Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
قصص منوعة

وريقة الحناء الجزء الأول

وريقة الحناء الجزء الأول

عاش في قديم الزمان رجل مع ابنته اسمها وريقة الحناء التي ماتت أمها فتزوج بعدها إمرأة مات زوجها بعد أن رزقت منه فتاة اسمها إكرام.

كانت وريقة الحناء فتاة رشيقة القوام جميلة الوجه كريمة النفس هادئة الطبع ،

فيما كانت إكرام فتاة قصيرة القامة دميمة الوجه شرهة النفس خشنة الطبع.

وكان الأب ينظر إلى الفتاتين نظرة متساوية يقسم بينهما حنانه الأبوي كما لو كانتا ابنتيه ،

فلا يفضل واحدة منهن على الأخرى ، ويعمل على تقسيم الأعمال المنزلية بينهن بالتساوي.

ففي اليوم الذي كانت تتولى فيه وريقة الحناء مهمة رعي الأغنام ، تتولى إكرام مهام أعمال المنزل من طبخ وكنس وغسل ملابس ،

ليتبادلا الأدوار في اليوم التالي.

تقوم إكرام برعي الأغنام وتحل وريقة الحناء مكانها في تولي مهام الأعمال المنزلية وهكذا ،

إلا أن أم إكرام التي كانت تأكلها الغيرة من جمال وريقة الحناء وحسن أخلاقها وطباعها ،

دأبت على إرهاقها بالعمل لتخفف بذلك عن إكرام ابنتها التي كانت تفضلها على وريقة الحناء في المعاملة.

واعتادت كلا من وريقة الحناء وإكرام على أخذ طعام الفطور معهن عند خروجهن في الصباح الباكر إلى مناطق رعي الأغنام ،

حيث تقطن في ذلك المكان إمرأة عجوز وحيده في كوخها الذي لا يزوره أحد.

وكانت وريقة الحناء كلما شاهدت تلك العجوز قابعة تحت ظل الشجرة القريبة من كوخها ،

تلقي عليها التحية وتتقدم نحوها وهي تفتح رباط فوطتها الذي تضع فطورها بداخله ،

ثم تفترش فوطتها وتشارك العجوز أكلها.

فتتناوله العجوز وهي تدعو لها قائلة : زادك الله فوق عقلك عقل.

إقرأ أيضا: اللاجئين الذين ماتو فجأة لغز لم يكتشف إلى الأن

وكانت العجوز كلما ازداد الحك في رأسها الأشيب تنادي وريقة الحناء القابعة بالقرب منها ،

وتقول لها القمل أكل رأسي ساعديني على التخلص منها.

فترد عليها وريقة الحناء بأدب : انتظريني ريثما أسوق الأغنام إلى المكان الخصيب ،

وسأعود بعدها للتفتيش عن القمل في رأسك.

فتقول لها العجوز مطمئنة : لا تتعبي نفسك يا بنيتي اجلسي وقولي أرعى وقرب وسترتعي الأغنام لوحدها ،

وبعد أن تشبع ستجدينها بالقرب منك دون أن تكلفي نفسك عناء البحث عنها.

فتقول وريقة الحناء ذلك ثم تجلس بجانب العجوز التي تطاطئ لها رأسها ،

وتبدأ بتقليب شعرها الأشيب بأصابعها وتبحث عن القمل ،

وكانت كلما عثرت على قملة التقطتها بطرف أصابعها وهي تنظر إليها قائلة : هذه مثل قملة أمي.

فتسمع ذلك منها العجوز وتدعوا لها قائلة : زادك الله فوق عقلك عقل.

هذه القملة بحجم قملة أمي.

وترد عليها العجوز : زادك الله فوق عقلك عقل.

وهكذا تستمر وريقة الحناء بالتفتيش عن القمل كلما طلبت منها العجوز القيام بذلك ،

إلى أن يحين موعد العودة فتقبل نحوها الأغنام لوحدها وقد امتلأت كروشها ولم تعد تقوى على السير إلا بصعوبة.

أما إكرام فقد اعتادت على تجنب الجلوس في المكان الذي تقبع عنده العجوز التي ما أن تراها تبدأ بتناول فطورها فتناديها قائلة :

إني جائعة يا إكرام أعطيني من فطورك.

فتسمعها إكرام وترد عليها محتجة وهي تصرخ بوجهها :

إن فطوري قليل وهو بالكاد يكفيني ، إن أعطيتك منه أموت جوعا.

وكانت العجوز تسمع منها ذلك فتدعوا عليها قائلة : زادك الله فوق جنانك جنان.

إقرأ أيضا: من يصلح الملح إذا الملح فسد!

وكانت عندما يأكل القمل رأسها تطلب من إكرام مساعدتها في تخليصها منها كما تفعل معها وريقة الحناء وتقول لها :

القمل أكل رأسي يا إكرام ، ساعديني في التخاص منها.

فترد عليا إكرام بنبرة متعالية : إنني جئت هنا لأرعى الأغنام لا لكي أفتش عن القمل الذي يأكل رأسك.

إلا أن العجوز التي لم تقوى على تحمل الحك الذي ينهش رأسها تستمر في إلحاحها ورجائها ،

فتوافق إكرام على مضض على تخليص العجوز من قمل رأسها.

وقبل أن تهم بالقيام بذلك كانت تطلب منها العجوز عدم الإكتراث لأمر الأغنام ،

وتقول لها لا تخافي على أغنامك قولي لها جوع وباعد وسوقيها نحو المرعى.

فتقول إكرام ذلك وتجلس إلى جانب العجوز التي تطاطئ لها رأسها وتبدأ بالتفتيش عن القمل بين شعرها الأشيب ،

وكانت كلما عثرت على قملة أمسكت بها بطرق أصابعها وصاحت :

الله ما أكبرها إنها بحجم الثعبان
الله ما أكبرها إنها بحجم الحية.

والعجوز تسمعها فترد عليها قائلة : زادك الله فوق جنانك جنان.

وتستمر إكرام بالبحث عن القمل المنتشر برأس العجوز مكرهة ،

كلما ألحت عليها العجوز القيام بذلك إلى أن يحين موعد الرجوع إلى البيت ،

فتبتعد الأغنام عن مكانها المألوف وتقضي هي الساعات الطويلة في البحث عنها من مكان لآخر ،

لتجدها خاوية البطون وتنصرف عائدة بها إلى المنزل.

وفي إحدى الأيام وبينما كانت وريقة الحناء تتأهب للعودة إلى المنزل مع أغنامها ،

نادت عليها العجوز وأخذت تخاطبها وهي تشير لها بإصبعها إلى مكان يقع خلف التل قائلة :

إذهبي يا بنيتي إلى ذلك المكان وستجدين هناك ثلاثة برك مملوءة بالماء ،

ستغمز لك الأولى طالبة منك بأن تغتسلي بها فلا تطاوعيها ،

وستجدين البركة الثانية ماءها راكداً وهي لا تشير لك بالإغتسال بها فاغتسلي بها.

إقرأ أيضا: العندليب مالا يعرفه البعض عن العندليب

توجهت وريقة الحناء إلى المكان الذي أشارت إليه العجوز وتجنبت الإغتسال في البركة الأولى التي أخذت تغمز لها ،

وقفزت بملابسها إلى البركة الثانية التي وجدتها راكدة واغتسلت بمائها ،

وعندما خرجت منها وجدت نفسها مغطاة بالذهب والجواهر المتدلية على كل قطعة من جسمها ،

ولم تعد تقوى على السير إلا بصعوبة لثقل الحمل الملتصق على ملابسها.

فأخذت تواصل سيرها نحو البيت والأغنام تسير أمامها ببطء ،

حتى اقتربت من البيت فأخذت تنادي على أباها بصوت مرتفع :

يا أباه ، يا أباه.

أطل الأب من الشباك لسماعه مناداتها وتبعته زوجته وأخذ يسألها عن سبب مناداتها له.

فأجابته قائلة : لاقني بالجمل والجمال والمشتري والحمال.

لم يتبين الأب طلبها لضعف سمعه فالتفت إلى زوجته يستفسرها عن طلبها ،

فردت عليه : تقول لك لاقني بالمقص والشريم والمودمه والصميل.

إلا أن الرجل عاود الإصغاء إلى نداء ابنته مرة أخرى فوجدها تقول له :لاقني بالجمل والجمال والمشتري والحمال.

ورأى ما تحمل إبنته من كنوز معلقة على ثيابها فترك زوجته وذهب من فوره للبحث عن من سيشتري ومن سيحمل ما تحمله وريقة الحناء من ثروة ،

والسرور يغمره وهو يرى الأغنام ممتلئة البطون.

وفي اليوم التالي وبينما كانت إكرام تتأهب للعودة إلى المنزل طلبت منها العجوز أن تذهب إلى حيث موقع البرك الثلاثة ،

قائلة لها وهي تشير بإصبعها إلى المكان الذي تقع عنده الأكمة :

إذهبي إلى خلف تلك الأكمة وستجدين ثلاث برك ماء ،

الأولى منها سوف تشير لك بأن تغتسلي فيها فاقفزي من فورك إلى وسطها واغتسلي بمائها.

إقرأ أيضا: قصة بدوية رائعة

توجهت إكرام إلى حيث أشارت لها العجوز وقفزت بملابسها إلى وسط البركة الأولى فور رؤية إشارتها.

وعندما خرجت منها وجدت نفسها مثقلة بالعقارب والحيات والأفاعي التي تطوي جسمها ، ولم تقوى على التخلص منها.

فأخذت تجرجر خطاها نحو البيت والخوف يملأ نفسها فيما الأغنام كانت تسير أمامها خاوية البطون ،

وعندما اقتربت من أمام المنزل أخذت تنادي زوج أمها قائلة :

واعماه ، واعماه.

أطل الرجل وزوجته من الشباك مستفسرين عن سر مناداتها له فسمعها تقول له :

لا قني بالمقص والشريم والمودمه والصميل.

وعندما لم يتبين له صوتها بوضوح سأل زوجته عن طلبها فردت عليه قائلة :

تقول لك إكرام لاقني بالجمل والجمال والمشتري والحمال.

إلا أن الرجل عاود الإصغاء إلى نداء إكرام مرة أخرى فتيقن من قولها له : ( لاقني بالمقص والشريم والمودمه والصميل )

فأسرع من فوره لتناول المقص والشريم والمودمه والصميل الذي أخذ يجز بها الأفاعي والحيات ويضربها بالصميل لقتلها ،

وتخليص إكرام من خناقها.

ليقف بعدها مدوهشاً وهو يرى الأغنام جائعة وقد التصقت بطونها بظهورها من شدة الجوع.

فحار من ذلك الأمر الذي لم يجد له تفسيراً.

وذات يوم حدث عرس كبير دعي لحضوره جميع أهالي القرية بمن فيهم إبن السلطان ،

فأخذت الغيرة تملأ نفس أم إكرام من حضور وريقة الحناء ذلك العرس فقد طغي جمالها على جمال إبنتها إكرام ،

وأكيد ستلفت انتباه إبن السلطان الذي ما من شك بأنه سيأسر بجمالها ، ويقع في غرامها من أول نظرة.

إقرأ أيضا: يحدث ليلا في شقة الطلبة الجزء الأول

خاصة وقد أشيع عن رغبته في الزواج وسوف يسعى جاهداً من أجل الزواج بها ،

ولكي تضمن عدم حدوث ذلك فقد قررت منع وريقة الحناء من حضور ذلك العرس ،

وعمدت إلى حيلة تحول دون إمكانية حضورها ذلك العرس.

فقامت بخلط أصناف متنوعة من حبوب الذرة والقمح والشعير والعدس ببعضها داخل قدر كبير ،

ثم وضعتها أمام وريقة الحناء وهي تقول لها :

أريد منك أن تقومي بتنقية هذه الأصناف من الحبوب وأخرجي كل صنف لوحده ،

ثم قومي بطحن كل صنف على حدى وبعدها احتفظي بطحين كل صنف في وعاء خاص.

وبعد أن تفرغي من ذلك قومي بكنس البيت من أعلاها إلى أسفلها.

لم تعترض وريقة الحناء على القيام بذلك إلا أنها كانت ترجو تأجيل الأمر إلى ما بعد حضورها حفل العرس.

فأخذت تتوسل لخالتها وتترجاها قائلة : الله يسترك يا خاله دعيني آتي معكم حفل العرس وبعدها سأعمل كل ما تريدين.

إلا أن خالتها التي كانت تتعمد إعاقتها من حضور ذلك العرس نهرتها قائلة :

لديك أعمال كثيرة يا ابنتي فإذا فرغت منها إلحقينا.

فعاودت وريقة الحناء توسلاتها ورجائها بأن تؤجل القيام بذلك إلى ما بعد العرس.

إلا أن خالتها التي لم يلين قلبها لتوسلاتها وصاحت بوجهها وزجرتها بلهجة حادة منهية الحديث بينهما ،

ثم أدارت لها ظهرها وانصرفت خارجة من البيت ، وابنتها إكرام تسير خلفها وقد ارتدت أجمل ملابسها ، وتزينت بأجمل حليها ،

ويحذوها الأمل بلفت نظر إبن السلطان إليها.

تسمرت وريقة الحناء في مكانها وأخذت تذرف دموعها وهي تراهن ينصرفن إلى العرس بدونها ،

وبينما هي كذلك ظهرت لها فجأة تلك العجوز التي تقيم في المرعى ، وسألتها قائلة :

لماذا لم تذهبي يا ابنتي إلى حفل العرس وكل صبايا ونساء القرية سيحضرنه.

إقرأ أيضا: وريقة الحناء الجزء الثاني

رفعت وريقة الحناء رأسها نحو العجوز وقالت بحسرة وهي تشير بإصبعها إلى الوعاء الذي خلطت خالتها أصناف الحبوب بداخله :

كيف لي ذلك يا جدة ، وقد كلفتني خالتي بتنقية أصناف الحبوب المتعددة التي عمدت إلى خلطها ببعضها.

وأمرتني بطحن كل صنف على حدى والإحتفاظ به بوعاء خاص ،

وزيادة على ذلك فقد طلبت مني القيام بكنس البيت وتنظيفه من الداخل والخارج.

يتبع ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?