هذا قمحنا في عصر العدل
هذا قمحنا في عصر العدل
حين بويع عمر بن عبد العزيز بالخلافة مكرهاً كان منصرفا في دفن الخليفة سليمان بن عبد الملك ،
وعشية إنتهاء الدفن جاؤوا إليه بمراكب الخلافة ، فقال لهم : ما هذا ؟ قالوا : مراكب الخلافة يا أمير المؤمنين.
قربت إليك لتركبها ، وكانت يومئذ بالسروج المحلاة بالذهب المرصعة بالجوهر ، فقال لهم :
ما لي وما لها ؟ نحوها عني ، وقربوا لي بغلتي.
وأمر أن تباع ويدخل ثمنها بيت مال المُسلمين ، فقربت إليه بغلته فركبها ،
وجاءه صاحب الشرطة يسير بين يديه بالحربة ، فقال له : تنحَ عني ، ما لي ومالك ؟ إنما انا رجل من المسلمين!
ومشى الخليفة الجديد بين الناس راكباً على بغلته ، بلا موكب ولا طبل ولا حربة ولا راية.
الرجل الذي أورثتهُ شريعة القرآن تيجان الملوك الأربعة كسرى وقيصر وفرعون وخاقان.
الرجل الذي يحكم الأندلس ومراكش والجزائر وتونس وطرابلس ومصر والحجاز ونجداً واليمن ،
وسوريا والأردن وفلسطين ولبنان والعراق والعجم وأرمينية والأفغان والسند والسمرقند وبخارى.
مشى ومشى الناس بين يديه حتى دخل على المسجد فقام على المنبر وقال :
أيها الناس ، إني قد إبتليتُ بهذا الأمر من غير رأي كان مني فيه ،
ولا طلبٍ له ولا مشورة من المسلمين ، وإني قد خلعت بيعتي من أعناقكم فاختاروا لأنفسكم.
فصاح الناس صيحةً واحدة :
إننا إخترناك ورضينا بك!
فَحكم الخليفة العادل الدولة الإسلامية فأدارها أحسن إدارة وقومها ، فاستقر الأمن ،
ونامت الثورات ، وقعد القائمون بالمعارضة ، وسكت الناقمون على بني أُميّة ،
وتصافى الشيعي والخارجي والمصري واليماني ، الأسود والأحمر ، واصطحب في البرية الحمل والذئب!
إقرأ أيضا: 20 معلومة رائعة عن الرسول صل الله عليه وسلم
دامت فترة حُكم عمر سنتان ونصف السنة ، كانت من أبهى وأعدل أيام الدولة الإسلامية في التاريخ ،
بهذه الفترة القصيرة إستطاع عُمر أن يحكم بالعدل ،
وبهذه الفترة القصيرة لم يجد عُمراً فقراء بين المسلمين يستحقون الزكاة ،
فقال مقولته الشهيرة : أنثروا القمح على رؤوس الجبال ، لكي لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين!