والجمل الذي لا يضاجع أنثاه إلا في خفاء وستر بعيدا عن العيون
والجمل الذي لا يضاجع أنثاه إلا في خفاء وستر بعيدا عن العيون ،
فإذا أطلت عين لترى ما يفعله إمتنع وتوقف ونكس رأسه إلى الأرض!
هل يعرف الحياء؟!
وخلية النحل التي تحارب لأخر نحلة وتموت لأخر فرد في حربها مع الزنابير!
من علمها الشجاعة والفداء ؟!
وأفراد النحل الشغالة حينما تختار من بين يرقات الشغالة يرقة تحولها إلى ملكة بالغذاء الملكي وتنصبها حاكمة ،
في حالة موت الملك بدون وراثة.
من أين عرفت دستور الحكم ؟!
والفقمة المهندسة التي تبني السدود!
وحشرات الترميت التي تبني بيوتا مكيفة الهواء تجعل فيها ثقوباً سفلية تدخل الهواء البارد ،
وثقوبا علوية تخرج الهواء الساخن!
من علمها قوانين الحمل الهوائي ؟
والبعوضة التي تجعل لبيضها الذي تضعه في المستنقعات أكياساً للطفو يطفو بها على سطح الماء.
من علمها قوانين أرشميدس في الطفو!
ونبات الصبار وهو ليس بالحيوان وليس له إدراك الحيوان ،
من علمه إختزان الماء في أوراقه المكتنزة اللحمية ليواجه بها جفاف الصحاري وشح المطر!
والأشجار الصحراوية التي تجعل لبذورها أجنحة تطير بها أميالا بعيدة ،
بحثاً عن فرص مواتية للإنبات في وهاد رملية جدبية!
والحشرة قاذفة القنابل التي تصنع غازات حارقة ثم تطلقها على أعدائها للإرهاب!
والديدان التي تتلون بلون البيئة للتنكر والتخفي!
والحباحب التي تضئ في الليل لتجذب البعوض ثم تأكله.
والزنبور الذي يغرس ابرته في المركز العصبي للحشرة الضحية فيخدرها ويشلها ،
ثم يحملها إلى عشه ويضع عليها بيضة واحدة ، حتى إذا فقست خرج الفقس فوجد أكلة طازجة جاهزة!
من أين تعلم ذلك الزنبور الجراحة وتشريح الجهاز العصبي ؟!
ومن علم كل تلك الحشرات الحكمة والعلم والطب والأخلاق والسياسة ؟!
لماذا لا نصدق حينما نقرأ في القرأن أن الله هو المعلم.
ومن أين جاءت تلك المخلوقات العجماء بعلمها ودستورها إن لم يكن الله من خالقها!
إقرأ أيضا: إذا تحدث المرء في غير فنه أتى بالعجائب
وما هي الغريزة؟
أليست هي كلمة أخرى للعلم المغروس منذ الميلاد ، العلم الذي غرسه الغارس الخالق.
( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ).
ولماذا ندهش حين نقرأ أن الحيوانات أمم أمثالنا ستحشر يوم القيامة ؟!
( وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون )
(وإذا الوحوش حشرت).
ألا يدل سلوك ذلك الأسد الذي إنتحر على أننا أمام نفس راقية تفهم وتشعر وتحس وتؤمن بالجزاء والعقاب والمسؤولية ،
نفس لها ضمير يتألم للظلم والجور والعدوان!
وحينما نقرأ عن نملة تتكلم ( قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم )
لماذا نقلب شفاهنا في إستغراب ؟!
وكيف يمكن أن تتوزع الوظائف في خلية من ألوف النمل.
وكيف يمكن أن يشترك الكل في نشاط إجتماعي معقد ودقيق دون لغة يتخاطبون بها ، ودون وسائط للتفاهم!
ولماذا ينصرف ذهننا حينما نقرأ عن اللغات إلى أنه لا لغات في الدنيا إلا لغاتنا وحروفنا ؟!
وأن إذا كان على النمل أن يتكلم فإنه ليس أمامه إلا لغاتنا وحروفنا لكي يتكلم ،
فإن لم نسمعه يتحدث بها إنه لا يتكلم ولا يمكن أن يتكلم!
إنها نظرة الأفق الضيق التي نحاول أن نفهم بها كل شيء من خلال حدودنا البشرية ومن خلال عاداتنا ومألوفاتنا.
وكأننا أمام خالق أفلست وسائله وأفلست حيله فلم يعد له من أسباب ووسائل إلا ما دلنا عليه علمنا الظاهر!
وننسى أن علمنا هو قطرة من علومه ونفحة من نفحاته وإلهامه!