Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سؤال وجواب

من هي السيدة التي لقبت بزهرة قريش؟!

من هي السيدة التي لقبت بزهرة قريش؟!

إنها السيدة آمنة بنت وهب أفضل فتيات قريش نسبا وشكلا وموضوعا حتى أنها كانت مخبأة عن العيون لسنوات طويلة ،

لدرجة أن أهل مكة كانوا لا يعرفون ملامحها.

كانت فتاة ذات مكانة عالية بين جميع فتيات قريش ولا يوجد شاب إلا ويتمنى أن تكون آمنة زوجة له.

‏قلة هم الذين تمكنوا من رؤية آمنة بنت وهب على مدار حياتها ، وما من إمرأة رأتها إلا وحدثت عنها وعن جمالها ،

وأدبها ورزانة عقلها وفطنتها.

مما جعلها محط أنظار الكبير والصغير ، وتقدم لخطبتها العشرات من خيرة شباب مكة ،

لكن والدها كان يرفض باستمرار لرغبته برجل ذا مواصفات معينة.

‏فابنته من أفضل فتيات مكة ، ولا يريد لها إلا أفضل شاب هنا كما يليق بها.

وعلى الرغم من أن خيرة شباب مكة تقدموا لها ، لكن لم يكن “عبد الله بن عبد المطلب” من الذين تقدموا لخطبتها ،

برغم ما له من الرفعة والسمعة والشرف ، فقد منعه من التقدم إلى “آمنة” نذر أبيه بنحر أحد أبنائه لله عند الكعبة.

‏حيث إن عبد المطلب حين اشتغل بحفر بئر زمزم ، لم يكن له من الولد سوى ابنه “الحارث” ،

فأخذت قريش تعيب عليه قلة أبنائه وسط مجتمع يفخر بكثرة العيال!

فنذر يومها عبد المطلب أنه إذا وُلد له عشرة من الأبناء سوف ينحر أحدهم عند الكعبة!

وبالفعل أنعم الله عليه بعشرة أولاد أصغرهم “عبد الله” ،

وهو الذى استقر عليه السهم ، ليكون هو الذبيح في كل مرة أجريت فيها القرعة.

‏لكن عبد المطلب لم يستطع الوفاء بنذره لأن عبد الله أحب أولاده إليه وأكثرهم مَعزة في قلبه ،

إقرأ أيضا: ويضيق صدري ولا ينطلق لساني

فذبح مائة من الإبل ليفدي ابنه من الذبح ، وبعد أن انتهت قصة الذبح ،

أخذ عبد المطلب ابنه عبد الله إلى وهب ليخطب آمنة لابنه فغمر الفرح نفس آمنة.

‏وكانت الفتيات يحسدنها لأن عبد الله اشتهر بالوسامة ، فكان أجمل الشباب خُلقًا وخَلقًا وأكثرهم سحرًا وتأدبًا ،

وكان الشباب يحسدن عبد الله لأن آمنة من خيرة فتيات مكة كما ذكرنا ،

وأخيرًا وفق الله أخير فتيان مكة مع أخير فتياتها وجمع بينهم لتبدأ قصتهم العظيمة والقصيرة.

‏مكث عبد الله عند عروسه أيام قليلة لأنه كان عليه أن يلحق بالقافلة التجارية المسافرة إلى الشام ،

ومرت الأيام وشعرت خلالها “آمنة” ببوادر الحمل ، وكان شعورًا خفيفًا لطيفًا ولم تشعر فيه بأية مشقة أو ألم.

تحكي آمنة بأنها في ليلة زفافها رأت رؤيا عظيمة وغريبة أفزعتها وأثارت دهشتها.

تقول بأنها ‏رأت شعاعًا من نور خرج منها فأضاء الدنيا من حولها حتى تراءت لها قصور الروم في الشام ،

وسمعت صوتًا يقول لها : هنيئًا لكِ يا آمنة لقد حملتِ بسيد هذه الأمة.

ظل هذا الحلم في مخيلتها ولم تنساه وكانت تحدث أقرب الناس لها عنه باستمرار حتى مضت شهور وجاء الخبر القاسي.

حين علمت آمنة من أبيها بوفاة زوجها وحبيبها عبد الله أثر تعرضه لمرض أثناء رحلته فتوفي بيثرب ودفن فيها!

وصل الخبر لآمنة لكنها لم تبك عليه وحدها ، بل بكى عليه كل أهل مكة لدرجة أن بيوت مكة كلها كانت تأخذ العزاء فيه ،

ومع ذلك صمدت آمنة حتى تحافظ على سلامة جنينها الذي سيعوضها عن رحيل أبيه ،

وبالفعل جاء اليوم الموعود ووضعت وليدها.

‏وأنزل الله عز وجل الطمأنينة والسكينة في نفس “آمنة” ،

وأخذت تفكر في الجنين الذي وهبها الله عز وجل والذي وجدت فيه مواساة لها عن وفاة زوجها الشاب ،

إقرأ أيضا: كافر يؤذن!

ووجدت فيه ما يخفف أحزانها ، وجاءتها آلام المخاض ، فكانت وحيدة ليس معها أحد ،

ولكنها شعرت بنور عظيم يغمرها من كل جانب.

‏فولدت أشرف الخلق محمد صل الله عليه وسلم دون ألم ، وما لبث عندها قليلًا حتى أرسلته للبادية عند حليمة السعدية ،

كعادة العرب في إرسال أبنائهم للرضاعة هناك.

عندما عاد من عند حليمة رأت أمنة أنه من باب الوفاء لزوجها أن تذهب لزيارة قبره مع ابنها “مُحمد” ، ليعرف الطفل قبر أبيه ،

ويعرف قبر الوالد أنَّ له زوجًا مخلصة وطفل قد حملته إليه فور تيسر ذلك ،

فشدت الرحال وانطلقت باتجاه يثرب مع صغيرها وسيدة تدعى أم أيمن.

‏وصلت آمنة بنت وهب مع ابنها إلى قبر زوجها عبد الله فوقف ابنها الصغير ونظر إلى قبر أبيه بحزن ،

وتخيلات تعصف مخيلته عن شكله وحسنه ومواقفه ، تعينه على ذلك حكايا جده عبد المطلب عن ابنه عبد الله ،

الذي نجا من الذبح بمعجزة ليحفظ شبابه لكن مع ذلك مات شابًا ،

وعن مدى حاجته له فقد ولد يتيمًا وعاش طفولته في البادية وحيدا دون أب يزوره ويربت على شعره من آن لآخر.

مكثوا قليلًا عند قبر عبد الله ثم أمرتهم آمنة بالرجوع لمكة بعد أن انتهت من الزيارة.

‏قطعت آمنة مع ابنها وأم أيمن ١٥٠ كيلو من طريق العودة حتى وصلوا إلى مكان يُقال له “الأبواء” ،

فشعرت آمنه بتعب شديد ولكنها صبرت وصبرت أم أيمن وأخبرتها بتمسكها بالحياة لأجل ابنها اليتيم ،

ومضت تصارع آلامها ونظراتها لا تفارق ابنها حتى تُشبع روحها منه فهي بعد أن أحست أن هذا هو اللقاء الأخير ،

وأن هذا المرض لا شفاء منه ، وإنما هي مجرد لحظات وسيسترد الخالق وديعته.

‏استمر التعب بمحاصرة آمنة وهي صامدة حتى تمكن منها فسقطت على الأرض ،

وإذا بأم أيمن ترفعها ومُحمد ينظر لها بخوف والدموع تملأ عينيه البريئة.

إقرأ أيضا: ذو الجناحين جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه

تقول أم أيمن : فما أن رفعتها إلا وهي ترفع كفيها وتضم محمد إلى صدرها ، وتقول له :

{ يابني كل جديد بال ، وكل آت قريب ، وكل حي ميت } فتصبر يا صغيري.

‏وتموت آمنة والنبي ينظر لها باكيًا وهي جثة باردة ،

عندما رأت أم أيمن حالته أخذت تمسح على رأسه وتصبره ثم قالت له عاوني يا محمد لنحفر قبر أمك!

ويالهُ من موقف طفل لم يتجاوز السابعة من عمره ينظر لقبر أبيه بالأمس وباليوم التالي يحفر بيديه قبر أمه!

‏أخذ نبينا يحفر معها وهو يبکي ، طفل عمره ست سنوات وفي صحراء جرداء ، لا أناس ولا أهل أو طعام.

تقول أم أيمن كنت أدير وجهه عن أمه لشدة بكائه ، ثم دفناها في ذلك المكان ومسكته من يده لنذهب ثانية في طريق مكة وهو يقول :

أمي أمي ، نأخذ أمي معنا يا أم أيمن ويردد لِمَ نتركها وحدها هنا ويبكي وينظر وراءه كل خطوة على أمل أن تلحقهم.

تقول أم أيمن فمشينا من الأبواء إلى أن وصلنا مكة فتوجهت إلى بيت عبد المطلب فطرقت الباب فإذا عبد المطلب يفتح لنا ثم قال للنبي :

أين أمك ، فبكى النبي وهو يردد ماتت ماتت.

فضمه عبد المطلب وقال له : أنت ابني أنت ابني.

بعد خمسة وخمسين سنة في طريقه صل الله عليه وسلم ، لفتح مكة تذكر تلك الأحداث ،

فقال لصحابته انتظروني هنا وسار يتخطى القبور القليلة الموجودة وكأنه يريد الوصول إلى قبر مُحدد ،

ثم جلس عند هذا القبر ومر أمامه شريط الذكريات المؤلم ، لطفل صغير يحفر بيديه الصغيرتين قبر أمه ،

وراح يبكي بكاء شديدًا أبكى كل الصحابة حوله.

وبعد انقضاء أكثر من ساعتين رجع إلى أصحابه قرب القبر فقال له عمر بن الخطاب أفزعنا بكاؤك يا رسول الله ،

فقال صل الله عليه وسلم قد استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي ،

ثم استأذنته بأن استغفر لها فلم يأذن فبكيت يا عمر شفقة الولد لوالديه وراح يبكي بكاء شديدًا ،

قال الصحابة : والله ما حضر الموقف أحد إلا بكى لشدة بكاء النبي.

ومرة زار قبرها صل الله عليه وسلم وكان معه ألفي فارس مقنع فقال لهم : “قفوا” أي انتظروا ،

ثم نزل قرب القبر وظل يبكي ، يقول أبو هريرة والله ما رأيت رسول الله أشد بكاءً من ذلك اليوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?