وقفات مع الزلزال
وقفات مع الزلزال
لا توزعوا أقدار الله على الناس بحسب مزاجكم ، ليس كل من هلكَ عاصيا ، ولا كل من نجا تقيا!
في طاعون عمواس مات أبو عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة ، ومعه حشدٌ من الصحابة.
ونجا الرومُ على مقربةٍ منهم وهم لا يساوون شِسَاع نعالهم!
لا أحد أرحم بالخلق من الله ، فتأدبوا معه! ما نحن إلا عبيد في ملكه ،
ومهما أوتينا من علمٍ وفهم فلن ندركَ لا رحمته ولا حكمته ،
ولو إجتمعت عقول البشر جميعهم لتفهم الحكمة من قتل الغلام في سورة الكهف لما فهموها ،
ولكن لما كشَفَ لنا حجب الغيب علمنا أنه سبحانه يُغلِّفُ خيراً كثيراً في قشرة رقيقة بما نحسبه شراً مستطيراً!
هذه الأحداث هي فرصة لا لنتذكَّر قوة ربنا فحسب ، وإنما لنتذكَّر ضعفنا أيضاً!
لا شيء مضمون في هذه الدنيا ، وكل شيءٍ يمكن أن ينقلبَ رأساً على عقب في لحظةٍ ،
الصحة قد تنقلب عجزا ، والجمال قد يصير تشوها ،
والغنى قد يصبحُ فقرا ، وقد قيل لأحد الصالحين : كيف النجاة وربنا يرمينا بسهام القدر؟
فقال : كُنْ بجوار الرامي تنجُ!
تصالحوا ، فقد ينام أحدكم إلى الأبد ، لا تناموا متباغضين ولا متقاطعين ، بكاء على كتف حيٍّ خير من نحيبٍ على قبره ،
وردة في يده خير من باقةٍ على ضريحه ، وإن لم نتصافح أحياءً فما يفيد أن نقف لنتقبل العزاء ببعضنا أمواتاً!
إمرأةٌ رفضت الخروج من تحت الأنقاض حتى يناولوها حجاباً تستر به نفسها!
فما عذركِ أنتِ ، تقولين اليوم أتحجب ، غداً أتحجب ، أضمنتِ الغد أن تكوني فيه!
إقرأ أيضا: الصورة الحقيقية
رجل تحت الأنقاض إهتدى إليه المسعفون ، وكانوا يحتاجون وقتاً ليخرجوه ،
فطلبَ ماءً ليتوضأ كي لا تفوته الصلاة في وقتها!
فما عذركَ يا تارك الصلاة ، لربما لم يُسعفكَ العمر لتصلي ، فابدأ الآن!
الناس مكلومة فلا تزيدوا جراحها بتعليقات سخيفة ، وكلمات غير مسؤولة!
قال أحدهم : ماتت كل عائلتي ، كلهم بخيرٍ الآن إلا أنا!
فلا تجمعوا عليهم وحشة الفقد وقسوة الكلام!
شاب تركي طرده صاحب العمارة لأنه لا يملك أجرة البيت ، بعد أيام وقع الزلزال!
يقول هذا الشاب : الآن أتدفأ أنا وصاحب العمارة في خيمة على نفس النار!
وأنتم في طريق جمع المال تذكروا أن تبقوا بشراً!
الكلام الجميل ، والمنشورات الداعمة تنمُّ عن عاطفة نبيلة ، ولكنها لا تُدفىءُ طفلة ترتجف ، ولا تشتري علبة دواء لمريض ،
ولا تلمُّ شمل عائلة تشردتْ ، فتعالوا نُساعد إخواننا ،
ونُحقق فينا قول نبينا صل الله عليه وسلم : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد!