من هم المعتزلة وكيف ظهرت هذه الفرقة؟
كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين يستدلون على عقائدهم بظاهر الكتاب والسنة.
وما وقع فيهما من المتشابه أو أوهم التشبيه المنافي توقفوا فيه خوف أن يحيد بهم فهمهم في التأويل عن القصد.
غير أن ذلك لم يقنع من دخل في الإسلام فكثر جدلهم واضطر العلماء أن يجادلوهم بالحجة العقلية ،
ومن هنا ظهر ما يعرف بعلم الكلام في عهد الخليفة المهدي العباسي (توفي سنة 169هـ) ،
وهو أول من أمر بتصنيف كتب الجدل في الرد على الزنادقة والملاحدة.
وعلم الكلام هو أن يأتي البليغ على صحة دعواه وإبطال دعوى خصمه بحجة قاطعة (عقلية) وليس نصية ،
إذا علم الكلام هو عبارة عن إثبات أصول الدين بالبراهين العقلية القاطعة.
فانبرى كثير من المسلمين لجدال المشككين والكفار بالحجج والبراهين العقلية المنطقية ،
ثم غلبت على بعضهم النزعة العقلية ، فاعتمدوا على العقل في تأسيس عقائدهم ،
فإذا تعارضت النصوص (النقل) مع العقل (بزعمهم) قدموا العقل.
ومن هنا بدأت تتبلور جماعة أو فرقة جديدة إسمها المعتزلة ، وكانوا أفضل من يجادل المشككين والكفار بالعقل ،
إلا أنه حصل خلاف بينهم وبين جماعة المسلمين ،
الذين يستدلون بظاهر الكتاب والسنة ويقدمون النقل (النصوص) على العقل في غالب الأحيان.
والحق هو أنه لا يمكن أن يكون هناك تعارض بين النقل (النص) القطعي والعقل (العلم أو المنطق) القطعي ،
فإذا وجد تعارض فإن الخلل يكون في الفهم البشري.
فإذا قال العقل بثبوت شيء قطعيا فإن الخلل يكون لدينا في فهم النص ،
وإذا قال النقل (النص) بثبوت شيء قطعيا ، فإن الخلل يكون في قطعية المعلومة العقلية.
إقرأ أيضا: هل تعرف العمالقة الأربعة عشر وما فعلوه مع كسرى؟
مثال : كروية الأرض
الشبهة : تعارض النقل (النص) مع العقل (العلم)
ثبت بالعقل (العلم والمنطق) أن الأرض كروية ، يستدل بعضهم بقوله تعالى (وإلى الأرض كيف سطحت)
فيقول أن الأرض ليست كروية ، هنا الخلل يكون في فهم النص ،
فمعنى (سطحت) أي بسطت ومدت ومهدت وليس معناها كما فهم الشخص أنها مسطحة غير كروية.
مثال آخر : نظرية التطور
الشبهة : تعارض العقل (العلم) مع النقل (النص)
تقول نظرية التطور أن الإنسان تطور من سلف مشترك مع القرد ، أي أنه كان نوع من القرود أو كائنا شبيها بالقرد ثم تطور إلى إنسان.
هذا يتعارض مع نص قطعي هو أن البشر من نسل آدم وأنهم خلقوا على هذه الهيئة.
هنا ننظر إلى المعلومة العلمية (العقل) فنقول أنها ليست قطعية بل ظنية وكلام (دارون) نظرية ، وليست حقيقة أو قانوناً ،
فهي تحتمل التصديق والتكذيب ، وهي لدينا خاطئة
نعود إلى المعتزلة فإن عقيدتهم تطورت تدريجيا وأصبح لديهم أصول عقيدة مختلفة وهي خمسة :
(التوحيد ، العدل ، الوعد والوعيد ، المنزلة بين المنزلتين ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)
وهي الأشياء التي اختلفوا فيها مع جماعة المسلمين ، لكن فرقة المعتزلة أفلت تدريجيا واندثرت تقريبا ،
وأشهر المعتزلة الخليفة العالم المأمون ، وواصل ابن عطاء والقاضي عبد الجبار.