هل يبكي الرجال؟
من قال أن الرجال لا يبكون ؟!
بلى ، يبكي الرجال!
يبكي الرجال عندما تموت أمهاتهم ، لأن كلمة أمي وحدها من تشعرهم بأنهم ما زالوا صغارا ،
مهما بلغوا من العمر ، وغيابها يثري الشيب في الرأس ما بين ليلة وضحاها!
يبكي الرجال حين يفقدون آبائهم ، لأنهم في تلك اللحظة يصبحون هم الآباء ،
وهم الأعمدة ، وهم السقف ، ووحدهم السند!
يبكي الرجال حين يمرض أحد أبنائهم ، لكن بعد أن يديروا ظهورهم ،
حتى لا تراهم تلك العيون الصغيرة ، التي تستمد قوتها للشفاء من قوة آبائهم!
يبكي الرجال حينما يزوجون بناتهم وينتقلن إلى بيوت أخرى ،
بعد سنوات من الرفق بتلك القوارير!
يبكي الرجال لجحود الأبناء ، أو إستعلائهم ، أو تطاولهم ، ولو بكلمة على والديهم.
يبكي الرجال قهرا ، وغُلباً ، وضيقاً ، وخيبة.
نعم!
يبكي الرجال عند عجزهم عن تأمين لقمة ، أو لعبة ، أو أدنى رغبةٍ لأولادهم!
يبكي الرجال لخشوع الله ، ولفراق وطن ، ولغياب أحبة!
نعم ، يبكي الرجال ولكن ، في العتمات وتحت الأمطار وعلى الوسائد!
لكن دموع الرجال
لا تخرج من مقلة العين على الخد فيراها الجميع ،
بل تخرج من القلب وعلى القلب ، فيظهر أثرها في التنهدات ،
والنظرات ، وتجاعيد الوجه ، وبياض الشعر!