هذا هو محمد صل الله عليه وسلم البسيط المتواضع
رأيته في بيته يغسل ثوبه ويرقع بردته ويحلب شاته ويخصف نعله.
ورأيته يأكل مع الخادم ويعود المريض ويعطي المحتاج.
ورأيته وهو يصلي وحفدته يتسلقون ظهره وهو ساجد فيتركهم حتى إذا وقف حملهم واستمر في صلاته.
كان الحنان والحب مجسدا.
أحب الإنسان والحيوان ، حتى النبات حنا عليه فكان يوصي بالشجر ألا يقطع.
حتى الجماد شمله بالحب فكان يقول عن جبل أحد هذا جبل يحبنا ونحبه.
حتى تراب الأرض كان يمسح به وجهه متوضئا في حب وهو يقول تمسحوا بالأرض فإنها بكم برة.
هذا هو العظيم الذي كان يكره التعظيم وكان يقول لأصحابه حينما يقفون له :
لا تقوموا لي كما تقوم الأعاجم يعظمون ملوكهم.
وكان الكريم الذي وصفه أصحابه بأنه ينفق في سخاء من لا يخشى الفقر أبدا.
لم يحدث أنه إدخر درهما ،
وقد مات كما هو معلوم ودرعه مرهونة عند يهودي.
وعاش لم يشبع قط. ولم يذق خبز الشعير يومين متتالين ،
ومع ذلك لم يكن يرفض الهدية تأتيه بالشهي من المأكل والناعم من الملبس ،
ولكنه يرفض أن يسعى لهذا العيش اللين أو يفكر فيه أو ينشغل به.
ولهذا كان يربي نفسه ويروضها على الفقر والجوع والقصد في المطالب والرغبات ،
ليكون المثل والقدوة لما أراده الإسلام.
دين الإعتدال والتوسط ، فلا رهبانية وقتل للنفس ، ولا تهالك وإطلاق للشهوات ، وإنما توسط و إعتدال.
كتاب / الطريق إلى الكعبة.
د / مصطفى محمود