من يكون هذا إبن تيمية حتى تتخذه عالم دين ؟
سؤال تم طرحه في العديد من المرات تحمل إستدلالات من كلام شيخ الإسلام إبن تيمية رحمه الله ،
ولأننا ربما لا نطالع و لا نبحث إلا عن أرذل القوم ، فمن البديهي جدا أننا لن نعرف مقام هذا العالم الجليل.
لن أسرد عليكم نسب هذا العالم الجليل لأنه من عائلة كلها علماء أباً عن جد ، ولم أجد عنه شُهرة في تجارة أو صناعة ،
لأن حياته كلها كانت للعلم والجهاد فقط.
فهو لم يتهيأ أصلا للزواج ومات أعزبا ، فقط لأن وقته كله كان للعلم والجهاد ،
مثل حال الإمام النووي الذي مات أعزبا وعندما سُئل لماذا ؟! قال :
نسيت ، وهذا من كثرة إنشغاله بالعلم ، تخيل أن يُنسيك العلم في أمر الزواج.
نحن نتكلم عن رجل شديد الذكاء وكثير العلم ، عن رجل يتدفق بالعلم والمعرفة.
نحن نتكلم عن رجل له مئات الرسائل للفتوى تم جمعها في أكثر من 37 مجلد ( نحن نتكلم عن مجلد وليس كتاب) ،
بدون أن نحتسب الرسائل التي أخرجت الآن ، وبدون إحتساب الرسائل التي ما تزال لحد الآن تحت الطبع ،
ورسائل أخرى ما زالت عبارة عن مخطوطات فقط وما زال ليومنا هذا لم يتم إخراجها.
نعم يا أخي 37 مجلد ، وأغلبها كتبها إبن تيمية وهو بعيد عن مصادره ، يا أخي تعرف معنى بعيد عن مصادره ؟!
يعني عندما يكتب رسالة واحدة والتي تحتوي على مجلدات ،
يقوم بكتابتها والمصادر ليست معه بل هي بعيدة عنه وهذا راجع لأن أغلب رسائله كتبها وهو في السجن ،
أي أنه كان يحفظ كل تلك المصادر في رأسه ، هل تتخيل كم كتاب كان يحفظه لكتابة رسالة واحدة فما بالك بمئات الرسائل ؟!
يا أخي الدكاترة الآن لديهم كل الإمكانيات التكنولوجية ولديهم كل الوقت ،
وربما تجدهم لسنوات كثيرة وهم مع النسخ و اللصق حتى يتمكنو من تأليف كتاب صغير فيه بعض الصفحات.
نحن نتكلم عن رجل شديد الذكاء والحفظ فهو كان يحفظ كتابا كاملا عن ظهر قلب في قراءة واحدة.
إقرأ أيضا: ما هو هدفي في الحياة وماذا أريد منها ؟
العقيدة الوسيطية فقط التي كتبها إبن تيمية هي من نفس ما تم كتابته في إعتقاد أهل السنة والجماعة ،
وتدرس في أعلى المستويات ولها المئات من الشروحات ، كتبها إبن تيمية بعد العصر.
وقس على ذلك العقيدة الحموية والتدمورية و و.
ما هذا يا أخي ، نحن نتكلم عن رجل مذهل ، رجل يحفظ في رأسه مكتبات من الكتب وليس مكتبة.
إبن تيمية رحمه الله كان إذا جلس في مجلس يتدفق بالعلوم ، فهو يستطرد وممكن تضيع في العلم معه ،
ومعروف عنه الإستطرادات ، فهو ذو فهم عالي وليس ذو كلام إنشائي ، وله كتب صعب أنك تتعلمها ،
فمثلا كتابه درء تعارض العقل مع النقل هو كتاب متكون من 11 مجلد ،
حتى كبار العلماء اليوم ويقولون أنه كتاب صعب جدا ووعر جدا عليهم ،
وهذا لأنه رد عن الفلاسفة في هذا الكتاب بلغة الفلاسفة أنفسهم ، وهذا معروف عن إبن تيمية أنه يرد عن أهل البدع بفنونهم حتى يظنون أنه صاحب الفن وإمامه.
فمثلا من منا لا يعرف ” سيباويه ” ، سيباويه هذا هو إمام اللغة العربية وله كتاب في النحو ،
وهذا الكتاب قرأه الكثير من أهل العلم فلم يفهموه وهذا راجع لصعوبته ،
فسيباويه معروف أنه أفضل من تمكن في العربية وبشهادة كبار اللغة مثل الجاحظ ،
إلى أن جاء شيخ الإسلام إبن تيمية فأخرج من كتاب سيباويه أكثر من 80 خطأ ، وبين كل خطأ بعدما قرأ هذا الكتاب.
إقرأ أيضا: خشوع الصلوات والدعاء
نحن نتكلم عن رجل دخل سجن الإسكندرية ووجد السجناء هناك من شر ما خلق ( شارب الخمر واللص وقاطع الطريق و و و)
فكان يدعوهم لمجلسه لسنوات حتى استقامو وأصبح الشخص منهم إذا جاء قرار خروجه من السجن فضل البقاء لسماع هذا العلم الذي برأس هذا الرجل.
رجل شديد الذكاء وخارق الفطنة ، فهو إذا تكلم عن أمر يستطرد كثيرا ،
فتجد نفسك تستمع إلى فروع أخرى لنفس الأمر وربما تجد نفسك تستمع لكثير من مواضيع حتى يجيبك عن موضعك.
مهما كتبت من أحداث ووصف لهذا العالم الجليل فلن أوفيه قدره ،
فالكلام الذي تحدث به كبار العلماء مثل إبن كثير والذهبي وإبن القيم وغيرهم عنه يكفي لكتابة مجلدات.
حقيقة نحن نتكلم عن شخص غير عادي رحمة الله عليه.