مقالات منوعة

يا أمي طلبت منك بنطالا جديدا من أجل العيد

يا أمي طلبت منك بنطالا جديدا من أجل العيد فلم تعيدين ترقيع القديم ، أنتِ إمرأة بشعة كيف تزوجك أبي؟!

يا أمي قلتُ لكِ أنني أشتهي اللحم ، فلماذا طبختِ لنا الفول ثانية ،

ألا نستحق أن تمنحينا بعض اللحم ، أنتِ بشعة كيف تزوجك أبي؟!

يا أمي قلت لك أنني أتمنى أن يكون في بيتنا مدفأة تبعث على الدفء كبيت صديقي حسام ،

أحضانك لا تفي بالغرض كما تزعمين ، أنتِ أم بشعة كيف تزوجك أبي؟!

يا أمي قلت لكِ أنني بحاجة لحذاءٍ جديد ، لماذا تعيدين حياكة القديم ، آه كيف تزوجت هذه المرأة يا أبي؟!

يا أمي قال لي المعلم : دع والدتك تساعدك في استذكار دروسك ،

وعندما أخبرته أنكِ لا تجيدين القراءة والكتابة سخر مني التلاميذ وجعلوني أضحوكة ، يا للبشاعة كيف تزوجت هذه المرأة يا أبي؟!

اليوم مر على رحيلك عشر سنين ، وها أنا يا أمي على مشارف إنهاء المرحلة الجامعية ،

جئت إلى قبرك كي أخبرك كم كنت أحمق وأنا صغير ، وكم كنت جاهلًا لا أقدر النعم ،

ها أنا أتمنى أن ينصرم نصف عمري في مقابل حياكتك لحذائي القديم ، وترقيعك لسراويلي المهترئة.

جئت إلى قبرك اليوم لأخبرك أنني أصبحتُ أفضل أطباق الفول على قطع اللحم اللذيذة ،

وأن دفء أحضانك لا تعادله مائة مدفأة وأنك أم طيبة لم تعلميني شيئًا دراسيًّا أبدًا ،

لكن الحياة بقسوتها علمتني نعمة أن يكون للمرء أم ، ونقمة أن يفقد الواحد منا أمه فهلا عدتي مجددًا؟

من أجلي؟ من أجل طفلك الوحيد ، عودي لأجلي ولو لليلة واحدة ، ليلة واحدة فقط!

أحادثك فيها عن كل وجبة لحم لذيذة طهوتها جائعًا لكني لم آكلها لأنني تذكرت طفلًا صغيرًا يركل بقدمه طبق الفول ،

فتتحجر الدموع في مقلتي أمه لكنها مع ذلك تخبره أنَّ أطباق الفول نعمة سيدرك قيمتها يومًا ما ، وها هو قد أدرك.

إقرأ أيضا: صراع الإنسان مع نفسه

أو لأحكي لك عن شاب اقتنى في الشتاء الماضي مدفأة لكنها منحته الدفء فقط ولم تمنحه الحنان ،

فتوقف عن تشغيلها لأنه بحاجة لأنفاس وأحضان أم ،

أو عن رجل يملك عشرات السراويل لكنه مع ذلك ما زال يحتفظ بواحد مهترئ لأن أمه الطيبة أعادت حياكته ست مرات على مدار عام ،

1 3 4 10 1 3 4 10

لأنها لم تك تملك مالًا يمكنها من اقتناء بنطالًا له ،

فقالت له وهي تحيك بنطاله للمرة السادسة “سامحني ، والله لو أملك لبعت عيني من أجل بنطال واحد لك”.

تسلم عينك يا ماما والله لو أملك أنا لبعتُ عيني من أجل عودتك لي ليوم واحد فقط أقبل فيه قدمك ،

قدمك التي بترها القطار لحظة أن حاولت إنقاذي حال سقوطي من بابه ذات يوم ،

فرحلت أنت بعد الحادث بيومين وبقيت أنا أحلم كل يوم بطفل يسقط من باب القطار ،

وتفديه أمه فينجوان معًا لكنني أصحو فأجده قد نجا وحده!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?