وصية أم لابنها في زمن الإنترنت تكتب بماء الذهب
وصية أم لابنها في زمن الإنترنت تكتب بماء الذهب
يا بني : إن جميع برامج التواصل ، بحر عميق ، ضاعت فيه أخلاق الرجال!
وسقطت فيه العقول!
منهم الشاب ومنهم ذو الشيبة ، وابتلعت أمواجه حياء العذارى ، وهلك فيه خلق كثير.
فاحذر التوغل فيه ، وكن فيه كالنحلة ، لا تقف إلا على الطيب من الصفحات ، لتنفع بها نفسك أولا ثم الآخرين.
يا بني : لا تكن كالذباب يقف على كلّ شيء ، الخبيث والطيب ، فينقل الأمراض من دون أن يشعر.
إن الإنترنت سوق كبير ، ولا أحد يقدم سلعته مجانا!
فالكل يريد مقابلا!
فمنهم من يريد إفساد الأخلاق مقابل سلعته!
ومنهم من يريد عرض فِكره المشبوه.
ومنهم طالبُ الشهرة! منهم المصلحين.
فلا تشتر حتى تتفحص السلع جيدا.
يا بني : إياك وفتح الروابط ، فإن بعضها فخ وتدبير ، وشر كبير ، وهكر وتهكير ، ودمار وتدمير.
يا بني : إياك ونشر النكات والإشاعات ، واحذر النسخ واللصق في المحرمات.
واعلم أن هذا الشيء يتاجر لك في السيئات والحسنات ، فاختر بضاعتك قبل عرضها ، فإن المشتري لا يشاور.
يا بني : قبل أن تعلق أو تشارك فكر إن كان ذلك يرضي الله تعالى أو يغضبه.
لا تُعول على صداقة من لم تراه عينك!
ولا تحكم على الرجال من خلال ما يكتبونه.
فإنهم متنكرون ، فصُورهم مدبلجة ، وأخلاقهم مجملة ، وكلماتهم منمقة ،
يرتدون الأقنعة ، ويكذبون بصدق!
فكم من رجل دين هو أكبر السفهاء ، وكم من جميل هو أقبح القبحاء!
كم من كريم هو أبخل البخلاء ، وكم من شجاع هو أجبن الجبناء ،
إلا من رحم الله ، فكن ممن رحم الله.
يا بني : احذر الأسماء المستعارة فإن أصحابها لا يثقون في أنفسهم ،
فلا تثق فيمن لا يثق في نفسه ، وإياك أن تستعير إسما ، فإن الله تعالى يعلم السر وأخفى.
إقرأ أيضا: قيل لمعروف الكرخي كيف اصطلحت مع ربك؟
لا تجرح من جرحك ، فأنت تمثل نفسك وهو يمثل نفسه ، وأنت تمثل أخلاقك وليس أخلاقه ،
فكل إناءٍ بما فيه ينضح.
يابني : انتق ما تكتب ، فأنت تكتب والملائكة يكتبون ، والله تعالى من فوق الجميع يحاسب ويراقب.
يا بني : إن أخوف ما أخافه عليك في بحر الإنترنت الرهيب هو مشاهدة الحرام ، ولقطات الفجور والإنحراف ،
فإن وجدت نفسك قد تخطيت هذه المحرمات ، فاستفد من هذا النت في خدمة نفسك والتواصل مع مجتمعك ،
واسع في نشر دينك ، وإن رأيت نفسك متمرغا في أوحال المحرمات ،
فاهرب من دنيا الإنترنت هروبك من الضبع المفترس ، فالنار ستكون مثواك وسيكون خصمك غدا مولاك.
يا بني : إن من أهم مداخل الشيطان الغفلة والشهوة وهما عماد الإنترنت ،
واعلم إن هذا الشيء لم يخلق لغفلتك إنما لخدمتك ، فاستخدمه ولا تجعله يستخدمك.
وابنِ به ولا تجعله يهدمك ، واجعله حجة لك لا حجة عليك.