ويضيق صدري ولا ينطلق لساني
ويضيق صدري ولا ينطلق لساني
تخيل أنّ هذه شكوى نبي ، وتخيل أيضًا أن مستمع الشكوى هو الله.
لطالما كانت قصة سيدنا موسى هي الأقرب إلى قلبي لأن مشاعره دائما تشبه مشاعرنا ، ولأن شكواه تشبه تماما ضعفنا البشري!
” وَيَضِيقُ صَدرِي ، وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي.. “، كم مرة ضاق صدرك فعجزت عن الحديث كما يجب ،
كم مرة لم ينطلق لسانك فحُرِمت نعمة التعبير رغم إجادتك التامة له؟
“وَيَضِيقُ صَدرِي ، وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي “
بلاغة مُفعمة ، وتعبير فصيح يليق فعلا أن يقوله نبي.
“.. فَأَرْسِل إِلىٰ هَارُون” ، ونتيجة طيبة تليق أيضًا بتفكير نبي.
رجل مطارد شعر أنه بحاجة للدعم والمواساة فاختار على الفور أن يكون أخوه هو داعمه ،
رغم أن سيدنا موسى لم يكن ضعيفا بل كان نبيا قويا مؤيدا من عند الله ،
لكن عندما يضيق صدره ولا ينطلق لسانه ، مَن سيجيد الحديث نيابة عنه غير أخيه ،
أي لسان يصلح للحديث عما في صدره غير لسان هارون.
في قصته الطيبة أيضًا قوله ﴿أشْدُد بِهِ أَزري وأُشرِكهُ في أمري﴾.
من سيشد أزره كأخيه ، من يحمل همه مثله ، ومن يعز عليه أمر قلبه كقلب هارون.
رغم أنه نبي مؤيد قوي ويتحدث مع الله إلا أنه بكل بساطة يعلن حاجته لأخيه ،
ويطلب من الإله العظيم في مواقف متفرقه أن يعينه الله بوجوده إلى جانبه.
تعلمت من هذه القصة ، أن المرء دون معونة أخيه عدم فما بالك بمن أصبح أخوه عدوًا له.
وأن نبي يدرك نقطة ضعفه ويشكوها لمولاه ثم يسأله العون فنحن إذن أولى بالسؤال والشكوى.
وأنه إذا كانت صدور الأنبياء تضيق بهمومهم وألسنتهم تعجز عن الحديث بآلامهم وتضيق العبارات واللغة أحيانًا بالتعبير عن أفكارهم.
فكيف بالمساكين أمثالنا من لا يهون عليهم حديث إلهي ولا صحبة طيبة كهارون أو قلب فصيح صالح مثله.