مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّه
مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّه
وَالَّذِينَ مَعَهُ ، تلك النُّخبة من البشر ، صَفوةُ الخَلق ، رُفَقاءُ الطّريق ، رأوهُ عَينًا ، ونَراهُ قلبًا ،
أولئك الّذين خالَط الحُبُّ تفاصيلهم ، أخَذوا من وَجهِ النَّبيّ ملامِحَهُم ، فكانوا معه.
«أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ» ، شِدَّةُ الحَق ، كجَمرةٍ موقَدة ، وشِدَّةُ يقينٍ كَضوءِ نَهارٍ أبلَج ،
سُقوا نَبعًا صافيًا ، فاشتَدَّ العُود ، واعتَدَّ القلبُ وثَبَت ، فكانوا أشِدَّاءَ حُبٍّ ، فَلانَت لَهُم الحياة مِحراب عبادة.
«رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ» ، رباطُ القَلبِ أوثَق ، وإخاء الدّين أصدَق ، وخطوة المُحِبّين أسبَق ، «وَلَا تُؤمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا» ،
هكذا كانوا ، تلينُ الرّوح قُربًا ، وتَشرَبُ دُعاءَ الغَيب عَذبًا ، فتأنَس به ويأنَسُ بك ،
فتَقِلُّ الوَحدة ، وتَذهَبُ الوَحشة ، ويَجري ماء الإيمانِ نَهرًا لا يَقِف.
«تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا» ، كأنَّها طَبيعَةُ حَياتِهِم ، لا يَفتُرونَ عَنها ، ولا يَنقَطِعونَ لِغَيرها ، بين مِحرابِ الحَياة ومِحرابِ الصّلاة ،
كأنَّك تَراهُم ، تَنظُرُ إليهم ، وتأخُذُ من الصِّفاتِ ما يَضبِطُ خُطاك ، وهنا السِّر ،
بعِبادةٍ تَصنَعُ النُّفوس ، وتُعيدُ تَشكيلَها ، فلولاها ، ما كانوا أشِدّاء ولا رُحماء ، وبها يُضبَطُ الميزان.
«يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا» ، هذه الغاية ، وهنا يَثبُتُ النَّظَر ، وتَرنو الأفئدة ، إلى فضله ورِضاه ،
يَعلَمونَ أنّ الحياة دون رضاه خاوية ، فَيَبتَغونَه كَما يَطلبونَ المَاءَ السَّاقِيَة ، لذلك اليَوم أعَدُّوا ،
ولَهُ استَعَدّوا ، فكانَوا مَعَه ، أشدّاء ، رُحَماء ، رُكّعًا سُجَدًّا ، يَبتَغونَ فضلًا من اللهِ ورضوانًا.