هل هي جميلة؟
هل هي جميلة؟
كأن في قلبي متسع لألم آخر حتى أطرح هذا السؤال ، لكني أهفو لرؤيته وهو يصفها ، لا لشيء فقط كي يمنحني سببا آخر لدفن حبه الذي أصبح لعنة بعدما كان حياة ،
حركت يمنى رأسها بنفي كأنها تنهرني عن الجنون الذي تلبسني ،
لكني كنت مصرة فالنسيان أصبح شاقا فلأحصل على جرعة من القوة ،
فور التحدث عنها لمعت عيناه ببريق كم تمنيت أن أكون سببه ، تلمس تلك الحلقة التي تزين بنصره ، وبابتسامة هائمة أجابني :
سأكون كاذبا لو قلت أنها جميلة ، هي ، لا أدري كيف أصفها ،
كقطعة من الجنة وهبني الله إياها لتحيي قلبي الذي لم أدرك وجوده قبل مرآها ، أنا لا أصدق أنها أصبحت ملكي ،
سأستيقظ كل يوم لأجدها بجواري ، أعود من العمل فأجدها تنتظرني بابتسامتها المهلكة.
ألهذه الدرجة تحبها؟!
بل أعشقها ، عندما تبتسم أشعر أن دفئ العالم وجماله يتجمعان بين مقلتيها ، فأسارع للنظر هنا وهناك خوفا من أن يفتن سواي بها ،
كلما تألمت تطوقني بكلماتها التي تبدو للعيان عفوية ،
لكنها في الحقيقة تنتقيها بعناية تبهرني وإلا لما ارتفع وجيب قلبي بتلك الطريقة المهلكة.
محظوظة من تجد رجلا يتحدث عنها بكل هذا الشغف.
بل أنا المحظوظ بها يا ابنة العم ، أتدرين؟
أتمنى أن يهبك الله إنسانا بنقائها ولو أني أشك أن هناك مثلها ، لا يعشقك فقط بل يجعلك تحبين نفسك ،
يتقبلك بميزاتك فيحسنها ، ويتعايش مع عيوبك ويعشقها ، ببساطة يعتبرك معجزته التي لن تتكرر مرتين.
أيتها الدموع إياك والإنهمار الآن ، إهدأ أيها القلب تهشم لكن لا تصدر أي صوت ، هو ليس لك صدق هذا أرجوك.
سأذهب للنوم أيتها الجميلتان ، تصبحان على خير.
إقرأ أيضا: قصة عن الحب الأعمى
فور مغادرته طالعتني يمنى بعتاب: لماذا تفعلين بقلبك كل هذا؟!
أردت الحصول على سبب أقوى لأنساه ، أردت أن أحرق أي أمل ولد بداخلي بأنه سيكون لي يوما غير أخ وابن عم.
ريم صدقيني ما تعيشينه ليس حبا ، أنت فقط منبهرة به ، تحبين حمايته لك منذ طفولتك ، ترين فيه الأب وتظنينه حبيبا.
إذا ما كل هذا الألم الذي يكتسحني؟ ما هذه الغيرة التي تنهش قلبي وتحرقه بنيرانها؟!
أنا أيضا أتألم وأغار لأن أخرى ستحظى باهتمامه بعدما كنت صغيرته المدللة ،
أخرجي نفسك من هذا الوهم كي يستطيع قلبك انتظار الحب المقدر له.
لم تستطع تلك الكلمات تخفيف ما بي من وصب ، ولا ترميم شظاياي المكسورة ،
كل ما يسيطر علي فكرة واحدة لا غير سيكون لأخرى بعد ساعات معدودة سيطربها بكلمات الحب والغزل ،
سيحيك من جمالها قصائدا يستوحي ترانيمها من عينيها ، أين أنت يا أبي لولا تركك لي لما قاسيت هذا العذاب ،
لقد أصبحت محط شفقة الجميع ، احتياجي لحضن يحتويني جعلني أرى شفقته حبا ،
فبنيت أحلاما انهارت فجأة وتركتني أتهاوى لما لا نهاية ،
لا حياة تنصفني ولا موت يسلبني روحي فيرحمني من ألمي ، في كل يوم أراهما أمامي يحتضنها ويغازلها ،
يطعمها بأنامله وتبتسم عينيه كلما رآها أو شعر بوجودها ، تتأجج نيران الغيرة بداخلي حتى بت أمقت نفسي فمتى الخلاص.
راغب أهلا بك أخي ، أخي!
ماذا هناك؟ لماذا تصرخين يا بلاء رأسي؟
أنا من تصرخ أم أنك الشارد في ملكوت لا يأوي سواها؟!
من تقصدين؟
تلك التي تأتي بك كل يوم إلى عتبة بابي تبغي الإطمئنان علي لكنك تنسى وجودي.
إقرأ أيضا: لست بكل هذا التعقيد الذي يبدو لك الآن
أنا المخطئ لأني أطمئن عليك دوما كي تشعري أن خلفك رجالا.
هل أنهيت؟ هيا الآن أخبرني إلى متى ستبقى تنظر إليها من بعيد وتصبح كالطفل كلما مرت جوارك ،
فلنطلب يدها للزواج فهذا الأمر لم يعد يروقني البتة ، تلك شقيقة زوجي وللبيت حرمته.
إلى أين قادتك أفكارك المجنونة؟ أقسم أن هدفي اتخاذها زوجة ، لكني أخشى أن ترفض فأفقد متعة حبها من بعيد.
ألهذه الدرجة تحبها؟ يا إلهي جبل الجليد قد وقع في الحب فتحول لطفل يهفو للتمسك برداء محبوبته.
إبتسامة شقت عبوس ملامحي ، لا أدري كيف ومتى أوقعتني تلك القصيرة في شراكها ،
كل ما أعلمه أني منذ وقوع عيني عليها في زفاف شقيقتي شعرت أني فقدت شيئا لا أعلم ماهيته ،
وها أنا في كل يوم أرتمي عند بابها باحثا عنه لأجد نفسي قد فقدت الكثير ،
لكن الغريب أن كل هذه الفوضى والتخبط تروقني بشدة ولو كان الأمر مرهقا وجديدا علي ،
ربما ذلك الحزن القابع في عينيها ، ربما تلك الإبتسامة التي تسلبها من رحم الحزن كي تخبرهم أنها بخير ،
ربما تلك القوة المنبثقة من بين فكي الضعف ، كل ما فيها يدعوني بكلي لأعشقها ،
لكني أخشى أن لا أكون من تحلم به رفيقا لروحها.
خوفك هذا سيجعلك سجينا لأوهامك ، تقدم بأول خطوة ، فإن وجدت الطريق آمنا لقلبها أكمل ،
وإن وجدته مليئا بالأشواك اسأل قلبك إذا ما كان يستطيع خوض هذه الحرب ،
لكن إن كان هناك من يسقي زهوره فأدر ظهرك وابحث عن أنيس عمرك بعيدا.
لا ، لن أحتمل أن يسكن قلبها رجل غيري.
ويحك يا راغب أتغار عليها وعدد المرات التي لمحتها بها لا تتجاوز الثلاث.
القلب لا يحتاج لكثرة اللقاء حتى يعشق يكفيه نظرة ليعرف عازف دقاته ، أقسم أني سأحترق بنيران الغيرة إن مال قلبها لآخر ،
سأقتحمه لأكون صاحبه ، وتكون تلك الإبتسامة غنيمتي.
إقرأ أيضا: وجد أخاه قد جلب كتابا قديما
ريم
هناك من تقدم لخطبتك ، رجل له خلق ودين ، يتقي الله في كل خطوة ، أعرفه حق المعرفة ولن أتمنى لشقيقتي سوى زوجا مثله.
ألجمت كلماته لساني ، لم أعلم أي رد سأمنحه ، هل أخبره أن قلبي لا يسكنه غيره فأبدو كالمسكينة المثيرة للشفقة ،
أو فتاة تخطف الرجال من زوجاتهم ، أم أقبل لأتخلص من هذا المكان الذي يطبق على أنفاسي ،
شيعني بابتسامة مشجعة قبل أن يرحل تاركا إياي أغرق في لجة أفكاري.
ربما هو الحب الذي أنتظره كما قالت يمنى ، لكن القلب لا يأوي رجلين.
إذا لأتأكد أن ما أعيشه مجرد وهم ، ربما تكون السعادة التي أنتظرها منذ فقدت والدي.
أجبرت شفتاي على لفظ تلك الكلمة بينما أنظر في عينيه ، سأجلس مع ذلك الغريب سأجبر قلبي على الإنصياع لي ،
لم أعلم أن اللقاء سيكون بهذه السرعة ، لم أرتدي أجمل ما لدي بل اكتفيت بما يصادفني من ملابس ،
اقتادني محبوبي لأجالس آخر أقابله وأسمح له بتفحصي إذا كنت مناسبة أو لا ،
لكنه خالف توقعاتي لم يرفع بصره نحوي بل كان ينظر لكل الأرجاء ، إلا بضع نظرات يسترقها كمن يرتكب جرما ،
كثيرا ما حك رقبته نافثا الهواء من بين شفتيه مما أجبر خاصتي على الإبتسام بحياء.
أخيرا كسر الصمت السائد قائلا بحروف متراصة ينسكب الإرتباك بين ثناياها:
كيف حالك؟
بخير والحمد لله.
ألا ترغبين في طرح أي سؤال؟ لربما تودين معرفة بمن سترتبط حياتك ومستقبلك.
سترتبط؟! أراك واثقا أني سأقبل بك زوجا.
هنا تغيرت آمارات الإرتباك وحل مكانها ثقة جعلت الحرارة تكتسح وجنتي :
هي ثقة بالله أنه سيرضي عبده الذي طلبك في سجوده قبل أن يطلبك من عائلتك.
إقرأ أيضا: ذهب رجل إلى قرية من القرى التركية النائية
لماذا أنا؟
لو أجبت على هذا السؤال لن يكون ما يعتملني صادقا ، كل ما أستطيع قوله أني أرغب في تحقيق تلك الأحلام معك أنت.
أي أحلام؟
ربما تبدو للعيان بسيطة أو تافهة لكنها بالنسبة لي نكهة الحياة الخاصة ، أن أعود للمنزل فأجدك ،
في انتظاري بابتسامة تدرئ عني أي تعب ، أسقط فأجد يدك تسندني ،
أنام قرير العين لأني أتشارك أنفاس أخرى في غياهب منزلي البارد المظلم ،
أغضب فأجد من يحتويني دون تذمر ، تعاملني في حزني كطفل صغير ينهل من دفئها ما يجعل يضمحل كأنه لم يكن ،
لا أملك من النقود ما يجعلني أشتري لك في كل عيد خاتما ذهبيا لكني أملك قلبا يسع شكواك ، لا أتقن حلو الكلام لكني سأعاملك
كابنة لي قبل أن تكوني زوجة.
ليختم كلماته التي أثارت الفوضى بداخلي بابتسامة مرحة :
لكني أناني وإذا ما أردت شيئا حصلت عليه رغما عن أنف كل الظروف وأنت ضمن هذه المعادلة.
لأول مرة أشعر أني أنثى مرغوبة ، كانت موافقتي على الزواج به كمخاطرة خضتها فقط لأثبت أني أستطيع تخطي ما ظننته حبا ،
فاكتشفت أن ترياق آلامي يتلخص في وجوده ، ابتسامته المهلكة وكلماته العفوية ،
نظراته التي تثير بداخلي فوضى لذيذة وتعلمني أبجديات لم أفقهها من قبل.
أحبك ، منذ أن وقعت عيناي عليك وقعت صريعا لهواك ،
حتى بت أراك في جل الوجوه وكلما ضممت جفني رأيتك وأنت تبتسمين ملوحة لي من بعيد.
لن أكذب وأقول أني أبادلك تلك المشاعر المقدسة ، لكني أصبحت كمن كان ناقصا واكتمل ،
لأول مرة أرى لونا آخر يزين أيامي ، أشعر بأمان لم أعرف ماهيته من قبل هل هذا يسمى حبا لا أدري ،
أريد فقط أن أتقاسم ما تبقى لي برفقتك أنت ، لكن إياك وجرحي أو خذلاني فلم يعد بقلبي متسع لجروح أخرى.
يكفيني أنك تشعرين بالأمان في حضرتي ، لن أزيد قلبك جروحا بل سأضمد الأخرى وأزرع ورود فيما تبقى منها.