسلم بعد غزوة أحد : هذا صاحبكم غسلته الملائكة.
نحن نعيش بعينين وساقين لتكون إحداهما في عالم الغيب والأخرى في عالم الشهادة ،
لذلك نصبر ونحتسب وندخر السعادة الكبرى من أجل جنازات الآخرة لا الدنيا ،
“وللآخرة خير لك من الأولى”.
كم من نبي مات بلا صديق يؤازره أو عصبة تأتمر بأمره ، لكن شرفه عند الله أكبر من كل أصحاب الجنازات العسكرية في الدنيا.
وفي الحديث : “ويأتي النبي وليس معه أحد”
أي يأتي أنبياء يوم القيامة ولم يؤمن بهم أحد ،
لكن هذا لم يمنعهم أن يكونوا يوم القيامة في مواكب الأنبياء ومواقف العظماء.
وأبو ذر رضي الله عنه لم ينقص من قدره أن مات غريبا باختياره ،
لأن الذي هون عليه ذلك أنه سيبعث يوم القيامة أمة وحده ، فآثر وحدة الدنيا لحفلة الآخرة.
فإذا علمتم هذا فأعيدوا ضبط البوصلة وتثبيت المعنى.
أنتم هنا في مهمة محددة ، تعبدون الله فيها وتُعَبِّدُون خلقه له ، وتقيمون فيه للإسلام راية وتورثونها على كره من أهل الباطل وأوليائهم.
إقرأ أيضا: صحح عقيدتك
لذلك لا تأبهوا بتكريمات الدنيا أو جنازاتها ،
لأن الجنائز الحقيقية هناك ،
بدءا من استقبال الملائكة الأرواح في مناديل الجنة ، ومرورا باستفتاح أبوابها ،
وانتهاء بحفل برزخي يستقبل فيها كل مصلح أحبابه الذين سبقوه بالإيمان.
ونسأل الله أن نلقاهم على ما سبقونا به وعاهدناهم عليه.
الحمد لله أننا مسلمون.