يحدث ليلا في شقة الطلبة الجزء الأخير
يحدث ليلا في شقة الطلبة الجزء الأخير
أخذ يفكر فيما قالته ، فآخر ما رأه هو قيام ذلك الرجل بوضع السكين على عنق الرضيع وبعدها تلاشت الصورة من على سطح المرآة.
بالطبع فرصته في النجاة من الموت لن تتحقق إلا بإنقاذ الطفل ،
اتخذ قراراه لابد أن يفعل ما بوسعه ، فمصيره أصبح مرتبط بمصير الصغير.
أثناء استغراقه في التفكير ، استمع لصرخات إمرأة قادمة من الخارج ، قام بفتح باب المرحاض بحذر ،
استرق النظر من تلك الفرجة الصغيرة وهو مازال مختبئا خلف الباب.
رأى ذلك الرجل نحيل القامة ممساك بالطفل ، وقد وضع السكين على عنقه وهو يوجه حديثه لوالدته قائلا :
توقفي عن الصراخ وإلا قتلته.
ردت السيدة وقد اعتراها الخوف الشديد خشية فقد صغيرها وردت قائلة : أرجوك لا تؤذيه وسوف أفعل كل ما تريد.
بدأ الرجل يتحرك بخطوات متباطئة حاملا الصغير باتجاه باب الشقة حتى يتمكن من الفرار ،
بينما أخذت والدته تتوسل إليه أن يتركه وشأنه.
شعر أن هذا هو الوقت المناسب ليتدخل وإلا أضاع الفرصة الأولى من يديه ،
فتح باب المرحاض على مصرعيه ، توجه مسرعا نحوهم.
تفاجئوا من وجوده ، كانت أكثرهم دهشة الخادمة ، أخذت تنظر إليه بتعجب وهي تتسأل فيما بينها ،
من هذا وكيف دخل للشقة دون أن تلاحظه؟
بينما توقف عشيقها عن التقدم نحو الباب ، وأخذ يدير عينيه بينه وبين الخادمة ،
وما لبث أن وجه سؤاله لها مستفسرا عنه ، ردت تلك الأخيرة بأنها لا تعلم من هو ومن أين أتى.
بلغ الغضب بالسيدة مبلغه وقد اختلطت بمشاعر الخوف على صغيرها ، وتحدثت بإنفعال موجهه حديثها للخادمة قائلة :
يالك من ساقطة ، لقد حولتي بيتي لوكر تقابلين فيه عشاقك.
إقرأ أيضا: قصة واقعية حقيقية فيها من العجب!
إنتقلت حالة الغضب لعشيقها الممسك بالطفل والذي بدى عليه أنه بدأ يشك في أمرها ،
وسألها بغضب للمرة الثانية محاولا معرفة هويته.
وجدها فرصة رائعة فقرر استغلالها ، بعدما تسرب الشك لقلب العشيق وأبعد يده الممسكة بالسكين عن عنق الصغير ،
بعدما تملك منه الغضب وبدأ يقتنع أن الخادمة تخونه بالفعل ، فاقترب منه وهو يخاطبه قائلا :
نعم لقد اتفقنا على الزواج بعدما نتخلص منك ومن تلك المرأة.
قالها وهو يشير لوالدة الطفل ، فلقد رسم خطته البسيطة على أن يحاول الوقيعة بين العشيق والخادمة ،
مما سيجعل العشيق يصب جام غضبه على حبيبته الخائنة ، وينسى أمر الصغير للحظات هي كل ما هو بحاجة إليه ليتمكن من إنقاذه.
بالفعل حدث ما أراده ، قام العشيق بوضع الطفل على الأريكة، وبدأ في التحرك نحو الخادمة التي أخذت تقسم بأغلظ الأيمان ،
أنها بريئه وليس لها علاقة به ، لكنه لم يستمع إليها بعدما أعمي الغضب قلبه.
رفع العشيق السكين التي يحملها وسار باتجاه الخادمة وهو يخاطبها بأنه لابد أن يقتلها ،
بعدما علم بخيانتها وبعدها سوف يتخلص منه هو أيضا.
كان هذا بالضبط ما يهدف إليه ، ما أن شعر أن الرجل ابتعد بمسافة كافية عن الصغير ،
وتراجعت والدته للخلف خوفا من أن يقدم على قتلها هي الأخرى.
حتى انطلق مسرعا نحو الصغير ، قام بحمله بين ذراعيه وانطلق بسرعة نحو باب الشقة ، قام بفتحه على عجل ،
نظر للخلف ليطمئن أنه أصبح بعيدا عن الرجل الذي أصابته الحيرة وفطن للخدعة التي وقع بها ،
حاول ذلك الأخير اللحاق به ، ولكنه أسرع بإغلاق الباب خلفه.
فجأة وجد نفسه واقفا في المرحاض من جديد في مواجهة المرآة التي كتب عليها باللون الأسود ، لقد فشلت فى المحاولة الأولى.
إقرأ أيضا: رن هاتفي فإذا بي أسمع صوت بكاء أم صديقتي
إنتابته الحيرة ، لقد كان المطلوب منه أن ينقذ الطفل وقد فعل ، لما تخبره بأنه فشل.
أين الخطأ الذي ارتكبه ، كاد يجن من التفكير ، إذن هناك شيء لم يفهمه.
حاول أن يراجع حديثها إليه مرارا لعل يكون هناك بعض الكلمات تحمل أكثر من معنى وقد التبس عليه الأمر ،
لكن حديثها كان واضحا وضوح الشمس لقد أخبرته أن يقوم بإنقاذ الطفل وقد فعل أين الخطأ أذن؟
بعد الكثير من التفكير ، اتخذ قراره أن يقوم تلك المرة بإنقاذ السيدة وإخراجها من الشقة،
فليس هناك سواها هي والطفل ، وبما أن إخراجه للطفل كان خطأ فليس أمامه خيار أخر سوى إنقاذها هي.
للمرة الثانية سمع صرخات السيدة قادمة من الخارج ، قام بفتح باب المرحاض بحذر ،
إسترق النظر من تلك الفرجة الضيقة بينما ظل مختبئا خلف الباب.
رأى الرجل النحيل ممسكا بالطفل ، وقد قام بوضع السكين على عنقه ، وهو يوجه حديثه لوالدته قائلا :
توقفى عن الصراخ وإلا قتلته.
ردت السيدة وقد تملك منها الخوف بشدة خوفا على حياة صغيرها وخاطبته قائلة :
أرجوك لا تؤذيه وسوف أفعل كل ما تريد.
بدأ الرجل يتحرك بخطوات متباطئة باتجاه باب الشقة حاملا الصغير ، بينما أخذت والدته تتوسل إليه أن يتركه.
مثلما حدث فىي المرة السابقة ، قام بفتح باب المرحاض واتجه مسرعا نحوهم.
دارت الأحداث كما حدث في المحاولة السابقة تماما.
تفاجأ الرجل من تواجده ، بدى الإضطراب واضحا على وجهه ، أسرع باتجاه الباب محاولا الفرار.
تقدمت السيدة بضع خطوات باتجاه الرجل وهى تتوسل إليه أن يترك رضيعها وسوف تصمت ولن تخبر أحد بما حدث.
رفع يده الممسكة بالسكين ووجه النصل الحاد باتجاهها وهو يخاطبها أن تتوقف في مكانها وإلا نفذ تهديده وقام بقتل الصغير.
لم يستطع الرجل فتح الباب بسهولة ، أدار عينيه نحوه للحظات ليتبين ما يعيقه عن الفتح ،
محاولا فتحه بيده القابضة على السكين ، وجدتها الأم فرصة سانحه لتركض مسرعة باتجاهه محاولة إنتزاع الطفل منه.
إقرأ أيضا: لا تزال مراهقة
كان رد فعله أسرع منها ، حيث أدار عينيه باتجاهها ،
رفع يده الممسكة بالسكين عاليا محاولا إبعادها عن طريق توجيه طعنة لصدرها.
تراجعت للخلف بسرعة فى محاولة منها لتفادي الضربة ، فتعثرت قدماها وسقطت أرضا.
ألقى الرجل الطفل أرضا بلا ذرة رحمة ، وانحنى ليوجه طعنة لصدرها.
ركض هو مسرعا باتجاههما ، قام بالإمساك بمعصم الرجل الذي يحمل السكين ،
في محاولة منه لإنقاذ السيدة ، فحياته أصبحت متوقفة على إنقاذها.
أمسك بمعصم الرجل بكلتا يديه محاولا منع النصل الحاد من الوصول لصدر السيدة ،
لكن يبدو أن ذلك الرجل يمتلك خبرة كبيرة في استخدام الأسلحة البيضاء ، فقام بتبديل السكين من اليد اليمنى لليسرى ،
وفى لمح البصر قام برفع النصل لأعلى وقبل أن يدرك الشاب ما يحدث ، كان السكين قد أصاب صدره.
فجأة وجد نفسه يدور كما حدث في بداية خوضه لتلك التجربة ،
وأصوات الصراخ تتعالى من كل صوب ، تحيط به الكثير من الوجوة ، بالإضافة لضحكات تلك العجوز الشمطاء.
لم تمر بضع ثواني حتى وجد نفسه قد عاد مرة أخرى للمرحاض فى الشقة التي كان بها في البداية.
نظر للمرآة فوجد مكتوبا عليها بنفس اللون الأسود ، (تكمن النجاة في التضحية بالنفس من أجل الأخرين).
أخذ يفكر فيما قرأ ، هل معنى هذا أن تضحيته بنفسه ومحاولته إنقاذ تلك المرأة كانت سببا فى نجاته ،
ولكنها أخبرته في البداية أن يقوم بإنقاذ الطفل لا إنقاذها هي.
بالرغم من فرحته بعودته سالما ، إلا أن الفضول كاد أن يقتله ، يريد أن يفهم.
تبدد بداخله كل شعور بالخوف ليحل محله فضول لا حدود له ،
فعندما طعنه ذلك الرجل بالسكين في صدره شعر للوهلة الأولى بأن روحه تفارق جسده ،
وربما كان هذا أصعب ما مر به منذ دارت تلك الأحداث الغريبة.
إقرأ أيضا: رسب أحد الطلاب في مادة التعبير
لم تدم حيرته طويلا ، إذ تبدل سطح المرآة لتختفي الكلمات المكتوبة عليها ويحل محلها مشهد الرجل وهو يضع السكين على عنق الطفل ،
والأم ترجوه أن لا يلحق الضرر بصغيرها.
خاطب الرجل الخادمة قائلا : قومي بتكبيل يديها خلف ظهرها ، ولتكممي فمها بسرعة.
وعاد يوجه حديثه للسيدة قائلا : إذا ارتفع صوتك بالصراخ ، أو حاولتي مقاومتها ، فالتدعي لطفلك بالرحمة.
ردت قائلة : أقسم لك بأنني سأفعل كل ما تريد ، لكنني أتوسل إليك أن تترك الطفل وشأنه.
وأكملت حديثها قائلة : إذا أردت أن تتخلص مني خوفا أن أتحدث فالتفعل ، لكنني أتوسل إليك أن تترك الصغير.
أشار لها الرجل باصبعه الذي قام بوضعه أمام فمه في إشارة لها أن تلتزم الصمت ، ففعلت.
عادت الخادمة وقد أحضرت قطعتين من الملابس ، قامت بتكبيل يدها بواحدة ،
وقامت بوضع الأخرى على فمها لمنعها من الصراخ.
بعدما انتهت أمسكت بأيدي السيدة المكبلتين محاولة نزع ما ترتديه من ذهب ، تفاجأ الرجل بما تقوم به ،
لكنه شعر بالرضا في قرارة نفسه ، ما أن انتهت الخادمة من أخذ الذهب ، حتى خاطبت الرجل قائلة :
يجب أن نتخلص منها حتى لا يعلم أحد بما فعلناه.
بدى التردد واضحا على وجهه ، إذ لم يكن ينوي أن تصل الأمور لهذا الحد ،
فقد كان إمساكه بالطفل مجرد تهديد لا أكثر حتى يجعلها تصمت.
شعرت الخادمة بتردده ، فاقتربت منه ، أمسكت بالسكين الذي يحمله ، نزعته منه بالقوة ، بينما كان هو مازال ممسكا بالطفل.
أمسكت الخادمة بالسكين واستدارت باتجاه سيدتها ثانية ، حاولت تلك الأخيرة الفرار ، لكن الخادمة عاجلتها بطعنة أصابت ظهرها ،
فصرخت بصوت مكتوم ، فعاجلتها الخادمة بثلاث طعنات سريعة سقطت على اثرها السيدة أرضا والدماء تنزف منها بغزارة.
إقرأ أيضا: المتسول الأخرس في لبنان
لم يصدق الرجل ما حدث فقام بوضع الطفل على الأريكة المتواجدة بالقرب منه ، واتجه مسرعا نحو الباب طالبا الفرار ،
تبعته الخادمة على عجل ، خرج الإثنان من الشقة ، بينما ارتفع صراخ الطفل الصغير ليشق سكون الليل.
تبددت الصورة من على سطح المرآة وقد عادت لطبيعتها الأولى.
بعدما رأى ما حدث أدرك كل شيء ، فهم أن المرأة التي كانت تتشح بالسواد التي كان يراها فى المرآة ،
ما هي إلا تلك السيدة التي تم قتلها ،
وبالتأكيد روحها تهيم في المكان الذي تم قتلها به ،
متمنية لو أن ما حدث لها لم يكن ، لذا أدخلته في الأحداث لعلها تشعر ببعض الراحة إذا ما قام بتغيير الواقع الذي حدث.
فهم كذلك أنها عندما أخبرته بأن يقوم بانقاذ الطفل كانت تهدف لإنقاذ نفسها ،
إذ كيف لرضيع في ذلك العمر أن يعيش بعدما فقد والدته ، كما أنها قامت بالتضحية بنفسها لكي تنفذ صغيرها من الموت ،
وقد فعل هو نفس الشيء معها عندما حاول التضحية بنفسه من أجل إنقاذها.
بعدما تجمعت كل الخيوط بداخل عقله ، شعر براحة كبيرة تسري بداخله ، عاد ينظر للمرآة مرة أخرى ، فوجد مكتوبا عليها (لروحك النقية السلام).
شعر بأن ذلك الكابوس قد انتعى إلى غير رجعة ، قام بغسل وجهه وبينما كان يهم بالخروج من المرحاض ، سمع صوت صديقاه وقد عادا.
قام بسؤالهما عن سبب تأخرهما ، فأجابه أحدهما إنهما لم يستغرقا أكثر من عشر دقائق.
بينما سأله الثاني بحذر قائلا : هل هناك ما حدث أثناء غيابنا؟
ابتسم بهدوء وهو يرد قائلا : لا لم يحدث شيء على الإطلاق ،
اطمئنا فأنا أشعر يقينا بأن تلك الأصوات لن تعود مجددا لتؤرق مضجعنا.
جلس الثلاثة لتناول الطعام ، وقضوا ليلتهم في هدوء يستذكرون دروسهم ، وعند الواحدة صباحا قرروا أن يخلدوا للنوم.
ما أن قاموا بإطفاء الأنوار واضجع كل منهم على فراشه ، حتى سمعوا صرخات عالية لطفل صغير تشق سكون الليل.