وصف ابن القيم رحمه الله للجنة
وصف ابن القيم رحمه الله للجنة
وما أروع ما قاله ابن القيم رحمه الله في وصف نعيم الجنة ، قال في : ( حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح 355 – 360) :
قال ابن القيم كيف يقدر قدر دار غرَسَها الله بيده وجعلها مَقَـرًّا لأحبابِه ومَلَأها من رحمته وكرامتِه ورضوانِه ،
ووَصَفَ نعيمَها بالفوز العظيم ومُلْكَها بالمُلك الكبير وأودعها جميع الخير بحذافيره وطَهرَها من كل عَيبٍ وآفةٍ ونقص.
فإنْ سألتَ عن أرضِها وتُرْبتِها ، فهي المِسْكُ والزعفران.
وإن سألت عن سَقْفِها ، فهو عَرْش الرحمن ،
وإنْ سألتَ عن مِلاطِها ، فهو المِسْكُ الإذفر.
إن سألت عن حَصْبائِها ، فهو اللؤلؤ والجوهر ،
وإن سألت عن بِنائها ، فلَبِنةٌ من فضة ولَبِنةٌ من ذهب.
وإن سألت عن أشجارها فما فيها شجرةٌ إلَّا وساقُها من ذهب وفضة.
إن سألتَ عن ثَمَرِها فأمثال القِلال ألْيَنُ مِن الزَّبِد وأحلى من العسل ،
وإنْ سألتَ عن ورَقِها فأحْسَنُ ما يكون مِن رقائقِ الحُلل.
إن سألت عن أنهارها ، فأنهارُها مِن لبَن لَم يَتَغَيَّر طَعْمُه وأنهارٌ من خمْر لَذةٌ للشارِبِين وأنهارٌ من عسل مصَفى.
وإن سألت عن طعامهم ففاكهة مما يَتخيَّرون ولحمِ طيرٍ مِما يشتهون ،
وإنْ سألتَ عن شرابِهم فالتسنيم والزنجبيل والكافور.
إن سألتَ عن آنيتهم فآنيةُ الذهب والفضة في صَفاءِ القوارير ،
وإن سألتَ عن سَعَة أبوابِها فبَيْنَ المِصْراعَين مسيرة أربعين من الأعوام.
وإن سألتَ عن تصفيق الرياح لأشجارِها فإنها تَسْتَفِزُّ بالطَّرَب لَِمن يَسمعها ،
وإنْ سألتَ عن ظِلها ففيها شجرة واحدة يَسير الراكب المُجِد السريع في ظِلها مائة عام لا يَقطعُها.
إن سألتَ عن سَعَتِها فأدنى أهلَها يسير في مُلكِه وسُرُرِه وقصورِه وبَساتينِه مسيرة ألفي عام.
وإن سألت عن خيامها وقبابِها فالخيمة الواحدة مِن دُرَّة مُجوَّفة طُولُها ستون مِيلًا من تلك الخيام.
وإنْ سألتَ عن عَلاليَها وجواسِقِها فهي غُرَفٌ مِن فوقِها غُرَفٌ مَبنِيَّة تجري من تحتها الأنهار.
إن سألت عن إرتفاعِها فانْظُر إلى الكوكب الطالع أو الغارب في الأفق الذي لا تكاد تناله الأبصار.
إقرأ أيضا: للأسف نعلم ولا نعمل
وإن سألت عن لِباس أهلها فهو الحرير والذهب ،
وإنْ سألتَ عن فُرُشِها فبَطائنها من إستبرَق مفروشة في أعلى الرُّتب.
وإنْ سألتَ عن أرائكِها فهي الأسِرَّة عليها البَشخانات وهي الحجال ، مُزَرَّرة بأزرار الذهب فما لها من فروج ولا خِلال.
إن سألت عن وجوه أهلها وحُسْنِهم فعَلى صورة القمر ،
وإنْ سألتَ عن أعمارهم فأبناءُ ثلاثة وثلاثين على صورة آدم. عليه السلام أبي البَشَر.
وإن سألتَ عن سَماعِهم فغِناءُ أزواجِهم من الحُور العين وأعلى منه سَماعُ أصوات الملائكة والنبيين وأعلى منهما سَماعُ خِطابِ ربِّ العالمين.
وإنْ سألتَ عن حُلِيهم وشارتِهم فأساوِر الذهب واللؤلؤ على الرؤوس ملابس التِّيجان.
إن سألت عن غلمانِهم فوِلْدانٌ مُخلَّدون ، كأنهم لؤلؤٌ مكنون.
وإنْ سألتَ عن عرائِسِهم وأزواجِهم
فهُنَّ الكَواعب الأتراب.