وفاز الأعمى
وفاز الأعمى
كان في قديم الزمان ثلاثة رجال ابتلى الله كل واحد منهم بمرض ، وأخذ الناس ينفرون منهم ،
فالأول ابتلاه الله بالبرص ، فأصبح جلده مليئاً بالبقع البيضاء.
والثاني ابتلاه الله بالعمى فكان لا يرى.
والثالث ابتلاه الله بمرض أسقط شعره فأصبح أقرع.
وفي يوم من الأيام أراد الله أن يختبرهم ليرى أيشكرون النعمة أم لا ،
فأرسل إليهم ملاكا في صورة رجل ، فجاء هذا الملك إلى الأبرص.
قال الملك : السلام عليكم يا رجل.
فقال الأبرص : وعليكم السلام.
قال الملك : مالي أراك بائساً وحيدا؟
فقال الأبرص : لقد تركني الناس وحيداً بسبب هذا المرض ( البرص ) ، وأنت أول شخص يجلس بجانبي منذ فترة طويلة.
قال الملك : لا عليك يا هذا ولكن قل لي لو أنك تريد من الله أن يحقق لك أمنية الآن ، فما هي أمنيتك؟
قال الأبرص : أتمنى من كل قلبي أن يكون لي جلد ولون حسن أريد أن أكون مثل باقي الناس.
ومرر الملك يده على يد الأبرص ، وتفاجأ الأبرص أن البقع البيضاء أخذت تختفي.
لقد ذهب البرص وأصبح جسمه سليماً كباقي الناس.
قال الأبرص : يا إلهي ، لا أدري كيف أشكرك.
قال الملك : بل أشكر الله فهو الذي عافاك ، والآن أجبني.
لو تتمنى أن تصبح غنياً فماذا تحب من الأموال؟
قال الأبرص : أحب أن يكون عندي قطيع من الجمال.
قال الملك : لك ما تريد هذه ناقة حامل ويبارك الله لك فيها.
فقال الأبرص : با إلهي ، لا أكاد أصدق أنه يوم سعدي.
وهكذا ترك الملك الرجل الأبرص وهو في أحسن حال من السعادة.
ولكن مهمة الملك لم تنته بعد ، حيث سار الملك حتى وصل إلى الأقرع.
إقرأ أيضا: الحذاء الضائع
قال الملك : السلام عليك يا رجل مالي أراك بائساً وحيدا؟
فقال الأقرع : وعليك السلام ، ألا ترى حالي ، لقد أصابني مرض فقدت به شعري فابتعد عني الناس.
قال الملك : قل لي يا رجل لو أنك تريد من الله أن يحقق لك أمنية الآن ، فما هي أمنيتك؟
فقال الأقرع : أحب أن يذهب الله عني هذا المرض ويرزقني شعراً جميلا.
ومرر الملك يده على الأقرع فشفاه الله من مرضه وأخرج له شعراً جميلاً مثل الحرير.
قال الأقرع : لا أكاد أصدق.
قال الملك : والآن قل لي ، لو تتمنى أن تصبح غنياً فماذا تحب من الأموال.
فقال الأقرع : أحب البقر.
قال الملك : خذ هذه بقرة حامل ، وسيبارك الله لك فيها .
فقال الأقرع : معقول ، هل أنا أحلم؟
وابتعد الملك تاركاً الأقرع سعيداً بشعره وببقرته الحامل ، وبقيت مهمة واحدة للملك ،
وسار الملك حتى وصل إلى الأعمى وسلم عليه.
الملك : السلام عليك يا رجل مالي أراك وحيداً تعيسا؟
قال الأعمى : وعليك السلام ، ألا ترى حالي أنا أعمى لا أرى شيئاً ولا أستطيع القيام بحوائجي؟
قال الملك : لو أنك تريد من الله أن يحقق أمنيتك فما هي؟
أحب ان يعيد الله لي بصري فأرى الناس ، وأتمكن من قضاء حوائجي..
قال الملك : والآن سأمسح على عينيك ليرجع لك بصرك.
فقال الأعمى : ما هذا إنني أرى ، إنني أرى.
قال الملك : والآن قلي لو أنك تريد أن تصبح غنياً ، فماذا تريد من المال؟
فقال الأعمى : أحب الغنم.
قال الملك : خذ هذه شاة حامل ويبارك الله لك فيها.
قال الأعمى : يا الله ، الحمد لله والشكر لك يا الله.
وابتعد الملك تاركاً الأعمى في قمة الفرح.
ومر الأيام والسنين وازداد المال مع هؤلاء الثلاثة ،
فالأبرص أصبح معه قطيع كبير من الإبل ،
والأقرع أصبح معه قطيع كبيرا من البقر ،
والأعمى أصبح معه قطيع كبير من الغنم.
إقرأ أيضا: قصة المرأة التي خافت الله فأعزها الله
وذات يوم أراد الله أن يختبر هؤلاء الثلاثة وماذا يصنعون بتلك الخيرات ،
فأرسل إليهم هذا الملك على الصورة التي كان كل واحد منهم عليها ، وكان أولهم الرجل الذي كان أبرص.
يدق الباب : طق طق.
الأبرص : حسناً أنا قادم لفتح الباب.
الملك : أنا مسكين لا أجد ما يطعمني أسألك بالذي أعطاك اللون والجلد الحسن أن تعطيني بعيراً واحدة.
قال الأبرص : هه من أنت؟متسول أبرص فقير؟
قال الملك : أرفق بي.
فقال الأبرص : إذهب من هنا فليس لك شيء عندي.
قال الملك : أتمنى أن يعيدك الله إلى ما كنت عليه.
وفعلاً عاد البرص إلى الرجل وفقد إبله واحدة تلو الأخرى.
ثم ذهب الملك إلى الأقرع في صورة رجل أقرع قبيح المنظر.
قال الملك : أنا رجل مسكين تقطعت بي الطرق في سفري أسألك بالذي أعطاك الشعر الحسن أن تعطيني بقرة واحدة.
فقال الأقرع : إذهب من هنا فليس لك شيء عندي.
قال الملك : أدعو الله أن يعيدك إلى ما كنت عليه.
وفعلا سقط شعره الجميل وفقد كل قطيعه من الأبقار.
ثم ذهب الملك إلى الرجل الذي كان أعمى في صورة متسول فقير أعمى.
قال الملك : السلام عليكم.
فقال الأعمى : وعليكم السلام ، أهلاً بك تفضل.
قال الملك : أنا رجل مسكين تقطعت بي الطرق في سفري أسألك بالذي أعطاك نعمة البصر شاة واحدة.
فقال الأعمى : لا عليك أيها الرجل الطيب خذ ما تريد..
قال الأعمى : لقد كنت أعمى فرد الله بصري وكنت فقيرا فأغناني وكل هذه النعم من الله فخذ ما شئت منها ،
فإن المال مال الله.
قال الملك : لن آخذ شيئاً إنما أنا ملك بصورة رجل ، أرسلني الله لأختبرك مع صاحبيك الأبرص والأقرع.
وقد سخط الله عليهما لأنهما نكرا النعمة ورضي الله عنك لأنك شكرت النعمة.