Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
قصص منوعة

وجدان التي عاشت مع الغزلان الجزء الأول

وجدان التي عاشت مع الغزلان الجزء الأول

يحكى أن تاجرا كان له ولد وبنت إسمها وجدان ، توفّيت أمّهما ، فربّاهما أبوهما أحسن تربية.

في يوم من الأيام أراد الرجل أن يحج ، فأمر إبنته بقفل الباب ، وجعل على نافذة عالية سلّما وأعطى المؤذّن صرّة دنانير ،

وأوصاه بأن يحمل إليها كلّ مرّة ما تستحقّه من خضار ولحم لتطبخ ، ووعده بمكافئة سخيّة حين يعود من الحجّ

فأجابه المؤذّن : لا تقلق فهي مثل إبنتي!

ثم غادر التاجر مع مع ابنه إلى الحجاز ، وهو مطمئنّ ، فالمؤذّن مشهور بالتّقوى ، لكن إبنة التاجر كانت جميلة ،

فوقع المؤذّن في غرامها ، وصار يتردّد عليها كل يوم ، وصارحها بحبّه ، لكن الفتاة لم تهتمّ به ، وهدّدته أن تشكوه لأبيها ،

وأدّى ذلك لحنقه ، وقال لها سأتركك تجوعين ، فأنا أتعب من أجلك ، وآتيك بأفضل ما في السّوق ،

أتعتقدين أن ما أعطاه أبوك يكفي لكلّ هذه الخيرات؟

أجابته : لا تشغل نفسك بعد الآن بأمري ، واطلب من جارتنا أن تصعد السّلم وتعطيني القفة ، أما أنت فلا أريد أن أرى وجهك.

أجابها : سأدّبر لك مكيدة ، وسيطردك أبوك ،وربّما قتلك ، سترين كيف أنتقم منك!

أجابته إفعل ما تريد ،فلن يصدّقك أحد.

بعد مدّة سمع المؤذّن أنّ التّاجر وإبنه قد رجعا من الحجّ ، وأنّهما قاربا على الوصول إلى القرية ،

فبعث برسالة له يقول فيها : إنّ ابنتك تستهين بك ، وهي وتراودني عن نفسها ، لكنّي كلّ مرّة أستغفر الله ،

وصرت أرسل لها جارتكم بجميع ما يلزمها ، وكل شخص في القرية يعرف ذلك ، لهذا لا ترجع إلا إذا أبعدتها من هنا!

فلمّا قرأ التّاجر الرّسالة إشتدّ غضبه ، ولم يحاول أن يسأل ، فهو يثق في كلام المؤذّن ذلك الرّجل الصّالح ،

فأرسل إبنه ، وطلب منه أن يحتال على أخته ويقودها إلى الصّحراء ، ثمّ يقتلها ، ويأتيه بلسانها الذي ينطق بالسّوء ،

فذهب إليها أخوها ، ولمّا سمعت صوته فرحت ، وفتحت له الباب ، وقال لها : تعالي لنرى أبانا ، فهو ينتظرنا على جمله.

إقرأ أيضا: يحكى أنه كان هناك أمير يحكم إمارة

وفي الطريق سألها : هل صحيح أنّ جارتك هي من تصعد السّلم لتعطيك حاجياتك؟

أجابته ؛ نعم ، لأن المؤذّن الذي وثق فيه أبي طمع فيّ لمّا رآني بمفردي ، تبّا له من شخص لئيم ،

ولقد هدد بتجويعي ، والنيل من سمعتي إن لم أستجب له ، لكن تلك الجارة عطفت عليّ ،

وصارت تعطيني من عندها لمّا رأت أن ما في القفّة لا يكفي.

حين وصلوا إلى الصّحراء سألت البنت عن أبيها ، فأخبرها أخوها بالحقيقة ، وأنّه جاء هنا ليقتلها ،

فقالت له :هذه رقبتي فاقطعها إن كان ذلك يريحك!

فبكى ، وقال : إنّي أصدّقك ، فلقد أحسن أبانا تربيتنا ، وأمّنا رحمها الله ذات علم وفضل ،

وما أكثر من يخفي وراء الدين جشعه ولؤمه.

ثمّ شاهد غزالا فرماه بسهم وسلخه وقطع لسانه ، ثم طلب من أخته أن تتوارى وتخلع ثوبها ،

ثم رمى إليها بالجلد فالتفت به فأخذ الثوب ولطخه بالدم وقال هاك قربة ماء وسيكفيك اللحم بضعة أيام فتدبري حالك ،

فإني لا أقدر على عصيان أمر أبي ، والله سيحميك ، ويجد لك مخرجا فيما أنت فيه من كرب ، ثم ودعها وانصرف.

وعندما لاقى أباه أراه الثوب واللسان ، وقال له لقد نفذت أمرك ومحوت عارك ، والآن عد إلى بيتك قرير العين ،

ومرفوع الرأس والله لو سمعت أحدا يذكر أختي لضربت عنقه.

أمّا الفتاة فجففت اللحم ثم وضعته في صرة ، ومشت في البوادي والقفار ، حتى نفذ زادها وأحسّت بالجوع والعطش ،

فسقطت على الأرض وقد أيقنت بالهلاك ، ولم تعلم كم من الوقت بقيت نائمة ، وفجأة أحسّت بشيء رطب على وجهها ،

ولما فتحت عينيها رأت غزالة صغيرة تلعق وجهها ، وقطيع من الغزلان يمرّ أمامها ،

فتحاملت على نفسها واتبعته حتى وصلت إلى أرض فيها ماء وكلأ ، فشربت واستحمت ،

ثم جعت العشب الطري وأكلته من شدة الجوع.

إقرأ أيضا: حكاية الحطاب والقرد الجزء الثاني

كانت الغزلان تعتقد أنّها واحدة منهنّ ، فلم يخفن منها ، وأحست البنت بالأمان معهم فلقد كانوا يحبوّنها ،

فقالت في نفسها الحيوانات لا تعرف الجشع لذلك لا تظلم ،

وما دخل حب الدنيا على قوم إلا أفسد ما بأنفسهم ، فمرحى للغزلان ، وبؤسا لبني آدم.

بقيت وجدان مدة من الزمن مع الغزلان تأكل العشب وتشرب من لبنها وتصطاد الفرائس الصغيرة ،

حتى توحش بدنها ولم تعد تخاف من شيء.

وذات يوم وجدت متاعا لأحد المسافرين هلك صاحبها في الصحراء ،

وكان من بينها مقص وخيط فأخذت الجلد وقطعته ثم جعلته ثوبا وقصت شعرها الطويل وظفرته.

وتقلدت سيف الرجل وأخذت حجر صوان وأصبحت تشعل النار وتطبخ الجذور والأعشاب واللحم فتحسنت حالها.

وفي الليالي الباردة كانت تجتمع حولها الغزلان فتتدفأ معها وكانت تحمي القطيع من الذئاب والضباع ،

وتداوي المريضة وتضمد جراح المجروحة.

ومنذ أن جاءت وجدان لم يفقد القطيع أحدا من أفراده وزاد عدده ، لكن البنت كانت تفكر دائما في أبيها وأخيها ،

وأقسمت أن تنتقم من المؤذن دون رحمة.

وفي أحد الأيام وصلت إلى أرض خضراء كثيرة الماء فانبسطت وصارت تستحم وتغني ،

وأخذت أعشابا عطرية دهنت به جسدها ووضعت زهورا حمراء على شفتيها.

فصار لونهما قرمزيا ولما نظرت الغزلان لوجدان أعجبت بجمالها وحركت أذنابها الصغيرة بفرح ،

فلقد أصبح لهن ملكة قوية وجميلة.

أحد الأيام خرج إبن السلطان للصيد مع رفاقه ورأى من بعيد قطيعا من الغزلان يرعى ،

فركض بفرسه بصحبة رفيقه في القصر الذي كان رجلا ذو عقل وفطنة.

إقترب الأمير منهن ولشدة دهشته لم يهرب أحد ورفعن رؤوسهن ونظرن إليه ، وواصلن الأكل كأن شيئا لم يكن.

فضحك الرفيق وقال : لعلهن يعتقدن أنك فراشة أيها الأمير.

إقرأ أيضا: وجدان التي عاشت مع الغزلان الجزء الثاني

أو ربما ببغاء فلم يضحك الأمير وصوب قوسه إلى أقربهن إليه وفجأة خرجت له فتاة ليس هناك من هو أجمل منها.

وقالت له : أنصحك أن لا تفكر بذلك إن كنت تريد الرجوع سالما إلى أهلك.

صاح الرفيق : أغلقي فمكِ فأنت بحضرة الأمير
أجابته : وأنا أميرة هذه الغزلان ولأني أحميها لذلك لم تخف منكم.

قال الرجل : لم أر في حياتي أخبث لسانا من هذه الجارية هل تريد أن أنادي الحرس ليأدبوها؟

أجابه الأمير : لقد حمت رعيتها وهذا ما كنت لأفعله لو كنت مكانها ثم إنصرف مع رفاقه لمكان آخر.

لكن إبن السلطان واسمه محمد كان شاردا وأخطأ جميع الفرائس التي رماها بقوسه ولما حضر الطعام لم يمد يده ،

فجاءه رفيقه وسأله لقد ربيتك لما كنت صغيرا وهذه النظرة في عينيك لا تعجبني فقل لي ماذا أصابك؟

أجابه : لقد أخذت تلك الجارية قطعة من قلبي وإن لم أراها وأكلمها سأموت!

إرتعب الرجل وقال ومن أدرانا أنها ليست من الجن على كل الحال سأعرف من تكون ،

فإذا كانت إنسانة أتيتك بها ، أما إن كانت جنية فلا أقدر على شيء فهم ليس مثلنا.

وفي الغذ أحضر قصعتين من الكسكس واحدة فيها ملح وتوابل والأخرى ليس فيها شيء ووضعهما قرب القطيع واختفى وراء الأشجار.

شمت الفتاة الرائحة وحملت القصعة التي فيها التوابل وتركت مكانها أرنبا مسلوخا ومحشوا بالإكليل والرّند.

كان الأمير جالسا على حجر وأمامه الثمار والخبز والحليب ،

لكنه لا يأكل وبعد قليل جاءه رفيقه وقال له : لقد أرسلت لك جاريتك هدية وأخرج الأرنب.

فانبسطت نفس الأمير محمد وأنضجه على الجمر ثم أكل حتى شبع وقال : هي إذا من الإنس سأذهب إليها!

قال رفيقه : لا تتعجل وصار يحمل إليها كل يوم طعاما وهي تترك شيئا حتى مر على ذلك سبعة أيام.

أما وجدان فأعجبها الطعام الساخن ولم تذقه من مدة طويلة وكانت تعرف أن الأمير هو من يرسله لها ،

فقد لاحظت منذ اليوم الأول الحب في عينيه.

وكان من المفروض أنها تذهب من هنا لكي لا يعرف مكانها الصيادون والسباع ،

لكن قلبها قد خفق لذلك الولد ولأول مرة منذ أشهر طويلة تحس بالأمان حولها وبأن الحياة أكثر جمالا.

يتبع ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?