هارون الرشيد وهو في حالة غضب قال لزوجته:
(أنت طالق إن لم أكن من أهل الجنة)
ثم ندم على ما قال لأنه يحبها كثيراً ، وهي حزنت كذلك حزناً شديداً
فجمع العلماء للفتوى
قال له العلماء : ومن يجرؤ منا أن يفتيك أنك من أهل الجنة لقد أصابت زوجتك.
وضاقت الأمور في هارون الرشيد
فقال لرجاله وحاشيته : ألم يبقى عالم في بغداد كلها؟!
قالوا: هنالك عالم واحد اعتزل الناس منذ زمن اسمه الليث بن سعد ،
وكان الليث أحد أشهر الفقهاء في زمانه ، (ولد وعاش وتوفي بمصر)
فاق في علمه وفقهه إمام المدينة المنورة مالك بن أنس ، ولكن تلاميذه لم يحتفظوا بعلمه وفقهه مثلما فعل تلامذة الإمام مالك ،
وكان الإمام الشافعي يقول
الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به.
قال هارون الرشيد: أحضروه
فلما أحضروه ودخل قام العلماء وقعدوا وهذه صفة كانت تعرف ، لإحترام العلماء لذلك كان يقال فلان يقام له ويقعد.
عرض عليه المسألة
فنظر الليث في هارون الرشيد ثم نظر في وجه العلماء
قال: يا أمير المؤمنين أريد أن أخلوا معك فاانصرف الجمع من المجلس.
قال له الليث: يا أمير المؤمنين أقسم بأنك ستصدقني لا تكذب ،
فأقسم هارون الرشيد
فقال : يا أمير المؤمنين أما والله ، لم استحلفك تهمة لك فإني أعلم أنك صادق الكلم ،
ولكني أحببت أن لا تخدعك نفسك.
إقرأ أيضا: عندما طعن سيدنا عمر رضي الله عنه
استحلفك بالله يا أمير المؤمنين هل ذكرت الله يوما خاليا ليس عندك أحد ، ولم تذكر في نفسك غير الله أحد ، فذرفت عينك الدمع على لحيتك.
قال هارون: و الله لقد كان ذلك مِراراً
قال الليث: إفتح كتاب الله على سورة الرحمن ، ففتح
فقال: اقرأ قوله تعالى وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ
فبشره بدل الجنة ، جنتين بدليل قرآني.
قال الليث: فليدخل العلماء الآن ، فدخلوا.
قال الليث لهم: أما والله لم اصرفكم استخفافًا بكم ولكن أحببت أن أخلو بأمير المؤمنين حتى لا تدخل عليه نفسه.
فصادق جميع العلماء قول الليث بن سعد في فتواه.
يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: لأن أدمع من خشية الله أحب إلي من أن أتصدق بألف دينار.
ويقول النبي المصطفى صل الله عليه وسلم
لا يلج النار رجل بكى من خشية الله.
اللهم صل وسلم وبارك على أشرف الأنبياء والمرسلين.